ممنوع تظاهر أكثر من شخص في موسكو

الشرطة تفعل بندا غريبا في القانون في مساعيها لمنع مظاهرات منددة باعتقال معارض بارز

نائب رئيس الوزراء الروسي الأسبق بوريس نيمتسوف
TT

على مدار الأيام الثلاثة الماضية، وبعد اعتقال بوريس واي. نيمتسوف، وهو رجل معارضة بارز، في مسيرة حاشدة عشية العام الجديد، بدأت لعبة القط والفأر في شوارع موسكو، التي لا تزال مزينة بزينات الأعياد.

وتحاول جماعات شبانية موالية للكرملين إحباط نذر كان أعضاء المعارضة قد قطعوه على أنفسهم بالاعتصام يوميا خارج مبنى مدينة موسكو والسجن الذي يحتجز فيه نيمتسوف، الذي كان أول نائب رئيس وزراء في حكومة الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسن، وعدد قليل من زعماء المعارضة الآخرين.

وبموجب بند غريب في القانون الروسي بخصوص المسيرات والمظاهرات، تبدو ما تسمي بـ«الاعتصامات الفردية» قانونية دون الحصول على تصاريح، والتي نادرا ما تحصل عليها المعارضة. ويمكن أن يحمل متظاهرون فرديون، يقفون على بعد ثلاثين قدما أو ما يقارب ذلك، لافتات في العلن. ووفقا لتفسيرات الشرطة الروسية للقوانين، يمكن أن يتعرض أي متظاهرين يقفان معا للاعتقال، حتى وإن كانا من جوانب متعارضة للطيف السياسي. وهذا ما يفسر سبب وقوف ألا كوزنتسوفا، وهي مدرسة كيمياء بإحدى المدارس العليا، بمفردها في جادة سيمفروبول أول من أمس وهي تنظر بعصبية أعلى وأسفل الرصيف وتبدو قلقة بشدة إزاء عدد قليل من ضباط الشرطة الذين كانوا يقفون على بعد أميال قليلة منها. وبنظرة نهائية للتأكد من عدم وجود أي فرد حولها، استجمعت كوزنتسوفا شجاعتها وسارت في خط مستقيم وصولا إلى قوات الشرطة. وقالت كوزنتسوفا: «أريد أن أعبر عن رأيي الشخصي الخاص». وأضافت: «لا أرغب في أن يقترب الناس مني».

ومع انعكاس أشعة الشمس بشكل متألق على الملايين من المرايا البلورية الثلجية الصغيرة في يوم الشتاء القاتم هذا، كشفت كوزنتسوفا عن لافتة ورقية مكتوب عليها: «الحرية للمعتقلين السياسيين». ولكن، بمجرد أن فعلت كوزنتسوفا ذلك، جرى شاب على طول الرصيف وبدا أنه خرج من العدم، ووقف بسرعة في محطة على الجليد على بعد أقدام قليلة من كوزنتسوفا. ورفع وهو يبتسم لافتته الشخصية المكتوب عليها: «الأشغال الشاقة لـ(نيمتسوف)!».

إنه مشهد تكرر كثيرا خلال الأسبوع الحالي. وحتى وقتنا هذا، تم اعتقال العشرات من متظاهري المعارضة بعد أن مشى ناشطون شبان موالون للكرملين بجانبهم في الشارع. ومن الناحية القانونية، كان يجب أن يتم اعتقال النشطاء الموالين للحكومة أيضا، ولكن جماعات المعارضة تقول إنهم لا يتعرضون للاعتقال بصفة رسمية دائما.

وخلال يوم الثلاثاء الماضي، على سبيل المثال، تم اعتقال 24 من نشطاء المعارضة و10 شبان موالين للكرملين. وفي يوم الأربعاء، اعتقلت قوات الشرطة ثلاثة نشطاء للمعارضة فقط وستة أفراد أو أكثر من المعسكر الموالي للحكومة، جزئيا بسبب جهود متظاهري المعارضة لتجنب النشطاء الشبان.

وكان نشطاء حقوقيون روس وحكومات أجنبية على حد سواء ينظرون إلى هذه الحالة الشاذة للأمور في الأيام الأولى من عام 2011 ببعض الفزع. وأصدر البيت الأبيض بيانا أدان خلاله اعتقال نيمتسوف، وقالت منظمة العفو الدولية يوم الثلاثاء الماضي إنها تعتبره وزعماء معارضين آخرين «سجناء ضمير». وقال أندريا هوبر، مدير منظمة العفو الدولية لمنطقة أوروبا ووسط آسيا في بيان صحافي: «ولكن مجددا، فشلت السلطات الروسية في التزاماتها بحماية حقوق حرية التجمع، وهو حق يكفله الدستور الروسي». ويمثل الحظر على التجمعات خطوة إلى الوراء بالنسبة لروسيا، بعدما اتضح أن هناك تحسنا خلال فصل الخريف، عندما منحت السلطات فجأة تصاريح بالتجمعات تم حظرها لعدة شهور. ولكن بعد تفجر العنف القومي خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أشار رئيس الوزراء فلاديمير بوتين إلى أن سياسات الشارع سوف يتم تقليصها مجددا بشكل حاد.

ويقول أعضاء من جماعة «التكافل» المعارضة الذين يتميزون بالشجاعة، حتى الآن على الأقل، إنهم سوف يعتصمون كل يوم إلى أن يتم الإفراج عن زعمائهم. ولكن الجماعات الشبانية تصعب من هذا الأمر.

وبعد فترة وجيزة من بدء مظاهرات يوم الأربعاء الماضي، كان يمكن رؤية رجال ونساء شابات في الجماعات الشبانية الموالية للحكومة وهم يتشبثون بنشطاء المقاومة، أحيانا بنظام المواجهة اللصيقة وأحيانا بعمل مناطق تجمعات على الأرصفة، لذا لم يكن ناشطو المعارضة بمفردهم تقريبا على الإطلاق.

وبعدما تحرك الرجل الشاب على مقربة من كوزنتسوفا، صرخ قائد شرطة: «هذا هو، اعتقلوهم!». ولكن كوزنتسوفا أغلقت لافتتها، وقامت بثنيها إلى نصفين، في الوقت المناسب تماما. ولذلك، لم يتم اعتقالها.

ولكن بعد ذلك، اقتفت امرأة شابة أثر كوزنتسوفا طوال هذا الحدث الذي استمر لمدة طويلة. ووقتها قالت المدرسة مجددا ومجددا: «ابتعدي عني، يا ابنتي». وقالت المرأة: «لا، سوف أقف بجانبك»، مضيفة أن من حقها الوقوف في المكان الذي تحبه على الرصيف.

* خدمة «نيويورك تايمز»