أوباما يتجه لتعيين سبيرلنغ كبير مستشاريه الاقتصاديين

ديمقراطي وسطي يعود لمنصب شغله في عهد كلينتون

TT

كان مقررا أن يعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس عن تعيين جين سبيرلنغ كبيرا للمستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض، وذلك في إطار تغييرات أقدم عليها أوباما لمواجهة الوضع الجديد الناجم عن استعادة الجمهوريين لغالبيتهم في مجلس النواب وتأهبا لحملة انتخابات الرئاسة عام 2012.

ويخلف سبيرلنغ، 52 عاما، لورانس سامرز الذي أعلن آخر الصيف الماضي رغبته في استعادة وظيفته كأستاذ جامعي بعد أن عمل على خطة الإنعاش الاقتصادي المكثفة التي اعتمدت خلال الأسابيع الأولى من رئاسة أوباما مطلع 2009.

وسيكون على المدير الجديد لـ«المجلس الاقتصادي الوطني» الاستمرار في توجيه الرئيس للخروج من آثار الانكماش (2007 - 2009) التي لا تزال تثقل على سوق الوظيفة والتي أسهمت في خسارة الديمقراطيين أغلبيتهم في مجلس النواب في الانتخابات التشريعية الأخيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبهذا يعود سبيرلنغ إلى نفس المنصب الذي كان يتولاه في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون. وحتى إذا كان الاقتصاد في سنوات كلينتون (1993 - 2001) مختلفا جذريا مع نسبة نمو قوية ومعدل بطالة منخفض، فإن سبيرلنغ سيجد نفسه في وضع مألوف له كمعاون لرئيس ديمقراطي في مواجهة أغلبية تشريعية جمهورية. وكان سبيرلنغ تولى منصب مدير مجلس الاقتصاد الوطني في خلال ولاية كلينتون الثانية بعد أن كان مساعدا لمدير المجلس. وأجرى مفاوضات مكثفة مع الأغلبية الجمهورية آنذاك بشأن سلسلة من السياسات الاقتصادية ومن بينها تحقيق التوازن في الميزانية، الأمر الرئيسي بالنسبة لأوباما. كما عمل على وضع اتفاقية «إلينا» لحرية التبادل مع المكسيك وكندا عام 1994 وشارك في المفاوضات التي سبقت انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001 بالتعاون مع وزير الخزانة آنذاك لورنس سامرز.

وسبيرلنغ المعروف بأنه ديمقراطي وسطي كان يعمل حتى تعيينه في منصبه الجديد مستشارا رئيسيا لوزير الخزانة تيموثي غايتنر كما كان من مهندسي التسوية الضريبية بين أوباما والجمهوريين مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي التي أثارت حفيظة جزء من اليسار الديمقراطي. وكان سبيرلنغ، وهو من مواليد آن أربور في ولاية ميتشيغان، وحائز على دكتوراه في القانون من جامعة ييل العريقة ضمن فريق حملة هيلاري كلينتون للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة في مواجهة أوباما عام 2008. وفي اتجاه غير مألوف لرجل سياسي وضع سبيرلنغ سيناريوهات 4 حلقات من مسلسل «البيت الأبيض» (1999 - 2006) المستوحى جزئيا من ولايتي كلينتون.

ويأتي تعيين سبيرلنغ في إطار تغييرات أقدم عليها أوباما إثر عودته من عطلة رأس السنة، وشملت حتى الآن تعيين الوزير السابق ويليام ديلي، كبيرا لموظفي البيت الأبيض، خلفا لرام إيمانويل الذي كان استقال من منصبه في نهاية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتوقفت الصحافة الأميركية كثيرا عند لجوء أوباما إلى ديلي، من حيث خلفية الرجل المختلفة عن العاملين الآخرين مع أوباما.

ولاحظت تقارير أميركية أن غالبية المناصب العليا في البيت الأبيض كانت توكل إلى شخصيات عملت مع أوباما منذ حملة انتخابه للرئاسة عام 2008. ورأت أنه على الرغم من أن أوباما وديلي تربطهما «خلفية شيكاغو» المشتركة، فإن الرئيس الجديد لموظفي البيت الأبيض يعد خارجا عن عالم أوباما وبالتالي فإن بصمته ستكون مختلفة في البيت الأبيض. ويعتقد محللون أن أوباما يحتاج إلى أصحاب خبرات جديدة مثل ديلي، للتعامل مع الغالبية الجمهورية الجديدة في مجلس النواب والأقلية الجمهورية المعززة في مجلس الشيوخ، وأيضا للإعداد لحملة انتخابات رئاسية ستكون شديدة التنافس. وكتبت صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير لها أمس حول الموضوع، أن ديلي، يوفر، حسب آراء شخصيات تعرفه، الكثير مما يحتاج إليه الرئيس في المرحلة المقبلة. ونقلت الصحيفة عن كين دوبرشتاين، كبير موظفي البيت الأبيض في عهد رونالد ريغان، والذي التقى أوباما الشهر الماضي، أن ديلي «هو الشخص المناسب في الوقت المناسب للرئيس أوباما».

لكن تعيين ديلي، القادم من خلفية ديمقراطية وسطية وأخرى مالية (كان من كبار موظفي بنك جي بي مورغان) أثار حفيظة بعض الليبراليين. وقال جاستن روبن، المدير التنفيذي لمؤسسة «موف أون أورغ» في بيان: «فيما تجني وول ستريت أرباحا قياسية ووسط مواصلة الطبقة الوسطى من الأميركيين معاناتها من الانكماش العميق، فإن إعلان تعيين ويليام ديلي، صاحب الروابط القوية مع البنوك الكبرى والشركات الكبرى، لقيادة موظفي البيت الأبيض، يعد أمرا مثيرا للقلق ويبعث رسالة خاطئة إلى الشعب الأميركي».