مشروع أميركي أقره أوباما يؤخر إغلاق غوانتانامو

مدعون أميركيون يطلبون السجن مدى الحياة لمتهم في تفجير السفارتين.. وأستراليا تعوض حبيب

TT

طالب مدعون أميركيون قاضيا بمعاقبة أول محتجز في غوانتانامو يمثل أمام محكمة مدنية، بالسجن مدى الحياة، وقالوا إن التنزاني أحمد خلفان غيلاني، المشتبه في تورطه في الإرهاب، طلب الرأفة لأنه تعرض للتعذيب. وكانت هيئة محلفين أميركية وجدت في نوفمبر (تشرين الثاني) أن غيلاني، (36 عاما)، غير مذنب في جميع التهم الموجهة إليه باستثناء تهمة واحدة، في أعقاب محاكمة استمرت خمسة أسابيع في نيويورك. واتهم غيلاني بالتآمر مع «القاعدة» في تفجير سفارتين أميركيتين في شرق أفريقيا في عام 1998، أسفرا عن سقوط 224 قتيلا. ومن المقرر أن يصدر لويس كابلان، القاضي في محكمة جزئية أميركية، حكما على غيلاني في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي، ويواجه عقوبة بالسجن لمدة 20 عاما كحد أدنى. وكان غيلاني فر إلى باكستان قبل التفجيرين مباشرة، حيث ألقي القبض عليه في وقت لاحق في يوليو (تموز) 2004 وجرى تسليمه إلى وكالة المخابرات المركزية الأميركية كمقاتل أجنبي. واحتجزته الوكالة في مكان سري لأكثر من عامين. وقال محاموه إنه تعرض للتعذيب مرارا خلال تلك الفترة. ونقل غيلاني إلى خليج غوانتانامو في أواخر عام 2006 ونقل إلى نيويورك في يونيو (حزيران) عام 2009 لمحاكمته. وقال المدعون، استنادا إلى المستندات التي قدمت للمحكمة أمس، إن غيلاني بعث برسالة إلى سلطات المراقبة الأميركية يطلب منهم التوصية بتخفيف العقوبة لأنه تعرض لإساءة المعاملة في الحجز الأميركي. وأفادت وثائق المحكمة بأنه طالب أيضا باستعمال الرأفة، لأنه قدم معلومات للمحققين الأميركيين. لكن مكتب المراقبة والمدعين الأميركيين قالوا إن قسوة الجريمة يجب أن تجب أي عوامل أخرى، نظرا لأن غيلاني كان مشاركا رئيسيا في الخلية الإرهابية التابعة لـ«القاعدة» التي قتلت مئات الأشخاص.

وأدين غيلاني بتهمة واحدة بالتأمر للإضرار بممتلكات أميركية أو تدميرها باستخدام متفجرات، وبرئت ساحته من 284 تهمة أخرى بالتآمر والقتل. ووجدت هيئة المحلفين في قرارها أن تصرفات غيلاني أدت بشكل مباشر إلى مقتل شخص آخر غير شريكه في المؤامرة، وهي تهمة مترتبة على الاتهام الرئيسي. وتجرى مراقبة محاكمة غيلاني عن كثب، باعتبارها اختبارا لنهج الرئيس الأميركي باراك أوباما للتعامل مع 173 شخصا يشتبه في تورطهم في الإرهاب محتجزين في سجن عسكري أميركي في خليج غوانتانامو في كوبا. وقدم فريق الدفاع عن غيلاني أمس الجمعة أوراقا تتعلق بعقوبته، ولكن أحيطت بالسرية لأنه يفترض أنها ترتبط بتفاصيل عن معاملة غيلاني وهي سرية. إلى ذلك، وقع الرئيس الأميركي باراك أوباما على مضض على مشروع قانون يحظر نقل المشتبه فيهم المحتجزين في سجن خليج غوانتانامو إلى الولايات المتحدة لمحاكمتهم في انتكاسة لآمال الإغلاق السريع لمعتقل غوانتانامو. وقال أوباما إنه لم يكن أمامه خيار سوى التوقيع على قانون الاعتماد الدفاعي للسنة المالي 2011، موضحا أنه سيقاتل من أجل إلغاء الصياغة الواردة في القانون والتي تعرقل المحاكمات المدنية بالولايات المتحدة للمشتبه في أنهم إرهابيون في غوانتانامو. وقال أوباما في بيان: «على الرغم من اعتراضي القوي على تلك البنود التي تعارضها إدارتي بشكل مستمر، فقد وقعت على هذا القانون بسبب أهمية إجازة الاعتمادات من بين أمور أخرى لأنشطتنا العسكرية في 2011». وتعهد أوباما بإغلاق ذلك السجن العسكري الأميركي في خليج غوانتانامو بكوبا والذي أثار إدانة دولية، بسبب أسلوب معاملة المعتقلين، ولكنه واجه مقاومة شرسة في الداخل.

ويتضمن مشروع القانون بنودا تمنع تمويل نقل المشتبه فيهم من سجن غوانتانامو في كوبا إلى الولايات المتحدة. ويحد أيضا القانون من استخدام أموال معينة لإرسالهم إلى دول أخرى ما لم تتوافر شروط معينة. وقال أوباما إن «محاكمة الإرهابيين في محكمة اتحادية وسيلة ناجعة في جهودنا لحماية البلاد ولا بد أن تكون من بين الخيارات المتاحة لنا. أي محاولة لحرمان الفرع التنفيذي من هذه الوسيلة تقويض جهود بلادنا لمكافحة الإرهاب». وتنتهي هذه البنود في 30 سبتمبر (أيلول) في نهاية السنة المالية الحالية. وما سيحدث في تلك المرحلة يعتمد على ما يقرره الكونغرس بشأن الاعتماد الدفاعي. وحتى ذلك الحين، سيجعل هذا القانون من الصعب جدا على إدارة أوباما مواصلة المحاكمات الجنائية للمشتبه في أنهم إرهابيون، ومن بينهم خالد شيخ محمد الذي أعلن أنه العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر والذي من المقرر أن يواجه محاكمة في مدينة نيويورك. وقال أوباما إن إدارتي ستعمل مع الكونغرس للسعي إلى إلغاء هذه القيود وستسعى إلى تخفيف آثارها، وستعارض أي محاولة لتمديدها أو زيادتها في المستقبل. وكان أوباما قد تعهد في حملته للرئاسة عام 2008 بإغلاق سجن غوانتانامو. وما زال يوجد 174 معتقلا في غوانتانامو وينتظر نحو 36 المحاكمة، إما أمام محاكم جنائية أو محاكم عسكرية بالولايات المتحدة. وطالب الجمهوريون بإجراء هذه المحاكمات في غوانتانامو. وقال أوباما في كلمة ألقاها في مايو (أيار) 2009 وأكد فيها تعهده بإغلاق غوانتانامو إن «هناك حاجة لاعتقال مطول لبعض المشتبه في أنهم إرهابيون والذين لا يمكن محاكمتهم ولكنهم يشكلون تهديدا للأمن». ويقول مسؤولون أميركيون إنه لا يمكن إجراء محاكمات في بعض القضايا لأن الأدلة الموجودة تم الحصول عليها من خلال التعذيب أو أنها سرية. وقال مسؤول بالإدارة الأميركية إن الرئيس أوضح أنه سيتبع النظام، وأوضح: «مثلما أوضح قادتنا العسكريون أن إغلاق غوانتانامو أمر ملح بالنسبة للأمن الوطني»، من جهة أخرى أكدت جوليا جيلارد، رئيسة وزراء أستراليا، أمس، أن ممدوح حبيب المعتقل السابق بسجن قاعدة غوانتانامو وافق على إسقاط قضيته المرفوعة ضد الحكومة الأسترالية في مقابل مبلغ مالي لم يتم الكشف عنه. وتعهد حبيب المصري المولد بمقاضاة أستراليا عن استجوابات في باكستان ومصر وأفغانستان والقاعدة العسكرية الأميركية في كوبا، زعم أنه تم تخديره خلالها وتعريضه لصدمات كهربائية وتهديده بتعريضه لاعتداءات جنسية من جانب الكلاب، وتعليقه من قدميه بحضور المسؤولين الأستراليين. وقالت جيلارد: «ليس من مصلحتنا الدخول في عملية مقاضاة طويلة، ولذلك فقد تمت تسوية القضية»، بينما رفضت الكشف عن المبلغ المالي الذي قبل حبيب الحصول عليه في المقابل. وكان حبيب موجودا في باكستان عندما تم إلقاء القبض عليه غداة الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 في الولايات المتحدة. وبرر حبيب وجوده في باكستان في ذلك الوقت بالبحث عن مدرسة إسلامية لأبنائه المولودين في أستراليا. وكانت السلطات الأميركية قد أفرجت عن حبيب من سجن قاعدة غوانتانامو الأميركية دون توجيه اتهامات إليه عام 2005. ونفت أستراليا أي دور لها في عملية اعتقال حبيب أو عمليات التعذيب التي زعم التعرض لها في أثناء فترة اعتقاله.