مصر تهدد باستعادة «مسلة كليوباترا» من نيويورك

حواس لـ «الشرق الأوسط»: تلقيت خطابات وصورا من مواطنين أميركيين تكشف حجم التدهور في الكتابات والنقوش

TT

هدد زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر باسترداد مسلة في سنترال بارك التي تعرف بين الأثريين باسم «إبرة كليوباترا» إذا لم تتخذ مدينة نيويورك خطوات لترميمها.

وقال حواس لـ«الشرق الأوسط»: لقد أرسلت رسالة الأسبوع الماضي إلى مايكل بلومبيرغ رئيس بلدية نيويورك أكدت فيها أن المسلة الحجرية تأكلت بشدة بسبب الطقس خلال القرن الماضي من دون بذل أي جهد للحفاظ عليها. وتقف المسلة التي شيدت لتكريم الملك تحتمس الثالث خلف متحف المتروبوليتان للفنون منذ 1881. والمسلة واحدة من ثلاث مسلات يبلغ ارتفاعها 21.6 متر وتعرف باسم «إبرة كليوباترا». وتوجد المسلتان الأخريان في لندن وباريس. ويعود تاريخ بناء المسلة إلى 3500 عام تقريبا ومنحها مسؤول في مصر إلى الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر.

وقال حواس إن مسلة نيويورك أهم مسلة من العالم القديم خرجت من مصر، وقال إن المسلة نقلت إلى نيويورك خلال 112 يوما، ونقلت إلى الإسكندرية بعد 20 عاما من وفاة آخر ملوك البطالمة كليوباترا، ويعتقد أن الملكة المصرية هي التي أمرت بنحتها قبل وفاتها.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه تلقى صورا فوتوغرافية من مواطنين أميركيين هما ريتشارد بروس ودوروثي ماكارثي تكشف الحالة المتدهورة للمسلة، وإن الكتابة الهيلوغريفية قد محيت تماما من أماكنها. وأوضح أن المفترض أن يرد رئيس بلدية نيويورك بطريقة علمية منهجية بخطاب خاص من المرممين الذين أشرفوا على علاج المسلة.

وكتب حواس في خطابه قائلا إنه يقع على عاتقه حماية جميع الآثار المصرية سواء كانت داخل مصر أو خارجها. وأضاف حواس أنه إذا كانت هيئة صيانة سنترال بارك ومدينة نيويورك لا يمكنهما توفير الحماية اللازمة لهذه المسلة فإنه سيتخذ الخطوات اللازمة لاستعادة هذه القطعة الأثرية الثمينة وإنه سينقذها من الدمار.

من جهته قال جوناثان كوهن مدير الفن والآثار في قسم حدائق نيويورك لموقع «دي إن إنفو» الإخباري المحلي إنه لا يوجد دليل على أي تأكل خطير مستمر. وقال كوهن إن دراسة لمتحف المتروبوليتان في الثمانينات وجدت أن الجرانيت كان خاملا إلى حد بعيد وأن الضرر الذي لحق بالنقوش وقاعدة الأثر حدث في الماضي البعيد.

وقال لـ«دي إن إنفو»: نعمل في السنوات الأخيرة مع متحف المتروبوليتان وهيئة صيانة سنترال بارك لمزيد من التحليل لحالة المسلة ومراقبة حالتها.

يُذكر أن مسلة كليوباترا موجودة في حديقة سنترال بارك أكبر حدائق مانهاتن في مدينة نيويورك منذ عام 1880 ويبلغ وزنها 244 طنا من الحجر الجرانيتي. وبعد افتتاح قناة السويس في عام 1869 نقل عن الخديوي إسماعيل رغبته في إهداء مسلة مصرية إلى الولايات المتحدة الأميركية لتدعيم العلاقات التجارية المتبادلة، لكنها منحت رسميا بخطاب موقع في 1879 بواسطة ابنه الخديوي توفيق، وبعد نقلها في سفينة خاصة عبر المتوسط والمحيط الأطلسي أخذت نحو أربعة أشهر لنقلها من ضفة نهر هدسون إلى جزيرة ستاتون ومن ثم إلى موقعها الحالي. وتحتوي مسلتا لندن ونيويورك على نقوش باسم تحتمس الثالث فرعون مصر في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وعلامات أضيفت من قبل رمسيس الثاني في القرن 12 ق.م. وأثناء فترة حكم الرومان لمصر قاموا بنقل المسلتين في القرن العاشر قبل الميلاد من معبد رع في هليوبوليس إلى الإسكندرية لتزيين قصر هناك.

ولا يعرف على وجه الدقة لماذا انتسب اسم المسلات إلى الملكة كليوباترا لكن يعتقد أن التسمية جاءت في العصر الروماني نتيجة لنشاط كليوباترا السياسي الواضح في السياسة الرومانية في ذلك العصر. أما مسلة لندن فتنتصب عند الحافة الشمالية لنهر التيمس، وكانت قدمت هدية من الوالي العثماني لمصر في ذلك الوقت محمد علي إلى بريطانيا تكريما لانتصار اللورد نيلسون في معركة النيل وهزيمته لجيش نابليون بونابرت الفرنسي في 1801م. لكن ظلت المسلة في الإسكندرية حتى عام 1887 حين رعى السير الإنجليزي وليام جيمس ايراسموس ويلسون نقلها إلى لندن بمبلغ فاق 10.000 جنيه إسترليني وكان مبلغا كبيرا جدا في ذلك الوقت وكانت المسلة موجودة بالأساس في الإسكندرية لفترة تزيد على 2000 عام. وكانت المسلة نقلت إلى لندن في 21 يناير (كانون الثاني) 1878 ووضع بجوارها أسدان فرعونيان على هيئة أبو الهول وفي 4 سبتمبر (أيلول) 1917 وخلال الحرب العالمية الأولى أصيبت المسلة بضرر نتيجة سقوط قنبلة من طائرة ألمانية قرب المسلة وظل الضرر موجودا من دون تصليح.