علوش لـ «الشرق الأوسط»: حزب الله دخل الحكومة للابتزاز.. وهناك مستجدات في الحوار السعودي ـ السوري

قال إن زيارة الحريري لنيويورك لوضعه في أجواء التطورات لتحصين الوضع الداخلي

الحريري مصافحا كلينتون خلال لقائهما في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
TT

على وقع تبادل الاتهامات بين الأطراف السياسية اللبنانية، وخصوصا حزب الله و«تيار المستقبل»، بشأن هوية الطرف الذي يتحمل مسؤولية التأخير في إنجاز التسوية السعودية - السورية، تترقب الساحة اللبنانية نتائج زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري للمرة الثانية إلى نيويورك خلال 10 أيام، وما قد تحمله من جديد في الفترة الفاصلة عن إحالة مدعي عام المحكمة الدولية دانيال بلمار القرار الاتهامي في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري إلى قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين.

وبينما أوحى حراك الحريري في نيويورك، ولقاؤه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بعد لقائها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بإمكانية حدوث تطورات جديدة تتعلق بالملف اللبناني والمحكمة الدولية، اعتبرت أوساط «تيار المستقبل» في بيروت أن هذا التحرك يأتي على ضوء «مستجدات جديدة» على مستوى الحوار السعودي - السوري. وأوضح عضو المكتب السياسي لـ«تيار المستقبل»، النائب السابق مصطفى علوش، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن زيارة الحريري تأتي لمواكبة «المستجدات الحاصلة على مستوى المساعي السعودية - السورية، وعلى المستوى الدولي، مع قرب صدور القرار الاتهامي»، مشيرا إلى أن الهدف «وضع الحريري في أجواء هذه التطورات ومتابعة الجهود التي بدأت لتحصين الوضع الداخلي ومنع الأمور من الانزلاق إلى ما كان يهدد به حزب الله وحديثه عن الخطوط الحمراء منذ أشهر قليلة». ووضع علوش اعتبار حزب الله أنه أنجز ما هو مطلوب منه في التسوية، في سياق «السجال الإعلامي ليس إلا، لأن كل الأحاديث والمواقف التي نسمعها هي خارج إطار المعلومات». وأكد أنه «لا يمكن لـ(تيار المستقبل) والرئيس الحريري الاستجابة لرغبة حزب الله في التخلي عن المحكمة، على الأقل سياسيا، والإعلان أن المحكمة غير شرعية، لأن ما نريده هو الوصول إلى القرار الاتهامي ومن ثم البناء على الشيء مقتضاه». وشدد على أنه «لا يمكن للرغبتين أن تلتقيا، ولذلك يتم تبادل الاتهامات بالمسؤولية».

وتعليقا على ما نقلته «الشرق الأوسط» عن تحذير مسؤول أميركي من عملية الابتزاز التي يقوم بها حزب الله في الداخل لتقويض عمل المحكمة الدولية قبل صدور القرار الاتهامي، اعتبر علوش أن «الابتزاز مسألة مستمرة على مدى السنوات الخمس الماضية، وهو يزيد أو ينقص بناء على توجهات حزب الله». ورأى أن «مجرد دخوله الحكومة اللبنانية كان بهدف ابتزاز الوضع الداخلي والتهديد بتلبية طلباته في الداخل وإلا تعطيل عمل الحكومة». وشدد على أن «التعطيل استمر على مدى الأشهر الماضية وشكل سمة كاملة لمنطق العمل السياسي لحزب الله»، متوقعا «استمراره إلى حين صدور القرار الاتهامي عن قاضي الأمور التمهيدية».

وفي نيويورك، قال مسؤولون أميركيون إن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، بحثت في التوتر المتصاعد بلبنان مع الحريري. وقال مصدر حضر اللقاء بين كلينتون والحريري إن وزيرة الخارجية الأميركية أكدت دعم الولايات المتحدة القوي لاستقلال لبنان ولعمل المحكمة الدولية التي تحقق في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.

وقال مصدر حضر الاجتماع مع الحريري لوكالة الصحافة الفرنسية، إن وزيرة الخارجية «عبرت عن دعمها القوي لاستقلال لبنان وسيادته». وأضاف أن كلينتون «عبرت أيضا وبشكل واضح جدا عن دعمها لمحكمة الحريري». وغادرت وزيرة الخارجية الأميركية الفندق، مؤكدة أن المحادثات «ممتازة».

في موازاة ذلك، انتقدت قوى المعارضة اللبنانية تحميلها المسؤولية في تأخير إنجاز التسوية بسبب عدم إيفائها بالتزاماتها. وقال نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، الشيخ نبيل قاووق، إن «المسعى العربي لا يغني عن التفاهم بين اللبنانيين، لذلك عليهم أن يفككوا ما تبقى من عقد تؤخر الحل». وأضاف: «إننا اليوم إذ نقترب من الحل، يعني أننا نقترب من اتفاق اللبنانيين على موقف موحد يخرج البلد من دائرة التآمر على المقاومة، ونقفل الأبواب أمام أميركا وإسرائيل، كي لا يتسللوا إلى الداخل ليطعنوا ظهر المقاومة».

واعتبر قاووق أنه «من الطبيعي أن يكون الذين يعتاشون على الانقسام الداخلي في حالة إرباك وتخبط، لأنهم كلما اقترب الاتفاق ضاق على المتضررين الخناق، وهذا سر التصعيد والتوتير الإعلامي عند المتضررين من الاتفاق». وأوضح أن «المسعى العربي يضمن تفكيك المخاطر الداخلية لنتفرغ لمواجهة المخاطر الخارجية، وهو لا يعني انتصار فريق لبناني على فريق لبناني آخر، إنما يعني نجاح كل اللبنانيين على الخطر الذي يهدد كل لبنان». ورأى المستشار الإعلامي لنبيه بري رئيس مجلس النواب، علي حمدان، أن «من يعلمون بهذه التسوية لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، على صعيد المنطقة ككل»، معتبرا أن «عنوانها العام تجنيب لبنان انتكاسة التحقيق الدولي والقرار الاتهامي، والعنوان الثاني أن تؤمن السعودية وسورية الضمانات للفريق الذي تمون كل دولة عليه، إذ لا يمكن للبلد أن يحتمل من جديد 4 أو 5 سنوات جديدة من الاتهامات».

واعتبر أن «هذا الشهر حاسم للانتقال من الاستقرار السلبي إلى الحراك الإيجابي، لكن خفض منسوب التوتر للتسوية مطلوب من الفريقين، وليس من فريق واحد»، مؤكدا أن «التسوية ليست فقط شهود الزور والقرار الاتهامي وتعيين مدير عام، أو غيرها من الأمور، بل تطال صميم آليات الحكم، أي تطبيق الدستور وخلق ضمانات لهذا التطبيق».

ورأى النائب في تكتل «التغيير والإصلاح»، الذي يرأسه النائب ميشال عون، فريد الخازن، أن «المطلوب هو إنجاز المسعى اللبناني - اللبناني بعدما قال الرئيس سعد الحريري إن المسعى السعودي - السوري قد أنجز، لأن المسعى اللبناني هو الذي سيوصل إلى نتيجة». وقال: «هناك مسعى وصل إلى نتيجة ما، مع أنني لا أعرف مضمونه وأعتقد أنه ليس هناك لبناني يعرف ما يتضمنه، ولكن لن ينجز أي مسعى دون تفاهم لبناني - لبناني». وأكد: «إننا أعطينا كل الإمكانات للرئيس الحريري منذ تشكيل الحكومة وقبل ملف شهود الزور لكي ينطلق بهذه الحكومة منذ بداياتها، ولكن لم يكن هناك أي زغل»، موضحا أنه «لا أحد يسعى إلى الفتنة، لأن الجميع يعرف ثمنها».