ديلي سيجلب الانضباط إلى البيت الأبيض ككبير موظفي أوباما

وزير تجارة في عهد كلينتون ومعروف بأسلوبه القوي وسيترك وظيفة راتبها 5 ملايين دولار

TT

عندما وصل ويليام ديلي إلى ناشفيل صيف عام 2000 لفرض الانضباط على حملة آل غور الرئاسية، لم يقلـ على الأقل ليس بصورة مباشرة - أيا من العاملين في الحملة. كان المساعدون متشاحنين ومعنويات المرشح واهنة للغاية وجلسات تحديد الاستراتيجية أشبه بجلسات الصالون، على حسب وصف كريس ليهاني، مستشار آل غور، حيث كثرة الكلام وانعدام من القرارات.

تمكن ديلي بعد فترة وجيزة من توليه مسؤولية الحملة من السير بخطى ثابتة، بأسلوبه القوي في إدارة الحملة الذي جلبه معه من واشنطن، حيث استقال من عمله كوزير للتجارة في ظل إدارة الرئيس بيل كلينتون، تبدلت جلسات الاستراتيجية خلال 30 دقيقة، فاتخذت القرارات وانصاع الجميع لها. وعندما قام بدراسة للأفراد، اكتشف البعض أنهم أوكلت إليهم مهمات أخرى. يقول عنه ليهاني: «كان شخصا قادرا على إدارة دفة الأمور بدقة، فلم يتمكن من جعل القطارات تسير وفق مواعيدها المحددة، بل كان قادرا على تسييرها قبل موعدها. تولى ديلي الحملة التي تشهد تشتتا كبيرا واختلافا في وجهات النظر، لكنه سرعان ما أعاد النظام وقام بترتيب البيت من الداخل، فأخضع الأفراد للمحاسبة ولم يكن يخشى اتخاذ القرارات». وسيجلب ديلي، المحامي والمدير التنفيذي والمخطط الاستراتيجي للحملات وسليل أسرة سياسية ذائعة الصيت، في منصبه الجديد ككبير موظفي الرئيس أوباما، الانضباط والعين الفاحصة للبيت الأبيض الذي يقول عنه الكثير من الديمقراطيين إنه بحاجة إلى دماء جديدة. ربما يكون ديلي لكنه مثير للإعجاب، فضلا عن أنه مفاوض متمرس وأكثر خبرة من أخيه الأكبر حاكم شيكاغو ريتشارد ديلي أو سلفه رام إيمانويل.

ويقول والتر موندال، نائب الرئيس السابق الذي اعتمد على ديلي في السابق كمستشار وقادر على حل المشكلات لدى ترشحه للرئاسة عام 1984: «إنه قوي، لكنه ليس مندفعا». تولى ديلي المسؤولية من كبير الموظفين المؤقت بيتي روز أحد أكثر المستشارين ثقة لدى الرئيس أوباما. وقد حضر الاثنان يوم الجمعة اجتماعا لكبار موظفي البيت الأبيض لنقل المهام. ولا يتوقع أن يقوم ديلي بإعادة هيكلة موظفي البيت الأبيض، لكن المتوقع أن يقوم بالسير بحذر في البداية. ويقول توم داستشيل، زعيم الديمقراطيين السابق في مجلس الشيوخ: «إن إحدى أهم سماته التمهل في اتخاذ القرارات». لكن ديلي انتقد في السابق صراحة بعض قرارات الإدارة، ويتوقع أن يحدث تغيرات بارزة، سواء على صعيد الأفعال أو الأقوال.

وعلى خلاف روزي الخجول، الذي يحتقر الصحافة، سيكون ديلي واجهة الإدارة وسيعمل كنائب شعبي عن الرئيس أوباما في الاجتماعات والتلفزيون، بحسب ديفيد أكسيلرود، كبير مستشاري الرئيس. سيكون على الرئيس أوباما القيام بتعيينات أخرى لشغل بعض الوظائف - نائب كبير موظفي الرئيس بدلا من جيم ميسينا الذي يترك منصبه والسكرتير الصحافي روبرت غيبس. وربما يحث ديلي الرئيس على الخروج عن الدائرة الضيقة التي يستعين بها. وقال لمساعديه إنه يرغب في تعيين سيدة في منصب السكرتير الصحافي، ويتوقع الكثير من الديمقراطيين أن يلحق ديفيد لين، الذي كان يعمل كبير موظفي ديلي في وزارة التجارة والذي يدير حالية منظمة وان الحقوقية التي تحارب الفقر، به في البيت الأبيض.

وتساءل أكسيلرود، الذي يترك منصبه أيضا: «هل سيستعين ببعض الأفراد من مساعديه السابقين؟ أعتقد أنه سيفعل». كانت تقارير قد أكدت رغبة الرئيس أوباما في الحصول على خدمات ديلي ككبير الرؤساء التنفيذيين في جيه بي مورغان تشيس، لتعزيز الروابط مع الشركات، لكن الديمقراطيين القريبين من أوباما كانوا يؤكدون أن الرئيس كان يبحث أيضا عن مدير متمرس. ومع كل ما يتناقل عن ميول ديلي الوسطية - الليبراليون غاضبون للغاية من تصريحاته بأن التحرك نحو الوسط وأن الرئيس أوباما أساء الحسابات بشأن قانون الرعاية الصحية - إلا أن من يعرفونه جيدا يقولون إنه أكثر براغماتية منه تمسكا بآيديولوجية.

ساعد تعيين ديلي إبان عهد الرئيس كلينتون كمسؤول عن اتفاقية التجارة لأميركا الشمالية في تمرير الاتفاقية عبر الكونغرس، والذي كان بمثابة تتويج لجهود إدارة كلينتون، وهي الاتفاقية التي لا تزال تثير غضب الليبراليين وقادة النقابات العمالية. فالنائب في مجلس النواب لويس غوتيريز، النائب الديمقراطي عن ولاية إلينوي، الذي اعتمد على ديلي في جمع الأموال لصالح حملته الانتخابية للكونغرس، عارضه بشدة بشأن الاتفاقية ،وبعد التصويت لم يتحدثا بشأن الاتفاقية مرة أخرى، حيث واصل ديلي مسيرته.

وقال غوتيريز: «إنه لا يلتفت إلى الماضي بل ينظر إلى الحاضر، وكيف يمكنه التغلب على العقبات التي تواجهه. ولذا أعتقد أنه الشخص الجدير بالحصول على المنصب، فعندما يقول (إن هذه الكومة من الأوراق لن تظل مكانها إلى آخر اليوم وسوف أعتني بها جيدا)، ينهي بالفعل في نهاية اليوم». وعلى الرغم من بلوغه الثانية والستين، فإن ديلي أصغر أخواته السبعة للعمدة الراحل ريتشارد جيه ديلي وزوجته المعروفة بـ«سيس». ربما كان الطفل المدلل للعائلة، لكنه لم يكن يرى نفسه كذلك، فيقول أخوه جون، مفوض مقاطعة كوك: «كان يحاول قيادة الأفراد، وقد بدأ أكبر سنا».

أحيانا ما يطلق على ديلي، الذي يكنى أيضا بـ«بيل»، وفي شيكاغو «عقل عائلة ديلي» لخبرته السياسية، فبعد هزيمة أخيه ريتشارد في حملته الأولى كعمدة أدرك ديلي أن العائلة لن تتمكن من الفوز اعتمادا على قوة اسمها واتصالاتها وحدها، ومن ثم استعان بأكسيلرود في الحملة التالية.

ويقول ريك ميونوز، عضو مجلس مدينة شيكاغو: «لقد كان بيل هو من عمل على إدخال أصحاب الخبرة في حملة عائلة ديلي. وعلى الرغم من بقاء ديلي كمستشار لأخيه - لا يقومان باتخاذ قرارات حاسمة دون استشارة بعضهما البعض، فإنه يحاول الابتعاد عن الصورة قليلا حتى لا يثير الانتقادات الآلية المنظمة للعائلة». ربما تكون السياسة في جيناته، لكن ديلي لم يترشح لمنصب سياسي على الرغم من عزمه على الترشح لمنصب حاكم إلينوي في عام 2001، فإنه كان قد خرج لتوه في تلك الفترة من محنة طلاق زوجته (تزوج حديثا)، وشعر بأن التوقيت لم يكن مناسبا للعائلة. وخشى من عدم تقبل الناخبين لتوسع إمبراطورية عائلة ديلي السياسية.

يؤكد ميكي كانتور، الصديق المقرب لديلي والذي خلفه كوزير للتجارة، أنه يشك في أن «ديلي سيتمتع بالحرية التي لا يتيحها المنصب العام». سيضطر ديلي الآن إلى التخلي عن بعض الحريات التي كان يتمتع بها في السابق - فضلا عن دخله كمصرفي والذي يقدر بنحو 5 ملايين دولار سنويا - لتطبيق المهارات السياسية نيابة عن الرئيس. وعلى الرغم من دعمه للرئيس أوباما ونصائحه خلال الفترة الانتقالية، فإن الاثنين لم يكونا قريبين من بعضهما، لكن ديلي وثيق الصلة بنائب الرئيس جوزيف بايدن، حيث عمل في حملة بايدن الرئاسية قصيرة الأمد 1988. وككبير للموظفين، سيشرف ديلي على حملة إعادة انتخاب أوباما وعلى أمور الإدارة ومن بينها مساعدة الرئيس في تكوين تحالفات جديدة في ظل كونغرس منقسم. ويؤكد ديفيد بونيور، عضو الكونغرس الديمقراطي السابق عن ولاية ميتشيغان والذي قاد المعارضة للاتفاقية متذكرا مناورات ديلي، أنه خلال اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا الشمالية ساعد ديلي في الحصول على أصوات أكثر من 100 ديمقراطي وهي خطوة رآها البعض مستحيلة.

وقال بونيور: «حاول البحث عن اهتمامات الأفراد وما هم بحاجة إليه في دوائرهم الانتخابية، وقد أجاد في الحصول على ما احتاجه على حسابنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»