زيارة الحريري إلى نيويورك تحرك السجال حول مسؤولية الطرف المعرقل للتسوية

صقر لـ «الشرق الأوسط»: إذا كان حزب الله محتارا فليستشر السوريين

TT

أعادت زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى نيويورك تحريك الوضع اللبناني، على المستوين الدولي والعربي، وحتى على مستوى الداخل، حيث ارتفعت حدة السجال حول المسؤولية التي يتحملها الطرف المعرقل للتسوية السعودية - السورية. وبعد أن أعلن حزب الله أنه أنجز كل ما هو مطلوب منه من أجل التسوية، وأنه على رئيس الحكومة سعد الحريري تنفيذ الالتزامات الواجبة عليه، قوبلت هذه المواقف بنفي قاطع من قبل أوساط تيار «المستقبل»، التي حرصت بالأمس على تظهير موقف موحد يؤكد أن الكرة في ملعب حزب الله وحلفائه.

وفي هذا السياق، أكد النائب عقاب صقر، المقرب من الرئيس سعد الحريري، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن «المطلوب من حزب الله اليوم هو وقف التهويل والتهديد بمسرحية شهود الزور والحديث عن مرحلة ما قبل صدور القرار الاتهامي وما بعد، والابتزاز السياسي، والالتزام بمضمون يخدم التفاهم السعودي – السوري»، مشددا على أن «التفاهم الناجز لا علاقة له بالقرار الاتهامي، ومن يعطل الحوار ومجلس الوزراء لا يخدم التفاهم».

ورأى أن «حزب الله يقوم اليوم بعكس ما يترتب عليه»، وقال: «إذا كان محتارا فليستشر السوريين والإيرانيين، وما خاب من استشار»، معتبرا أن «حزب الله يذهب بعكس أول محطة تقود إلى التفاهم». وسأل: «كيف يقولون إنهم لا يعرفون ما يترتب عليهم ويتابعون حملاتهم، وهل يمكن أن يستبق أي تفاهم بحملة تهديد وتخوين؟».

وأشار صقر إلى أن «حزب الله يتحدث وكأن التسوية بازار يضيّع فيها الرئيس الحريري و(14 آذار) التزاماتهم»، مذكرا «بأننا حين كنا نتحدث عن الحل في وقت سابق كانوا يتهموننا بالتذاكي والضحك على الناس». وأضاف: «حزب الله مارس الخداع مرتين، مرة بالقول إنه لا حل، ومرة بإلباس الحل ثوبا آخر غير ثوبه الحقيقي»، مشددا على أن «الحل نابع من اعتبارات المصلحة الوطنية وليس من زواريب المصالح الخاصة، وهو قائم على وقائع تفرضها مجريات الأمور ولا يستند إلى توقعات يفترضها بعض الموهومين».

ولفت صقر إلى أن «الحل حتمي وناجز وادعاء عدم معرفته لا يغير شيئا في الواقع، وإذا كان البعض قد أوهم قاعدته بأن الحل في النزول إلى الشارع والقيام بانقلاب، يفترض به أن يمتلك الجرأة اليوم لمصارحة جمهوره». وأكد أن «الرئيس الحريري قام بما عليه وأكثر وقطع ثلاثة أرباع الطريق، والمطلوب من حزب الله اجتياز ربع الطريق المتبقي لتظهير الصورة النهائية للحل».

من جهة أخرى، اعتبر رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة أن «ما سمعناه خلال الأسابيع الماضية من اجتهادات وتقديرات، وأن هناك ما هو مطلوب من الرئيس الحريري، وما يسمى برنامجا عليه أن يقوم به وأن يتراجع هنا أو هناك، كل ذلك تبين عدم صحته»، داعيا إلى «انتظار القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، منطلقين أساسا من عدم استخدام هذا القرار منصة من أي طرف أو فريق لبناني للنيل من أي طرف أو فريق آخر، أو للنيل من فكرة مصارعة أو مقارعة إسرائيل».

وأكد أنه «لم يعد من إمكانية لدى أحد أن يوقف صدور القرار الاتهامي، ولا أحد يعلم، وليس هناك من إمكانية لأحد أن يعلم متى يصدر وما محتوياته». ورحب السنيورة بـ«كل جهد عربي، لا سيما الجهد الذي يبذل من قبل المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية»، مشيرا إلى أنه «شيء جيد من أجل الإسهام في تقريب وجهات النظر، لكن مع التأكيد على مسلماتنا اللبنانية المبنية على اتفاق الطائف وعلى الانفتاح والديمقراطية وعلى تأكيد مبدأ العدالة، لأنه من دون العدالة لا يمكن أن يتحقق الاستقرار والأمن».

وأعرب نائب رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان عن تفهمه لأن «يكون الخارج مواكبا ومحيطا ولديه نوع من الرعاية، لأن هناك تدخلات خارجية في لبنان بعد أن عاد وتحول إلى ساحة، ولكن لا أفهم أن الحلول لا تبدأ وتكون من خلال حوار بين اللبنانيين». وشدد على أن «أي تفاهم يتحدث عن مستقبل السلاح في الداخل، من دون أن يحل مستقبل هذا السلاح، فلن يكون هناك لا مستقبل ولا استقرار للبنانيين».

في المقابل، أكد النائب في كتلة حزب الله حسن فضل الله، أن «المسعى السوري - السعودي لا يزال في الدائرة الإيجابية، وفي مرحلة الفرصة الممكنة لإنجاح هذا المسعى، بهدف مواجهة ما يخطط للبنان باسم المشروع السياسي للمحكمة الدولية، الذي يدار ويوجه من واشنطن». وأشار إلى أن «المبادرة السورية - السعودية تعرضت لمحاولات تشويش وتعطيل واستنكار من قبل قوى محلية لبنانية، ربما لعدم إدراك هذه القوى لجدية هذه المبادرة، وهذا المسعى، أو لعدم علمها بما يدور أو لأنها لا تريد لهذا المسعى أن ينجح فأنكرت ونفت وتنصلت وما شابه». ونبه إلى أن «الموقف الأميركي ما زال يشكل المعرقل الأساسي وخطر التعطيل الذي يتأتى بالدرجة الأولى لهذا المسعى»، موضحا أن «القيمين على المبادرة العربية يعملون على تجاوز هذه العقبة الأميركية أو على شل قدرتها عن التحكم في مسار الحل، لأن الجميع يعتبرون أن الحل هو مطلب جميع اللبنانيين». وسأل: «ما الخيارات البديلة لأولئك الذين لا يريدون هذا الحل؟ وهل لديهم خيارات الفتنة والانقسامات والنزاعات وقرار اتهامي مسيس لا نعرف إلى أين يمكن أن يأخذ البلد؟»، معتبرا أن «نجاح هذا المسعى مدخل طبيعي لإحياء الدولة والمؤسسات وللقيام بواجباتها وبمسؤولياتها ويحصن لبنان في مواجهة ما يخطط له».