«القاعدة في بلاد المغرب» تضرب فرنسا مرتين في بلدان الساحل الأفريقي

مقتل رهينتين فرنسيتين خطفتا في النيجر.. وساركوزي يتحدث عن «إعدامهما»

TT

للمرة الثانية خلال أسبوع واحد تتعرض فرنسا لعمل إرهابي في عاصمة من عواصم بلدان الساحل الأفريقي. وعلى الرغم من أن أي جهة لم تتبنَّ حتى بعد ظهر أمس المسؤولية عن خطف مواطنين فرنسيين ليل الجمعة من مطعم في نيامي، عاصمة النيجر، فإن كل المؤشرات تدل على مسؤولية «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» عن العملية التي انتهت بمقتل أنطوان دو ليوكور، وصديقه فانسان دولوري، بعد مطاردة في المنطقة الممتدة من نيامي إلى الحدود المالية.

وكان مواطن تونسي فجّر، يوم الأربعاء الماضي، قنبلة قرب السفارة الفرنسية في باماكو، عاصمة مالي، تبين لاحقا قربه من تنظيم القاعدة.

وتؤكد العمليتان الأخيرتان استهداف المصالح الفرنسية في بلدان الساحل الأفريقي الممتدة من موريتانيا حتى تشاد. لكن التطور الخطير يتمثل في أنهما حدثتا في عاصمتي الدولتين، وليس في المناطق «التقليدية» لتواجد «القاعدة»، مما يطرح جديا مسألة أمن المواطنين الفرنسيين والمصالح الفرنسية في هذه المنطقة.

ولذا، حثت فرنسا مواطنيها على الحذر الشديد، بل إن الكثيرين يتساءلون عما إذا كان يتوجب ترحيل الفرنسيين من هذه المنطقة الخطرة، ويقيم 1500 فرنسي في النيجر و2000 في موريتانيا و4000 في مالي. وأعلن رئيس الحكومة، فرنسوا لفيون، أمس، أن وزير الدفاع، ألان وبيه، سيتوجه سريعا إلى النيجر.

وتأتي عملية نيامي حلقة أخيرة في سلسلة العمليات التي تستهدف المصالح الفرنسية؛ ففي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، خطف خمسة مواطنين فرنسيين «ومواطنان أفريقيان» يعملون شمال البلاد، في منجم لليورانيوم الطبيعي، تشغله شركة «أريفا» الفرنسية الرائدة في الصناعة النووية.

وحتى تاريخه، لم يطلق سراح الخمسة، على الرغم من المساعي التي تبذلها السلطات الفرنسية. وفي شهر يوليو (تموز) الماضي، أفضت عملية مشتركة قامت بها قوة خاصة فرنسية، بالمشاركة مع وحدة موريتانية داخل الحدود المالية، إلى قتل الرهينة الفرنسية ميشال جيرمانو، التي هدفت (العملية) إلى إطلاق سراحه.

وفي هذه العملية المشتركة، قتل سبعة من أفراد القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وأكدت «القاعدة» في بيانات لاحقة لها أنه «ستنتقم» من فرنسا.

ويُظَن أن عملية خطف فرنسيين كانا يتناولان العشاء من مطعم «لو تولوزان»، يقصده الأوروبيون الذين يعيشون في عاصمة النيجر، هدفه وضع «القاعدة» يدها على سبعة مواطنين فرنسيين مقابل أعضائها السبعة الذين قتلوا الصيف الماضي.

وأدانت السلطات الفرنسية، بأعنف الكلمات العملية التي وصفها بيان للقصر الرئاسي، بأنها «اغتيال»، وأكدت الرئاسة في بيانها «عزم فرنسا على محاربة الهمجية الإرهابية دون كلل». والتفت الطبقة السياسية بكل أطيافها حول الحكومة، وغابت الانتقادات التقليدية والجدال بين اليمين واليسار.

ووزعت وزارة الدفاع معلومات جزئية عن العلمية العسكرية، جاء فيها أن أربعة مسلحين خطفوا المواطنين الفرنسيين، وهما أنطوان دو ليونكور، ويعمل لصالح منظمة غير حكومية في نيامي، وصديقه فانسان دولوري، وكلاهما من مدينة لينسيل، شمال فرنسا.

وذهب الثاني إلى نيامي لحضور حفل زفاف صديقه، وقتل ثاني يوم وصوله إلى النيجر، وأفادت شهادات جمعتها وسائل إعلامية بأن الخاطفين بيض البشرة، ويتكلمون العربية. وكانوا دخلوا المطعم مدججين بالسلاح، وتوجهوا إلى طاولة الفرنسيين، وطلبوا مرافقتهم إلى الخارج تحت تهديد السلاح.

ويؤكد بيان وزارة الدفاع أن الحرس الوطني النيجيري لاحق سريعا الخاطفين، وأن عسكريين فرنسيين شاركوا في «تنسيق» عملية المطاردة، التي أسهمت بها طائرة استطلاع فرنسية من طراز «أتلانتيك 2»، مجهزة بوسائل تنصت ورؤية نهارية وليلية.

ونجحت الطائرة الفرنسية في تحديد موقع الخاطفين وهم يسعون للوصول إلى الحدود مع مالي، وهي واقعة على بعد 200 كلم من نيامي. وبعد اشتباك أولي، نجح الخاطفون في إكمال طريقهم نحو الحدود حيث مواقع «القاعدة». واستطاعت طائرة الاستطلاع أن تحدد موقعهم مجددا، مما سمح لقوة خاصة فرنسية، ولوحدة نيجرية بالتصدي للخاطفين على الحدود مع مالي، وحدث اشتباك جرح أثناءه اثنان من أفراد القوة الفرنسية، وقتل عدد غير محدد من الخاطفين.

ويضيف البيان أنه عثر على الرهينتين مقتولين بعد الاشتباك، لكن البيان لا يحدد الظروف التي قتل فيها المواطنان الفرنسيان، وبحسب الرئيس الفرنسي، فإن الرهينتين قد «اغتيلا». ونقل عن الكولونيل تييري بوركهارد، الناطق باسم وزارة الدفاع الفرنسية، أنه «بانتظار معرفة خلاصة التحقيق، فإن كل المؤشرات تدل على أن الرهينتين تم إعدامهما».

ويُفهم من بيان وزارة الدفاع أن قوة فرنسية خاصة، بالاشتراك مع وحدة نيجرية، نفذت العملية العسكرية مما يُذكِّر بالعملية التي نفذتها باريس الصيف الماضي مع قوة موريتانية لمحاولة الإفراج عن الرهينة ميشال جيرمانو.

ولفرنسا ثمانية رهائن محتجزون عبر العالم؛ اثنان (صحافيان) في أفغانستان منذ أواخر عام 2009 وخمسة (مهندسون) في النيجر ومالي، وعميل لجهاز المخابرات الفرنسية في مقديشو.