الحكومة الجزائرية تتعهد بتقليص معدلات البطالة وتحسين ظروف المعيشة

وزير الداخلية: 4 أشخاص قتلوا في الأحداث.. وإصابة أكثر من 700 من رجال الأمن و53 متظاهرا

TT

أعلنت الحكومة الجزائرية الليلة قبل الماضية أنها ستخفض الضرائب ورسوم الواردات على السكر وزيت الطعام، بعد موجة من أعمال الشغب التي تفجرت عقب زيادة حادة في أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية. وجاء في بيان أصدرته رئاسة الوزراء، أن الدولة اتخذت إجراءات لخفض أسعار السكر وزيت الطعام بنسبة 41 في المائة، وهما السلعتان اللتان تركز عليهما كثير من الغضب بشأن زيادات الأسعار.

في غضون ذلك، تعهد وزير الداخلية الجزائري، دحو ولد قابلية، بتقليص معدلات البطالة، وتحسين ظروف الفئات الفقيرة من السكان، كرد فعل على الاحتجاجات الاجتماعية العنيفة التي عاشتها البلاد على مدار الأيام الخمسة الماضية.

وقال الوزير ولد قابلية، لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، أمس، إن الدولة «ستتخذ إجراءات في الأشهر والسنوات المقبلة تتمثل في تقليص البطالة وإنجاز ملايين السكنات وتحسين الإطار المعيشي». ووعد بـ«تسوية المشكلات العاجلة حسب الأولويات المطروحة، وفي إطار التشاور مع جميع الشركاء بما فيهم أبناؤنا الشباب». وقال إن الجزائريين «واعون بذلك»، في إشارة إلى ما تبذله الدولة من جهود على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، وزاد قائلا: «وهم يتحلون في غالبيتهم بالصبر والثقة».

وأوضح ولد قابلية أن «الإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتها الحكومة تحت إشراف السيد رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، منذ عشر سنوات، لتحسين ظروف معيشة المواطن في مجال التشغيل والموارد والسكن والتعليم، أكيدة ولا يمكن نكرانها»، وذلك في إشارة إلى برامج التنمية التي أطلقها الرئيس منذ انتخابه في 1999، والتي تتجاوز قيمة الأموال المرصودة لها 300 مليار دولار.

ولاحظ وزير الداخلية الجزائري أن مئات الشباب الذين شاركوا في الحركة الاحتجاجية، «انفصلوا كليا عن المجتمع بأعمالهم الإجرامية والعنف والسرقة التي لم تسلم منها لا الأملاك العمومية ولا الخاصة، من خلال الإضرار بمصالح مواطنين ذوي أوضاع متوسطة تعرضت محلاتهم للنهب وسياراتهم للحرق»، مشيرا إلى أن «مثيري الشغب لم يستجيبوا سوى لغريزة انتقامية كونهم لم يفكروا في عواقب أفعالهم».

وتسببت أحداث العنف التي جرت في 20 ولاية (من أصل 48)، في أضرار مادية كبيرة لم تحدد قيمتها. أما عن الخسائر البشرية، فقال الوزير ولد قابلية إن ثلاثة أشخاص قتلوا في الأحداث؛ اثنان منهم «وجدا ميتين خلال أعمال الشغب»، حسب ولد قابلية، الذي قال إن التحقيق جار لتحديد ظروف مقتلهما. أما الشخص الثالث «فقد عثر عليه جثة متفحمة في فندق أضرم فيه مثيرو الشغب النار».

وبموازاة ذلك، أعلن مصدر طبي لوكالة الصحافة الفرنسية أن سائق سيارة أجرة توفي أمس بعدما تدهورت حالته الصحية السبت إثر استنشاقه غازا مسيلا للدموع خلال مواجهات بين قوات الأمن الجزائرية ومتظاهرين.

وأكد وزير الداخلية الجزائري أن تعليمات صارمة أعطيت لرجال الأمن، تحذرهم من إطلاق النار على المتظاهرين. وقال إن عناصر الأمن «دفعوا وما زالوا يدفعون الثمن»، في إشارة إلى جرحى الأحداث من رجال الأمن الذين تجاوز عددهم الـ700، بينما جرح 53 شخصا في صفوف المتظاهرين.

وأضاف وزير الداخلية الجزائري أن الصدامات التي شهدتها مدن الجزائر، وقعت في بلدان أخرى «لم تتردد سلطاتها في استعمال القوة»، وذلك في إشارة ضمنية إلى الحكومة التونسية وطريقة تعاملها مع الاحتجاجات التي دخلت أسبوعها الثالث.

وأعلن الوزير ولد قابلية عن «تحكم الدولة في الوضع حاليا». وعاد الهدوء أمس إلى غالبية المناطق التي عاشت التوتر، وانتشر عمال البلديات بمواقع الاحتجاجات لإزالة مظاهر الحرق والتخريب عن الشوارع الرئيسية.

وذكرت وكالة «رويترز» أنه لم ترد تقارير عن وقوع اضطرابات كبيرة خلال الليلة قبل الماضية، وهي بذلك أول ليلة تعرف هذا الهدوء النسبي منذ بدأت أعمال الشغب يوم الأربعاء في العاصمة الجزائر، ثم انتشرت إلى عدة مدن أخرى.

وقال أحد سكان حي باب الواد الشعبي في الجزائر العاصمة، الذي شهد بعضا من أسوأ الاشتباكات: «المحال مفتوحة. كل شيء طبيعي اليوم. أتمنى أن نقضي ليلة هادئة».

إلى ذلك، ما زالت المواجهات مستمرة بين المتظاهرين وقوات الأمن خاصة بولايات البويرة ومعسكر تيزي ووزو، في حين أغلقت المؤسسات التعليمية والجامعية أبوابها بولاية بجاية.

من جهة أخرى، عادت حركة النقل بالقطارات عبر الضواحي في العاصمة أمس الأحد إلى استئناف نشاطها العادي بعد توقف دام يومين، أما محطات الوقود فما زالت تواجه بعض الصعوبات في التموين. وتضررت 45 مؤسسة تعليمية جراء موجة الاحتجاجات. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن مصدر مسؤول بوزارة التربية أمس قوله إن «45 مؤسسة منها 21 ثانوية من مجموع 1900 و20 إكمالية من بين 5000 مؤسسة و4 مدارس ابتدائية من بين 18 ألف مؤسسة تضررت من أعمال الشغب التي مست مدنا ومناطق من الوطن».

وأضاف المصدر أن الاستئناف «العادي» للدروس في المؤسسات التربوية قد تم بفضل «تجنيد مسؤولي الهياكل اللامركزية للتربية الوطنية بالتعاون الوطيد للسلطات المحلية».

من جهة أخرى، تجددت المواجهات عصر أمس الأحد ببلدة بوإسماعيل (70 كيلومترا غرب الجزائر) بين متظاهرين وعناصر مكافحة الشغب التي اضطرت إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع في أعقاب تشييع جنازة الشاب فاتح إكريش (32 عاما)، الذي قتل مساء الجمعة.

وتكرر نفس المشهد ببلدة عين الحجل التي تقع على بعد 180 كيلومترا شرق الجزائر، أثناء تشييع جنازة الشاب عز الدين لبزة (20 عاما) الذي قتل أيضا مساء الجمعة.