تونس تغلق المدارس والجامعات.. والرئيس بن علي يتعهد بخلق 300 ألف فرصة عمل

فرنسا ترى أن الحوار وحده الكفيل بتجاوز المشكلات.. وألمانيا تحذر رعاياها من السفر إلى البلد

الرئيس التونسي زين العابدين بن علي أثناء إلقائه خطابا موجها للشعب التونسي أمس (رويترز)
TT

بينما أعلنت الحكومة التونسية، أمس، إغلاق المدارس والجامعات في كل أنحاء البلاد «حتى إشعار آخر»، جراء تزايد الاحتجاجات الاجتماعية، ألقى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي باللوم على «أطراف أجنبية».

وقال الرئيس بن علي، أمس، في ثاني خطاب وجهه إلى الشعب التونسي منذ اندلاع الأحداث، إن هذه الأخيرة «قامت بها عصابات ملثمة أقدمت على الاعتداء ليلا على مؤسسات عمومية، وحتى على مواطنين في منازلهم، في عمل إرهابي لا يمكن السكوت عنه».

وألقى الرئيس بن علي باللوم على «أطراف التطرف والإرهاب التي تسيرها من الخارج أطراف لا تكن الخير لبلد حريص على العمل والمثابرة»، مشيرا إلى أن العدالة أخذت مجراها للتحقيق في ظروف وملابسات هذه الأحداث، وتحديد المسؤوليات فيها، وزاد الرئيس بن علي قائلا: «إن الأحداث وراءها أياد لم تتورع عن توريط أبنائنا من التلاميذ والشباب العاطل فيها. أياد تحث على الشغب والخروج إلى الشارع بنشر شعارات اليأس الكاذبة، وافتعال الأخبار الزائفة، واستغلت من دون أخلاق حدثا أسفنا له جميعا، وحالة يأس نتفهمها كانت جدت بسيدى بوزيد منذ أسبوعين».

وتعهد الرئيس التونسي، من ناحية أخرى، بتنمية الجهات الداخلية والحدودية والصحراوية، وتحدث عن برامج إضافية تصب جميعها في حل مشكلة البطالة وتدعم العمل المتواصل «لتحقيق تنمية متكافئة متوازنة بين الفئات والجهات، توفر الشغل وموارد الرزق، وتعطي الأولوية لأبناء المعوزين».

واعتبر الرئيس التونسي أن «البطالة ليست حكرا على تونس، ولا تونس هي الأسوأ حالا بالنسبة إلى غيرها في هذا المجال. ولم يبق للمغالطين غير ركوب الحالات اليائسة وخدمة أهداف الأطراف الحاقدة والالتجاء إلى الفضائيات المعادية».

وتعهد الرئيس التونسي أيضا بخلق 300 ألف فرصة عمل بين 2011 و2012. ودعا إلى عقد ندوة وطنية خلال شهر فبراير (شباط) المقبل لطرح الآراء، واقتراح التصورات بشأن التشغيل والمبادرة، ونادى بإعطاء دفعة جديد للإعلام الجهوي بتخصيص مساحة يومية بالتلفزيون والإذاعات الوطنية لكل ولايات الجمهورية (المحافظات)، إلى جانب «تطوير قنوات الإحاطة بالمواطنين والإصغاء إلى مشاغلهم، وتيسير طرق معالجة المسائل المطروحة»، وذلك عبر نواب الشعب وأعضاء مجلس المستشارين.

إلى ذلك، قالت مصادر متطابقة إن المواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن تجددت أمس في وسط غربي البلاد، بينما قضى رجل أصيب الأحد بالرصاص بعد نقله إلى المستشفى، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وشهدت مدن القصرين وتالة والرقاب (وسط غربي البلاد) أمس أعمال عنف.

وفي وسط تونس العاصمة، انتشرت وحدات من شرطة مكافحة الشغب لتعزيز أمنها، حيث يتوقع أن يقوم شبان بمظاهرات.

وفي الرقاب، تدخلت الشرطة لتفريق أشخاص تظاهروا بمناسبة تشييع قتيلين سقطا نهاية الأسبوع، حسبما أفاد به مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.

وكانت السلطات التونسية قد استدعت، أمس، سفير الولايات المتحدة بتونس، وذلك على أثر التصريح الذي أدلى به الناطق الرسمي باسم الخارجية الأميركية بخصوص أحداث تونس الأخيرة، وعبرت عن استغرابها من ذلك التصريح، على الرغم من التوضيحات التي قدمتها السلطات التونسية، التي قالت إنها تفاجأت «بمحتواه الذي يستند إلى معلومات مستقاة من عناصر مناوئة من دون التثبت، ومن دون مراجعة السلطات الرسمية».

وتساءلت أيضا عن رد فعل السلطات الأميركية حول مظاهرة يزعم أنها سلمية، وتم خلالها رمي زجاجات «مولوتوف» وتخريب وحرق منشآت.

وأوردت السلطات التونسية في ردها: «إن الأحداث التي سجلت أخيرا ببعض المناطق أخذت في بعض الأحيان منحى عنيفا استوجب رد فعل شرعيا للمحافظة على النظام العام، وضمان أمن المواطنين وحماية الممتلكات العامة والخاصة».

وقالت إنها بذلت «مجهودات استثنائية لمجابهة التحديات الكبرى التي تواجهها البلاد في مجال توفير الشغل، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية»، وتمنت «أن تتعامل الولايات المتحدة مع الأمور بموضوعية وتفهم، وأن تعطي إشارات تبرز من خلالها إرادة أوضح لدعم التعاون مع تونس».

وفي بروكسل، أعرب الاتحاد الأوروبي، أمس، عن قلقه إزاء الاضطرابات العنيفة في تونس، ودعا حكومة البلاد إلى التحلي بضبط النفس، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.

وصرح ستيفان فول، مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسيع وسياسة الجوار وكاثرين أشتون، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية: «إننا نشعر بالقلق إزاء الأحداث التي شهدتها تونس خلال الأيام الأخيرة. ونعرب بصفة خاصة عن أسفنا إزاء العنف ووفاة المدنيين».

وقال المسؤولان الأوروبيان «ندعو إلى التحلي بضبط النفس في استخدام القوة واحترام الحريات الأساسية. ندعو بصفة خاصة إلى الإفراج الفوري عن المدونين والصحافيين والمحامين والآخرين المحتجزين، الذين كانوا يتظاهرون سلميا في تونس».

ودعا المسؤولان السلطات التونسية كذلك إلى فتح تحقيق للوقوف على الأسباب وراء أعمال العنف الأخيرة التي خلفت أكثر من 20 قتيلا، وحذرا من أن تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي سيتطلب المزيد من الالتزامات من الطرفين فيما يتعلق بكل القضايا، وبصفة خاصة مجالات حقوق الإنسان والحريات الأساسية».

وفي باريس، أعربت فرنسا عن «الأسف لأعمال العنف» في تونس، ودعت إلى التهدئة، كما أفادت به وزارة الخارجية أمس، معتبرة أن «وحده الحوار» كفيل بتجاوز المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.

وأعلن الناطق باسم الوزارة، برنار فاليرو، في لقاء مع الصحافيين «نأسف لأعمال العنف التي أوقعت ضحايا وندعو إلى التهدئة».

وأضاف أن «تونس تواجه مشكلات اقتصادية واجتماعية، ووحده الحوار سيسمح للتونسيين بتجاوزها. التعاون بين فرنسا وتونس يرتكز كثيرا على الوظائف، وسيظل كذلك»، وتابع: «اليوم الأمر العاجل في تونس هو التهدئة».

وفي تصريحه، لم يتحدث فاليرو سوى عن حصيلة السلطات التونسية.

وقال: «إننا نشعر بحزن كبير للخسائر البشرية للمواجهات الدامية التي حصلت نهاية الأسبوع في تونس. سقط ما لا يقل عن 14 قتيلا والكثير من الجرحى».

وردا على سؤال حول اعتقال مدوني مواقع إنترنت تونسيين، قال: «ليس لدي معلومات دقيقة في هذه المرحلة حول المدونين التونسيين المعتقلين»، لكنه أضاف: «نذكر بتمسكنا بحرية التعبير في تونس وفي كل أنحاء العالم».

وفي برلين، حذرت وزارة الخارجية الألمانية، أمس، مواطنيها من السفر إلى تونس في ظل الاحتجاجات المستمرة في البلاد، وذلك بعدما أصدرت تحذيرا مماثلا للسفر إلي الجزائر.

وأرجعت الوزارة التحذير إلى المخاطر الإرهابية، حيث إنه قبل كل شيء ليست هناك إجراءات أمنية كافية من قبل الشرطة والجيش لمنطقة الصحراء والمناطق المحيطة بها.

وقالت الوزارة إنها ترى زيادة واضحة لخطورة وقوع هجمات أو حوادث خطف في المناطق السياحية التونسية التي يتردد عليها السياح الغربيون.