الجزائر: الإفراج عن بن حاج على الرغم من اتهامه بالمساس بوحدة الوطن والتحريض على التجمهر المسلح

القضاء يبدأ استجواب معتقلي الاحتجاجات الاجتماعية الذين بلغ عددهم ألفا

TT

أفرجت السلطات القضائية الجزائرية عن الرجل الثاني في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، علي بن حاج بعد خمسة أيام من الاعتقال على خلفية موجة الاحتجاج الاجتماعي التي وقعت بالبلاد. وقالت مصادر قضائية إن أكثر من ألف شخص تم اعتقالهم في خضم الأحداث، لضلوعهم في أعمال تخريب.

وأطلق القضاء سراح بن حاج الليلة قبل الماضية، على أن يعود يوم 19 من الشهر الحالي ليقف بين يدي قاضي التحقيق من جديد. وقال بن حاج في اتصال مع «الشرق الأوسط»: إن القاضي وجه له تهمتان، الأولى هي «المساس بسلامة ووحدة الوطن»، والثانية «التحريض على التجمهر المسلح». ووجهت لبن حاج التهمتين بسبب وجوده وسط المتظاهرين بحي باب الوادي الشعبي بالعاصمة، في عز هيجانهم أثناء اليوم الأول من الاحتجاجات الصاخبة التي اندلعت بالجزائر العاصمة الأربعاء الماضي، ثم انتشرت في الكثير من مناطق البلاد.

وقالت السلطات الأمنية إن بن حاج توجه إلى حي باب الواد بغرض تحريض المتظاهرين على استعمال العنف. أما بن حاج فيقول إنه خاطب المحتجين في الشارع. وزاد قائلا: «قلت لهم إنه من حقكم المطالبة بحقوقكم، وكنت بصدد التوجه إلى رئاسة الجمهورية لأطلب من الرئيس (عبد العزيز بوتفليقة) أن يخرج إلى الشعب ليخاطبه في هذه الأحداث التي تستدعي أن يتدخل عاجلا».

ورفض بن حاج الرد على أسئلة ضباط الشرطة القضائية خلال أيام اعتقاله، وهو ما دأب عليه في كل مرة يتعرض فيها للاعتقال. ويترجم ذلك موقفا سياسيا منه. كما رفض الرد على أسئلة قاضي التحقيق من دون حضور محام. وتعتبر التهمتان الموجهتان له خطيرتان، لأنهما مكيفتان ضمن الأفعال الجنائية بحسب قانون العقوبات. والمثير في الموضوع أن القاضي لم يأمر بسجن القيادي الإسلامي على ذمة التحقيق، على الرغم من خطورة التهمتين.

وفي نفس السياق، أفاد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» بأن نحو ألف شاب تعرضوا للاعتقال أثناء وبعد الاحتجاجات. وتم التأكد من تورطهم في أعمال التخريب بفضل أجهزة التصوير الأمنية المثبتة في المباني العمومية، وفي كل شوارع المدن، وفي الطرقات أيضا.

وانطلقت أمس المحاكم في الاستماع إلى الموقوفين الذين وجهت لهم تهمة «الإضرار بأملاك عمومية وخاصة»، وتهمة «التجمهر غير المرخص». ففي محكمة سيدي محمد بالعاصمة، استمع القاضي لـ50 شابا، بعضهم لا تتجاوز أعمارهم 18 سنة. وترجح مصادر غير رسمية الإفراج عن الأشخاص القصر لعدم بلوغهم السن القانونية، التي تجعلهم يقعون تحت طائلة القانون.

وينحدر المعتقلون بالجزائر العاصمة، من أحياء شعبية انطلقت من أغلبها شرارة العنف. وتتخوف السلطات من ردود فعل حادة من سكان هذه الأحياء في حال قدمتهم للمحاكمة. وفي المسيلة (260 كلم شرق العاصمة)، وقعت مساء أول من أمس، مواجهات بين قوات الأمن ومجموعة من الأشخاص بعد تشييع جنازة الشاب عز الدين لبزة، الذي توفي في الأحداث. ونظم مشيعو الجنازة مسيرة في الشوارع للتعبير عن غضبهم. وناشدت السلطات المحلية أئمة وأعيان المنطقة التدخل لتهدئة الغاضبين ودعوتهم إلى التعقل. وعاد أمس الهدوء إلى كل المناطق التي عاشت الأحداث التي خلفت أربعة قتلى ومئات الجرحى، بحسب وزير الداخلية، دحو ولد قابلية، الذي تعهد بتحسين ظروف معيشة الجزائريين، وتقليص معدلات البطالة «في غضون أشهر».