مصر: مطالب بتعديل قوانين الأحوال الشخصية وبناء دور العبادة ومناهج التعليم

مسلمون ومسيحيون دعوا لوأد الفتنة الطائفية بتغييرات جذرية فيها

TT

«أحداث الفتنة الطائفية ما كانت لتحدث لو اتخذت الدولة منذ البداية إجراءات صارمة لترسيخ مبدأ المواطنة».. جملة يقولها الرجل المسيحي المصري الذي يناديه أصدقاؤه من المسلمين والمسيحيين باسم «الحاج جرجس»، في خلط مقصود بين الصفة التي تطلق عادة على المسلمين العائدين من الحج، وبين اسمه الذي يشير بوضوح إلى ديانته.

وهز أرجاء مصر بمسلميها ومسيحييها تفجير لم تعرف دوافعه بعد أمام كنيسة القديسَين بمدينة الإسكندرية ليلة الاحتفال برأس السنة. وقال جرجس، الذي يعمل في مطعم سياحي شهير في قلب القاهرة: «الحاصل اليوم يقول إن المسؤولية تقع على عاتق شخص ما. هذا الشخص غير معروف، لكنه مستمر في تعطيل وضع قوانين ومناهج دراسية من شأنها تجنيب الفتنة. ويعطل إنفاذ قوانين قائمة تنص على المساواة في المواطنة».

وعلى المائدة الكبيرة التي يجلس إليها جرجس وعدد من الكتاب والفنانين المصريين، حيث يسهرون بعد انتهاء يوم العمل بالمطعم، كان رسام الكاريكاتير المصري المسلم «حسانين» منهمك بجوارهم في الرسم بقلم رصاص على ورق أبيض علم مصر وفي كل جانب منه يدان تمثلان الهلال (المسلمين) والصليب (المسيحيين) تحاولان شد جانبي العلم وحمايته من التمزق. وتحت الرسم كتب «مصر في خطر».

وتحاول الحكومة المصرية اتخاذ إجراءات تحد من التربص من جانب بعض المتشددين من الديانتين، ينتج عنه بين حين وآخر اشتباكات يقع فيها قتلى وجرحى. لكن جرجس يقول إن أهم هذه الإجراءات هو سن قانون جديد للأحوال الشخصية لا يفرق بين المواطنين على أساس الديانة، وقانون جديد موحد لبناء دور العبادة للمسلمين والمسيحيين، لأن الفئة الأخيرة مقيدة.. «إذا أراد تجمعٌ للمسيحيين في منطقة سكنية بناء كنيسة للتعبد فيها، فإن الحصول على الترخيص يستغرق سنوات. مجرد الرغبة في ترميم سور لكنيسة يعتبر من المستحيلات».

كان جرجس يتحدث للجمع الجالس من المسلمين والمسيحيين في ضيافة صاحب المطعم.. وخلال ذلك أخذ عامل آخر بالمطعم الرسم الذي أنهاه الفنان حسانين ولصقه على الحائط. وتوجد على الجدار صفوف من صور زيتية لرموز مصرية من المسلمين والمسيحيين: شعراء وكتاب وممثلون. وتوجد خلف الطاولة الخاصة بإدارة المطعم كتب وصور فرعونية وقبطية وإسلامية. ويفخر صاحب المطعم، وهو مسيحي أيضا، بأن مطعمه الذي يقع في شارع طلعت حرب، يؤمه سياح أجانب بسبب العبق المصري الذي ينتشر فيه.

ورغم شكاوى لمسيحيين من تعرضهم لمضايقات خاصة في شأن بناء دور العبادة، فإن حادث كنيسة القديسين أثار موجة من الانتقادات الدولية بشأن وجود اضطهاد.. وهو ما ترفضه الحكومة.

وبعد لقاء بالقاهرة مع رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي المسيحي والاتحاد المسيحي الاجتماعي بالبرلمان الألماني فولكر كاودر، قال وزير الأوقاف المصري الدكتور محمود حمدي زقزوق أمس إنه لا يوجد اضطهاد للمسيحيين في البلاد. وأعلن أن «قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين من المنتظر عرضه على مجلس الشعب في دورته الحالية لإقراره، كما أنه يتم حاليا الإعداد لمشروع قرار لبناء الكنائس سيصدر قريبا». وتقول قيادات في الحزب الحاكم إن الأمر يتطلب استحداث منهج للوحدة الوطنية والمواطنة يتم تدريسه لتلاميذ المدارس والطلاب.