مثول المتهم بمحاولة اغتيال البرلمانية الأميركية أمام القضاء

عضو الكونغرس المصابة تتواصل مع الأطباء.. ووالدها يحمل «حركة الشاي» المسؤولية

أعضاء الكونغرس والموظفون فيه خلال وقوفهم دقيقة صمت حزنا على ضحايا إطلاق النار، في واشنطن أمس (إ.ب.أ)
TT

في حين مثل، أمس، أمام محكمة فيدرالية، الشاب المتهم بمحاولة اغتيال غابريال غيفوردز، عضو مجلس النواب الديمقراطي، بدأت الأخيرة تتواصل مع الأطباء، لكن دون أن تتمكن من الكلام، بينما حمل والدها مسؤولية محاولة اغتيالها إلى حزب حركة الشاي (تي بارتي). وبحسب آخر حصيلة، فإن حادث إطلاق النار الذي جرى في موقف سوبر ماركت في توسون بولاية أريزونا، أوقع ستة قتلى، بينهم فتاة في التاسعة من العمر، و14 جريحا، بينهم غيفوردز التي أصيبت إصابة خطيرة في رأسها. وقد اعتقل مطلق النار جاريد لي لوفنار، 22 عاما، في موقع الحادث، ووجه إليه مدعي عام أريزونا رسميا، الليلة قبل الماضية، تهمتين بالقتل (مساعد غيفوردز وقاض فيدرالي)، وثلاث تهم بمحاولة القتل. وحذر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، روبرت مولر، من احتمال توجيه تهم جديدة إليه «مع تقدم التحقيق».

ولزم المتهم الصمت منذ اعتقاله، ولا تزال دوافعه مجهولة. وأعلن متحدث باسم مكتب المباحث (إف بي آي) أن عناصر شرطة تابعين للمكتب عثروا، أمس، في منزل لوفنار على رسالة تعود إلى سنة 2007، شكرته فيها غيفوردز على حضور اجتماع أقامته خلال حملتها الانتخابية لعضوية الكونغرس حينها. كما عثروا على ظرف مكتوب عليه: «خططت لكل شيء»، وعلى ظرف آخر مكتوب عليه: «اغتيالي».

وأمس، تكشفت معلومات إضافية عن المتهم، منها قوله على صفحته «الإنترنتية» أن من بين كتبه المفضلة «مانفستو الحزب الشيوعي» و«كفاحي» لأدولف هتلر. وأعلن الأطباء في مستشفى جامعة أريزونا، أمس أن غيفوردز، تتواصل مع الأطباء في صمت، وأنها تجاوبت مع أسئلة الأطباء لكن من دون أن تتمكن من الكلام.

وقال الطبيب الجراح، مايكل ليمول، إن الرصاصة أصابت منطقة من المخ تتحكم في خلايا المخ. وأضاف: «هناك مناطق في المخ لا تتحمل دخول أي جسم غريب. ونحن نتابع ذلك بعناية».

وقال مايكل لومول، من الجراحين الذين يشرفون على غيفوردز: «نحن متفائلون بشأن فرصة معافاتها». وقال عن التواصل معها: «هذا يشجعنا كثيرا. لكن، ما زلنا نتحدث عن وضع حرج لأن هناك تورما في منطقة المخ، وهو طبيعي بسبب ما فعلت به الرصاصة. لكننا نأمل ألا يكبر التورم، وألا يتدهور الوضع».

في غضون ذلك، تكثفت الانتقادات لحركة الشاي، التي تمثل الجناح اليميني في الحزب الجمهوري، بأنها نشرت ثقافة سياسية أسهمت في الحادث، وأنها هددت باستخدام القوة ضد معارضيها، بل ونوهت بإمكانية اغتيال بعضهم، خاصة خلال حملة انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأمس، قال سبنسر غيفوردز، والد النائبة المصابة: «كل حزب الشاي عدو لابنتي».

وكان مراسل صحيفة «نيويورك بوست» سأله عن الاتهامات ضد حزب الشاي، فانفجر باكيا، وغاضبا على حزب الشاي. وكانت نفس الصحيفة كشفت، أول من أمس، أن سارة بالين، الحاكمة السابقة لولاية ألاسكا، ومن قادة الجناح اليميني في الحزب الجمهوري، انتقدت، خلال الحملة الانتخابية الماضية، غيفوردز بشدة.

وذكرت أن بالين كتبت في صفحتها في موقع «فيس بوك»: «لا تتراجعوا، استمروا، أعيدوا تعبئة مسدساتكم». ووضعت صورة غيفوردز على لوحة تدريب على إطلاق البنادق والمسدسات، غير أن بالين قالت إنها لم تدع أي شخص لإطلاق النار على غيفوردز، وأوضحت أنها وضعت الصورة والعبارات في صفحتها كإشارة إلى تشجيع المواطنين ليصوتوا ضدها في دائرتها الانتخابية. كذلك، أشار ليبراليون وديمقراطيون إلى الدوافع المحتملة للمتهم. وقال بعضهم إن الشاب تأثر بشعارات متطرفة من أعضاء حزب الشاي. وكتب أحدهم: «دعوات الحقد والريبة نحو الحكومة كمؤسسة، والتشكيك في النظام السياسي، وإثارة المشاعر 24 ساعة في اليوم، وسبعة أيام في الأسبوع، لا بد أن تؤثر على الناس، لا سيما على المختلين عقليا».

وفي أول يوم من العطلة الرسمية الأسبوعية، تم أمس تنكيس الأعلام في واشنطن، كما وقف الأميركيون على الساعة الحادية عشر صباحا دقيقة صمت، تذكرا لضحايا إطلاق النار، حسب طلب قدمه الرئيس باراك أوباما.

وبسبب الحادث الذي خلق صدمة في واشنطن، أجل الكونغرس نقاشا حول خطة الرئيس أوباما الصحية. وشن أعضاء ديمقراطيون في الكونغرس هجوما على «تصريحات متطرفة»، من دون إشارات إلى حزب الشاي، ومن دون تحديد أسماء معينة في الحزب. ونقل تلفزيون «سي بي إس» تصريحات للسيناتور الجمهوري جون كايل، حذر فيها من المبالغة في إلقاء اللوم على التصريحات السياسية.

وقال: «لا يعرف أحد الدوافع الحقيقية لهذا الشاب. لكننا نعرف أنه مختل العقل تقريبا. يجب أن ننتظر حتى نعرف دوافعه الحقيقية». وبينما أمر جوب بينر، رئيس مجلس النواب، بتنكيس الأعلام فوق مبنى الكونغرس، قال إن ما حدث يوضح أن العمل العام، في المجال السياسي والحكومي «محفوف بالمخاطر».

وأضاف: «هذا العمل غير الإنساني لا يجب أن يردعنا، ولن يردعنا، عن تمثيل دوائرنا. ولا يجب أن يمنعنا عن القيام بواجباتنا التي أقسمنا اليمين على القيام بها».

وطالبت شرطة الكونغرس المشرعين «باتخاذ الاحتياطات المعقولة والحذرة حول الأمن الخاص لكل واحد». وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن غالبية أعضاء الكونغرس لا يتمتعون بحماية أمنية، سوى رئيسي مجلسي النواب والشيوخ، وأن الحادث ربما سيجعل الكونغرس يصدر قانونا بحماية كل واحد من أعضائه.

وتعد غيفوردز، الشقراء المعروفة بأناقتها، والمتزوجة من رائد الفضاء مارك كيلي، أول امرأة يهودية تمثل في الكونغرس ولاية أريزونا، بداية من عام 2006. وهي تميل إلى الجناح المعتدل داخل الحزب الديمقراطي، وتقترب من الحزب الجمهوري في مواضيع مثل الحد من الهجرة غير القانونية، وحمل السلاح الخاص. غير أنها صوتت لصالح خطة أوباما لضمان التأمين الصحي لكل الأميركيين.

إلى ذلك، اشتهر رجال ونساء، واعتبروا «أبطالا» لما قاموا به أثناء القبض على لوفنار. وقال تلفزيون «فوكس» إن باتريشيا مايش، هي «البطلة الأولى»، وهي المرأة المتقدمة في السن التي هاجمت المتهم بينما كان يريد إعادة تعبئة المسدس الأوتوماتيكي لمواصلة المذبحة. وفي مقابلة معها في نفس التلفزيون، قالت: «أنا لست بطلة. أنا فعلت ما كان يجب أن أفعل». وأضافت: «أنا طبعا سعيدة لأني أوقفت مذبحة ثانية. كان يريد إعادة تعبئة المسدس بعد أن نفدت الذخيرة في المذبحة الأولى».

وخلال مؤتمر صحافي، قال مدير شرطة توسون إن «كارثة هائلة كانت يمكن أن تحدث لو لم تتدخل هذه المرأة. كانت الكارثة ستكون مضاعفة». وقال إن المتهم أفرغ مشط ذخيرة كانت فيه ثلاثون رصاصة. غير أن باتريشيا مايش انقضت عليه قبل أن يدخل في المسدس مشطا ثانيا به أيضا ثلاثون رصاصة.