يهود أميركا اللاتينية: ليبرمان دمر علاقات إسرائيل مع دول القارة

اعتبروا الاعتراف الجماعي بدولة فلسطينية فشلا ذريعا لحكومة نتنياهو

TT

وجه قادة المنظمات اليهودية في أميركا اللاتينية الاتهام إلى وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، بتحمل مسؤولية «تدمير العلاقات الودية بين إسرائيل ودول القارة الأميركية الجنوبية». وأكدوا أن الاعتراف الجماعي لدول هذه القارة بفلسطين دولة مستقلة ذات سيادة، هو تعبير عن فشل الحكومة الإسرائيلية كلها، وبشكل خاص وزير الخارجية.

وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، إن يهود أميركا اللاتينية قلقون من التطورات الجديدة، وسيعبرون عن هذا القلق في المؤتمر الذي تعقده الجامعة العبرية في القدس، نهاية الشهر المقبل، للبحث في أوضاع اليهود في هذه القارة، وكيفية مجابهة الأوضاع الجديدة.

وحسب الصحافي يتسهار ليفي، فإن دول أميركا اللاتينية، باستثناء كوبا وفنزويلا، حافظت خلال سنين طويلة على علاقات ودية مع إسرائيل، وعلى موقف متوازن تجاه الصراع في الشرق الأوسط. ولكن هذا الموقف بدأ يتغير منذ الجولة التي قام بها ليبرمان للمنطقة وشملت البيرو وكولومبيا والبرازيل والأرجنتين. ففي حينه، وبعد أن رفضت الدول العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل (مصر والأردن والسلطة الفلسطينية) والولايات المتحدة ودول أوروبا، استقبال ليبرمان، فاجأ المراقبين بجولته في أميركا اللاتينية زاعما أنه قرر إحداث ثورة في علاقات إسرائيل الخارجية.

وقال ليبرمان يومها إن تركيز علاقات إسرائيل على دول الغرب، وإهمال دول كبيرة وغنية ومهمة مثل البرازيل والأرجنتين وتشيلي ودول أفريقية كثيرة، كان خطأ استراتيجيا، وإنه قرر تصحيح هذا الخطأ. ولكن، وبعد مرور سنة واحدة على تلك الجولة، يتضح أنه حقق عكس المراد، وأن كل ما قاله عن «اختراق إسرائيلي في أميركا اللاتينية»، هو عبارة عن كذب وتضليل. وأنه بدلا من تجنيد هذه الدول لصالح السياسة الإسرائيلية، قررت دول أميركا اللاتينية التحيز أكثر لصالح فلسطين.

وكان يتسهار يعلق على قرار تشيلي، في نهاية الأسبوع الماضي، الاعتراف بدولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، عاصمتها القدس الشرقية، ورفع درجة الممثلية الفلسطينية إلى مستوى سفارة. فهذه خامس دولة في أميركا اللاتينية تتخذ مثل هذا القرار، حيث سبقتها كل من البرازيل والأرجنتين وبوليفيا والأكوادور. وقال: «الاتجاه في العالم بات واضحا، فكلما استمر الجمود في المفاوضات، تخسر إسرائيل مكاسبها السياسية الواحدة تلو الآخرى. وما إن تنتهي سنة 2011 حتى يكون العالم كله يعترف بفلسطين ويحاصر إسرائيل ويفرض عليها عزلة سياسية خانقة».

ويتفق مع هذا الرأي، أفريام دافيدي، الباحث في شؤون أميركا اللاتينية، الذي يقول إن البذور السيئة التي غرسها ليبرمان في تلك الدول كانت سامة، وهذا كان معروفا حتى خلال الزيارة. ولكن لأن الإعلام الإسرائيلي والدبلوماسية الإسرائيلية يتجاهلان تلك الدول ولم يرسلا من يتعرف على حقيقة الأجواء التي أحاطت بزيارات ليبرمان، بقيت الحقيقة غائبة عن الإسرائيليين ولم يعرفوا ما هو الدمار الذي تركه وراءه ليبرمان. «فهذه الجولة لم تتم بهدوء. وثارت ضدها حملة احتجاج واسعة في تلك الدول. فأينما حل ليبرمان أقيمت مظاهرات شعبية تطالبه بوقف الحصار عن قطاع غزة، ووقف الاستيطان التوسعي، والعودة إلى المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية».

وأشار دافيدي إلى أن قسما كبيرا من قادة المنظمات اليهودية في دول أميركا اللاتينية هاجموا زيارة ليبرمان ونشروا بيانات تتحدث عن ليبرمان كـ«قائد يميني عنصري يشوه سمعة اليهود بالقوانين العنصرية التي يسنها والتصريحات العنصرية التي يطلقها ضد المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيو 48) وضد الفلسطينيين بشكل عام».

وذكر من بين هذه المنظمات: «أيكوف» (المنظمات التقدمية للثقافة اليهودية في الأرجنتين) وشبكة مدارس «شالوم عليخم» وأصدقاء حركة «السلام الآن» الإسرائيلية وفرع أميركا اللاتينية لحزب «ميرتس» الصهيوني اليساري في إسرائيل. وقال دافيدي إن كل صحيفة أجرت لقاء مع ليبرمان وسمعت آراءه في مختلف القضايا، خرجت بانطباع أنه عدواني ليس فقط ضد الفلسطينيين، بل أيضا ضد دول أميركا اللاتينية. فقد حاول تحريض بعضها على بعض وتحت شعار «مكافحة الإرهاب» حاول دق الأسافين بينها وبين الدول العربية الصديقة وتجنيدها ضد العرب والإسلام عموما وضد الفلسطينيين بشكل خاص.

من جهة ثانية، وجه مصدر في الخارجية الإسرائيلية اتهاما إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بأنه يتحمل المسؤولية عن قرار تشيلي الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وقال هذا المصدر إن السفير الإسرائيلي لدى تشيلي، دافيد دادون، حاول طيلة أسبوع دفع نتنياهو إلى إجراء حديث مع رئيس تشيلي، سباستيان بينيرا، ليقنعه بالامتناع عن اتخاذ قرار كهذا. ولكنه لم يفعل. وفقط يوم الخميس الماضي، أي قبل يوم من إعلان القرار، تكلم معه ودعاه لزيارة إسرائيل. فوافق على الزيارة وحدد موعدا لها في شهر مارس (آذار) المقبل، على أن تشمل السلطة الفلسطينية أيضا، ولكنه رفض تغيير قراره حول الاعتراف بفلسطين.