أعلام السودان ترفرف في تل أبيب.. ومطالبات لجوبا بعلاقات مع إسرائيل

اللاجئون السودانيون في إسرائيل.. صوتوا في استفتاء رمزي لصالح الانفصال

لاجئون سودانيون يحملون الأعلام السودانية في تظاهرة بتل أبيب (أ.ف.ب)
TT

لأول مرة في تاريخ إسرائيل، رفرفت أعلام جنوب السودان في قلب مدينة تل أبيب أمس، وذلك احتفاء بالاستفتاء الشعبي الجاري في الجنوب السوداني حول الانفصال وتكوين دولة جديدة. ومع أنهم لا يستطيعون المشاركة في الاستفتاء في وطنهم، فإنهم بادروا إلى إجراء استفتاء رمزي خاص بهم، أسفر عن نتيجة حاسمة لصالح الانفصال.

وكان ألوف السودانيين قد تدفقوا على تل أبيب من مواقع سكناهم في مختلف أنحاء إسرائيل، بناء على دعوة بعض منظمات حقوق الإنسان التي ترعى قضيتهم وتسعى للاعتراف بهم كلاجئين في إسرائيل. وجاءت الدعوة بهدف إقناع المجتمع الإسرائيلي بأن يقبلهم في صفوفه. وقال نداف كوهين، من قادة إحدى هذه المنظمات، إن وزارة الداخلية الإسرائيلية التي تتخذ موقفا غير إنساني من هؤلاء اللاجئين تحاول التحريض عليهم وتشويه صورتهم بالقول إنهم مجرد متسللين جاءوا بحثا عن الغنى والترف، وإن هذه مناسبة لإظهار السودانيين على حقيقتهم.. لاجئون ينتظرون فرصة تحقيق الهدوء والأمان في وطنهم حتى يعودوا إليه ويعيدوا الالتحام بعائلاتهم.

وقد حضر السودانيون المقيمون في عشرات البلدات الإسرائيلية من إيلات جنوبا وحتى الجليل الأعلى شمالا، وهم يرتدون اللباس الوطني التقليدي ويلوحون بالأعلام. وراحوا يقيمون حلقات الغناء والرقص الفلكلوري، يحيط بهم المئات من المواطنين الإسرائيليين محبي الاستطلاع. وقال أحد المنظمين، تشانجوكي دينغ داب، إنه متأثر جدا من اللقاء بهذا العدد من أبناء وطنه. وقال إن السودانيين اللاجئين في إسرائيل يتعاملون مع الاستفتاء باعتباره تطورا ديمقراطيا تاريخيا. وأضاف: «نحن هنا مسلمون ومسيحيون معا، بعضنا يؤيد الانفصال وبعضنا يؤيد الوحدة. لا نتشاجر ولا يقتل بعضنا بعضا كما يحدث في الوطن. ولكننا جميعنا ضد نظام الحكم الحالي في السودان، الذي بسببه هجرنا وطننا وخسرنا بيوتنا وأرزاقنا وأريقت دماؤنا وتشردنا».

وكشف دينغ داب، أنه ورفاقه قرروا المشاركة في الاستفتاء بشكل رمزي، وأن غالبية بمقدار 72% منهم أيدت الانفصال. وقال: «نحن لسنا انفصاليين بطبعنا، ولكن من حقنا أن نستقل عن الشمال عندما تقرر الحكومة هناك فرض الشريعة الإسلامية على الحكم». وأضاف: «فرض الشريعة على أعداد كبيرة من السكان المسيحيين أمر في غاية الخطورة ويبقينا مواطنين من الدرجة الثانية. ولذلك، من الأفضل الانفصال».

وقال ويليام مكون، أحد أوائل المهاجرين إلى إسرائيل عبر سيناء المصرية: «لقد قتل خمسة ملايين سوداني في الحروب الداخلية في السودان منذ رحل الإنجليز عن وطننا في سنة 1956 وهذا يكفي. الآن نحن في حاجة إلى الاستقلال ونأمل فعلا أن تقبل حكومة السودان بنتائج الاستفتاء فلا تنقلب عليه إذا جاءت النتيجة في غير صالحها. فإذا قبلت، نأمل أن تقرر حكومة الجنوب السوداني إقامة السلام مع إسرائيل، حتى يتاح لنا مغادرة هذا البلد والتحرك بحرية على الطريق الواصل بين إسرائيل والسودان».

وقال محمد السليماني، وهو مسلم يتصادق مع كثير من السودانيين المسيحيين القادمين من الجنوب، إنه يؤيد الوحدة وصوت لها في الاستفتاء في تل أبيب. ولكنه يعتقد أن الحرب الشرسة بين الشمال والجنوب جعلت الوحدة شبه مستحيلة. وعليه، فإنه يفضل الانفصال في هذه المرحلة، ولكن بشرط الالتزام باقامة علاقات مميزة بين الكيانين؛ «فنحن في النهاية شعب واحد، ذو مصلحة واحدة مشتركة. ولن يطول انفصالنا. ولكننا نحتاج إلى فترة نقاهة من الحرب. وهذه النقاهة يمكن أن تكون بمثابة اختبار لنوايا كل طرف. فإذا دلت على نوايا إيجابية، فإن ذلك سيكون بداية للسلام والعودة لأحضان الوطن».

وقال السليماني إنه كعربي وطني معتز بعروبته قلق جدا مما ثيحدث للمسيحيين في العراق وفي مصر وغيرهما من بلدان الوطن العربي ولكنه يتمنى أن يحدث الانفصال حتى لا يسود الصراع كل العلاقات الداخلية. وعليه، فقد وجه نداء إلى العالم العربي، يقول فيه إن الأمر يتطلب تدخلا لتغيير النظرة إلى الأقليات المسيحية ومنحها الشعور بالأمان والأخوة.