كلينتون من أبوظبي: إيران تواجه مشكلات تكنولوجية عطلت جدولها الزمني

تسعى في جولتها الخليجية لاحتواء الضرر الناجم عن تسريبات «ويكيليكس»

الشيخ الفريق أول محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي لدى استقباله وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس (أ.ف.ب)
TT

هي ذاتها العناوين القديمة الجديدة لزيارة أي مسؤول أميركي إلى منطقة الخليج في السنوات الأخيرة.. حيث تصدرت زيارة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى الإمارات العربية المتحدة، بينما كان التركيز على عنوانين عريضين، لعل الأول، وهو الأهم، أن العقوبات الدولية المفروضة على إيران «صعبت جدا «من طموحها النووي»، في محاولة لطمأنة الأطراف الإقليمية بجدوى هذه العقوبات التي يضطلعون بتنفيذها، بينما يطل العنوان القديم الجديد لهذه الزيارة عبر تأكيد كلينتون على ضرورة بذل الجهود لإحياء عملية السلام المتوقفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال المبادرة العربية التي تحظى بإجماع عربي. كما تقول كلينتون، فالعقوبات الدولية ضد إيران بسبب ملفها النووي «صعبت جدا» تحقيق إيران طموحاتها النووية، مشيرة إلى أن «آخر تحليل يفيد بأن العقوبات تأتي بنتائج»، كلام كلينتون بدا رسالة تطمينية للمتخوفين من مشروع إيران النووي بأن العقوبات تؤتي أكلها، وقالت كلينتون في كلمة ألقتها في جامعة زايد إن «آخر تحليل يفيد بأن العقوبات تأتي بنتائج»، وإنها «صعبت جدا تحقيق إيران طموحاتها النووية.. إيران تواجه مشكلات تكنولوجية عطلت جدولها الزمني». وأضافت كلينتون: «إننا نلاحظ بعض المشكلات في إيران، لكن السؤال الحقيقي الآن هو كيف نقنع إيران بأن الأسلحة النووية لن توفر لها مزيدا من الأمن ولن تجعلها أكثر قوة، بل العكس تماما»، فيما يبدو أيضا تجنبا أميركيا لمجرد التلويح بالخيار العسكري ضد إيران في إطار الحديث عن «إقناع» إيران.

ولدى وصولها أول من أمس إلى أبوظبي، دعت كلينتون دول المنطقة إلى الاستمرار في «التركيز أكثر ما يمكن» و«بذل كل الجهود» من أجل تطبيق العقوبات على إيران وعدم الانسياق مع «خداع أي أجهزة استخبارات».

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول) أعلن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، موشي يعالون، أن تأخرا طرأ على البرنامج النووي الإيراني بعدة سنوات بسبب «صعوبات» تعرضت لها إيران في الآونة الأخيرة. وتقوم كلينتون بجولة تدوم 5 أيام في الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان وقطر للمضي قدما في تطبيق العقوبات بحق إيران، وكذلك لتعبر عن دعمها للحكومة العراقية الجديدة.

وفي ديسمبر الماضي لم تدع أي من الدول الخليجية إلى المحادثات التي عقدت في جنيف بين إيران والقوى الكبرى الست، مما أثار حفيظة هذه الدول، الأمر الذي حمل الإدارة الأميركية على إيفاد وزير الدفاع روبرت غيتس عقب محادثات جنيف مباشرة لعقد لقاءات خليجية لوضع تلك الدول في صورة المباحثات. وحط غيتس في زيارة مفاجئة بأبوظبي قادما إليها من أفغانستان، لبحث عدة ملفات، على رأسها الملف النووي الإيراني بالدرجة الأولى، وفقا لما أعلنته وزارة الدفاع الأميركية.

وأمام كل استحقاق يتعلق بملف إيران النووي تجري الولايات المتحدة الأميركية محادثات مع دول الخليج، على الرغم من أن الولايات المتحدة الأميركية لم تقم بدعوة دول الخليج للمشاركة في محادثات جنيف الأخيرة على الرغم من أهميتها للخليجيين. وقبل صدور حزمة العقوبات الدولية الرابعة ضد إيران، زار روبرت غيتس العاصمة الإماراتية أبوظبي في يناير (كانون الثاني) الماضي، وقالت مصادر مرافقة له في حينها إنه طلب دعم دول الخليج لجهود واشنطن لاستصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي لتشديد العقوبات على إيران بسبب ملفها النووي. وكانت أبوظبي حينها المحطة الثانية لغيتس في الخليج بعد السعودية.

إلى ذلك، حثت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس الدول العربية على بذل الجهود لإحياء عملية السلام المتوقفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وذلك من خلال تسوية أوسع وأشمل للصراع تستند إلى مبادرة السلام العربية التي اقترحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وتتضمن حل الدولتين، وبالتالي إقامة دولة فلسطينية. وأكدت كلينتون خلال حلقة خاصة من برنامج حواري على قناة «إم بي سي1» تم تسجيلها في جامعة زايد بأبوظبي، التزام الإدارة الأميركية بحل الدولتين كوسيلة لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط.. مشددة في الوقت نفسه على التزام بلادها بـ«إقامة دولة للشعب الفلسطيني، وضمان أمن الشعب الإسرائيلي».

ونوهت الوزيرة الأميركية إلى حاجة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض إلى دعم العالم من أجل مواصلة جهود بناء الدولة الفلسطينية التي وصفتها بأنها عمل صعب للغاية.

وأضافت أن على كلا الجانبين اتخاذ قرارات صعبة للغاية في هذا الصدد.. «الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون اقترب كثيرا جدا من حل النزاع عام 2000».. وقالت: «لو أننا نجحنا آنذاك لتأسست الدولة الفلسطينية منذ عشر سنوات».

وأكدت كلينتون أن الإدارة الأميركية «تعمل طوال الوقت من أجل محاولة بناء ذلك المستوى من الثقة بين الطرفين ليتمكنا من اتخاذ قرار».

ووصفت مبادرة السلام العربية بأنها وثيقة في غاية الأهمية، مشيرة إلى التقدم الذي أحرزه الفلسطينيون في بناء دولتهم وتقرير البنك الدولي العام الماضي الذي أكد، على حد قولها، أنه لو التزم الفلسطينيون بالمسار الحالي لكانوا مستعدين لإقامة دولتهم في غضون عامين.

وكان في استقبال الوزيرة كلينتون أول من أمس، الشيخ الفريق أول محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.. بينما أعلنت وزارة شؤون الرئاسة الإماراتية أن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، «قد تعرض صباح اليوم (أمس) لكسر في ذراعه أثناء ممارسته رياضته اليومية»، الأمر الذي أدى إلى إلغاء لقائه المقرر مع كلينتون، بينما أشارت الهيئة إلى أن الشيخ خليفة «سيمضي فترة نقاهة لعدة أيام». من جانبه، قال مسؤول أميركي أمس إن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ألغى اجتماعا مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، وذلك بعد أنباء عن إصابته بكسر في ذراعه. وخلال لقائه الوزيرة كلينتون، أكد ولي عهد أبوظبي حرص دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان على تعزيز علاقاتها المتميزة مع الولايات المتحدة الأميركية وتطويرها في المجالات كافة.

وأقرت هيلاري بأن من أسباب زيارتها للإمارات المتحدة وعمان وقطر محاولة احتواء الضرر الناجم عن تسريب البرقيات السرية التي كشفت أسرارا محرجة وتوترات في المنطقة. وصرحت كلينتون للوفد الصحافي المرافق لها في جولتها الخليجية التي شملت زيارة ثلاث دول بأن إيران «تظل مبعث قلق خطير» بغض النظر عن الوقت الذي ستمتلك فيه القدرة على تصنيع أسلحة نووية. وحثت هيلاري دول المنطقة التي تربطها أعمال بإيران على «القيام بكل شيء في حدود المنطق» لضمان تنفيذ العقوبات. وقالت: «لطالما بعثنا رسالة لأصدقائنا في الخليج تفيد بأنه ليس لأي جزء من العالم مصلحة من محاولة منع إيران من امتلاك أسلحة نووية أكثر منكم». وأضافت مشيرة إلى العقوبات والجهود التي تبذلها الدول العظمى لإقناع إيران بوقف تخصيب اليورانيوم: «لا أعرف إن كانت الفترة التي تتراوح بين عام وثلاثة أعوام تشعر أي شخص في الخليج أو في أي دولة توعدت إيران بتدميرها بالراحة. لذا أعتقد أن نبقي على ما نركز عليه في محله».