الخرطوم تدعو واشنطن إلى كف «شرها عن السودان».. وتنفي تحملها الديون وحدها

ترتب لاستراتيجية جديدة للعلاقات الخارجية بعد أن فقدت 3 من جيرانها

الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر وزوجته يراجعان مستندا داخل غرفة التصويت في جوبا أمس (إ.ب.أ)
TT

بينما يستعد السودان الشمالي لرسم سياساته الخارجية الجديدة بعد انفصال الجنوب، اتهم المؤتمر الوطني الحاكم الإدارة الأميركية وشركاء الـ«إيقاد» بالتنكر للوعود، في ما يتعلق بإلغاء العقوبات على الخرطوم ورفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، وطالبت واشنطن «كف شرها عن السودان». إلى ذلك، دعت الخارجية السودانية المجتمع الدولي إلى إعفاء ديون السودان الخارجية، ونفت أن يكون الرئيس البشير قد أكد للرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر أن الخرطوم ستتحمل الديون وحدها.

ومع إرهاصات قيام دولة الجنوب الجديدة كنتيجة مرتقبة لاستفتاء تقرير مصير جنوب السودان، الذي ستغلق فيه أبواب التصويت بعد 3 أيام، بدأ الحزب الحاكم في الخرطوم وضع استراتيجياته، وخططه للتعامل مع المجتمع الدولي، والإقليمي للمرحلة المقبلة، تمهيدا لإعلان سياسات خارجية جديدة، بعد أن يفقد 3 من جيرانه السابقين وهم أوغندا، كينيا، والكونغو الديمقراطية، ليرتبط بأطول حدود أفريقية مع دولة الجنوب، حيث تقدر المسافة بنحو 2200 كيلومتر. وترأس مستشار الرئيس السوداني، ورئيس قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني الحاكم مصطفى عثمان إسماعيل اجتماع القطاع الخارجي، الذي تداول في علاقات السودان الخارجية لمرحلة ما بعد انفصال الجنوب. وذكر إسماعيل في تصريحات صحافية أن «القطاع يعد رؤية تقوم على مبدأ حسن الجوار والمصالح المشتركة وتنشيط دور السودان في المنظمات الإقليمية والدولية»، وقال إن «التداول لا يزال مستمرا حول الرؤية تمهيدا لإعدادها في صورتها النهائية لرفعها لأجهزة الحزب العليا»، ولم يفصح عن تفاصيل الاستراتيجية الجديدة، في وقت دعا فيه القيادي بالحزب محمد مندور المهدي واشنطن إلى إبعاد «شرها عن السودان، واتهم الإدارة الأميركية وشركاء (إيقاد) بعدم الجدية في الإيفاء بالوعود التي وعدوا بها في ما يتعلق بإلغاء العقوبات ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب». وطالب المهدي «الإدارة الأميركية بكف يدها عن السودان» بعد أن وصف وعودها بالكاذبة، وقال: «رغم وعود أميركا وشركاء (الإيقاد) برفع العقوبات واسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وتقديم المساعدات، فإن واشنطن تنكرت لكل هذه الوعود التي وعدت بها». ويرهن الرئيس باراك أوباما «تحسين العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، بإجراء استفتاء سلمي في جنوب السودان، وقبول نتيجة الاستفتاء لا سيما في حال انفصال الجنوب، إلا أن مسؤولين أميركيين لمحوا أكثر من مرة إلى أن الخطوة المقبلة ستكون هي تحقيق السلام في دارفور ووقف انتهاكات حقوق الإنسان في الإقليم المضطرب، ومن ثم تقديم حوافز للخرطوم ورفع اسمها من لائحة الدول الداعمة للإرهاب». إلى ذلك، نفت وزارة الخارجية مضمون التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر والتي ذكر فيها أن الشمال سيتحمل مجمل الديون الخارجية، وسيرث الجنوب إذا انفصل ورقة بيضاء نظيفة من الديون.

وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية خالد موسى لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرئيس البشير في اجتماعه مع الرئيس كارتر أكد موقف السودان الثابت بضرورة أن يبادر المجتمع الدولي في إطار مشروع (الهيبك) بإعفاء ديون السودان»، وعزا ذلك إلى أن «البلاد في الشمال والجنوب لا تملك الموارد الكافية لتسديد هذه الديون، خاصة مع توقعات نقصان موارد الشمال النفطية وانشغال الجنوب بمواجهة تحدياته الجديدة إذا قرر الجنوبيون الانفصال». وأوضح موسى أن الرئيس البشير أكد أن الديون الخارجية هي مسؤولية مشتركة بين 3 جهات هي الشمال والجنوب والمجتمع الدولي. وقال موسى إن «تسوية ملف الديون الخارجية تعتبر إحدى القضايا العالقة بين الشريكين والتي يجري التفاوض حولها الآن ضمن موضوعات أخرى»، ونوه إلى أن لجنة أفريقية رفيعة المستوى برئاسة الرئيس الجنوب أفريقي السابق أمبيكي، بين تسوية الديون الخارجية للسودان وحل بقية القضايا الاقتصادية العالقة بين الشريكين، مشيرا إلى مبادرة من بعض الدول لم يسمها تسعى لتخفيض ديون السودان الخارجية.