قيادات كردية تكشف عن خلافات بين الحزبين الكرديين.. وحزب طالباني يشكو التهميش

«التغيير» : بارزاني أبلغ المالكي بعدم تعيين شرطي كردي واحد من دون موافقته

TT

لا يشك أي مراقب في وجود خلافات بين الأحزاب الكردية، الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، والاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة جلال طالباني، الرئيس العراقي، وحركة التغيير المعارضة، بزعامة نوشيروان مصطفى، القيادي السابق في الاتحاد الوطني. بل إن الخلافات داخل الأحزاب ذاتها، وهنا لا نتحدث عن خلافات فكرية أو آيديولوجية، بل تتعلق هذه الخلافات بمواضيع المصالح والعلاقات والنفوذ.

ويرى الكثير من قيادات الاتحاد الوطني أن الحزب الديمقراطي، الذي يرتبطون معه باتفاقية استراتيجية، هو الذي يسيطر على طبيعة الأمور، وهو الذي يقود كتلة التحالف الكردستاني، التي تضم الحزبين الكرديين الرئيسيين، وهذا ليس «شعورا عاطفيا بقدر ما هو واقع ملموس»، حسبما يؤكد أحد قادة الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي استطرد قائلا لـ«الشرق الأوسط»: إن «هذه السيطرة بدأت منذ الانتخابات البرلمانية لإقليم كردستان، التي حقق فيها الحزب الديمقراطي نتائج جيدة، قياسا إلى إخفاق الاتحاد الوطني وبروز كتلة التغيير كحركة مؤثرة ولها جماهيرها في الشارع».

ويضيف هذا القيادي الذي فضل عدم نشر اسمه، قائلا: «إن ما أعطى دفعا لقوة نفوذ الحزب الديمقراطي هو نجاح مبادرة زعيمه، بارزاني، في حل عقدة تشكيل الحكومة الاتحادية، فبينما هم فازوا بحقائب وزارية مهمة، فنحن لم نحصل إلا على رئاسة الجمهورية، التي منحت للمواطن الكردي عامة، شعورا بالاطمئنان بأن الكرد صاروا شركاء حقيقيين في قيادة البلد»، متسائلا «إن كانت هذه الشراكة حقيقية وفعلية أم هي مجرد شراكة صورية، فالأكراد لم يحصلوا من حكومة نوري المالكي السابقة سوى على الوعود، ولا نتوقع أكثر من ذلك من هذه الحكومة».

ويذكر القيادي في حزب طالباني أن «منصب نائب رئيس الإقليم الذي كان يشغله كوسرت رسول، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني، ما زال شاغرا، كما أن بارزاني رشح اثنين من حزبه للبرلمان العراقي، كبدلاء عن هوشيار زيباري والمرحوم سامي شورش، باعتبار أن الاثنين من الحزب الديمقراطي من دون ترشيح، أي من أعضاء الاتحاد الوطني».

وفي هذا السياق، كشف النائب عن التحالف الكردستاني شوان طه، في تصريحات صحافية ببغداد، أمس، أن التحالف «قدم أسماء مرشحيه لشغل المقاعد البرلمانية الشاغرة لوزير الخارجية هوشيار زيباري والنائب المتوفي سامي شورش»، مشيرا إلى أن «المرشحين هما من الحزب الديمقراطي الكردستاني عن محافظة نينوى، وهما محافظ نينوى السابق دريد كشمولة، الذي سيشغل مقعد زيباري، بينما سيشغل مقعد شورش عضو الحزب الديمقراطي جاسم السنجاري».

من جهة أخرى، برز خلاف حاد بين كل من الحزب الديمقراطي وحركة التغيير، حول حصص الأحزاب الكردية في الحكومة الاتحادية، إذ ترى حركة التغيير أنها مظلومة في توزيع الحقائب الوزارية ببغداد، ملقية اللوم على رئيس الإقليم، بارزاني، في هذا الشأن.

وكشف بيشهوا توفيق، النائب عن كتلة التغيير في البرلمان الكردستاني، الذي كان قد حضر اجتماعا للرئاسات الثلاث (الإقليم والحكومة والبرلمان) ترأسه بارزاني في أربيل، بحضور ممثلين عن اتحاد علماء المسلمين ونقابة الصحافيين ووزارتي العدل والأوقاف، قبل يومين، عن أن «بارزاني اعترف له خلال الاجتماع بأنه كان سببا في حرمان حركة التغيير من أي حصة لها في الحكومة العراقية الحالية».

وقال توفيق لـ«الشرق الأوسط» لقد «سألت بارزاني حول أسباب حرمان حركة التغيير من المناصب الوزارية ببغداد، فأجابني بصراحة أنه أبلغ المالكي بأنه لا يحق له (المالكي) تعيين شرطي كردي واحد من دون موافقته (بارزاني)، وكذلك موافقة كتلة الائتلاف الكردستاني». وأضاف توفيق «أن هذا المنطق الغريب يؤكد، بما لا يقبل الشك، أن الحزبين الكرديين وزعيميهما يريدان احتكار الساحة السياسية والسيطرة على كل شيء فيها، ويريدان أن يحولا بقية الأحزاب والقوى الكردستانية إلى أحزاب ذيلية تأتمر بأوامرهما، وإلا فإنها ستحرم من جميع المشاركات في مراكز الحكم».

وأيد، من جهته، رئيس الوفد التفاوضي لحركة التغيير تصريحات زميله في البرلمان الكردستاني، وقال لـ«الشرق الأوسط»: لقد «دخلنا المفاوضات المنفردة مع المالكي، على أمل أن نشترك في الحكومة التي أكدت أطرافها المتعددة أنها ستكون حكومة شراكة وطنية، لكنهم أحالونا مؤخرا إلى قيادة كتلة الائتلاف الكردستاني، لنأخذ حصتنا منها، فأبلغناهم بدورنا بأننا مستقلون عن الكتلة، وخضنا الانتخابات خارج إطارها، ولسنا في حاجة إلى موافقتهم لتأمين حصتنا من الوزارات، ولكن يبدو أن قادة التحالف الوطني رضخوا أخيرا لضغوطات الحزبين الكرديين بقيادة بارزاني وطالباني وصادروا حق حركتنا واستحقاقها الانتخابي للمشاركة في الحكومة العراقية».

الخلافات في المواقف امتدت حتى داخل الحزبين الكرديين الرئيسيين، خاصة في ما يتعلق بتأييد كل من، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية الدكتور إياد علاوي، أو المالكي، في سباق تشكيل الحكومة الذي انتهى للثاني. فقد عبر وزير سابق في حكومة الإقليم وقيادي في الحزب الديمقراطي عن أسفه «لأن الأكراد كانوا السبب في بقاء المالكي بمنصبه وعدم تأييد علاوي». وقال القيادي في حزب بارزاني، الذي فضل عدم نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»: إن «التاريخ سيحاسبنا باعتبارنا وقفنا ضد قوى متنورة لقيادة البلد ودعمنا قوى طائفية بذرائع أن علاوي لم يقل لنا كركوك لكم، وأن هناك بعثيين قي قائمته، في إشارة إلى صالح المطلك القيادي في الكتلة العراقية»، منبها إلى أن «علاوي قال إن مشكلة كركوك تحل من قبل أهالي كركوك وحسب الدستور، ولم يخدعنا في ذلك، وتجربتنا مع المالكي مريرة في تنفيذ الوعود، ومن جهة ثانية، فإن المطلك اليوم هو نائب لرئيس الوزراء».

وفي السياق ذاته، قال قيادي بارز في الاتحاد الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن «قيادات بارزة في حزبنا كانت تؤيد علاوي لتشكيل الحكومة، والأكراد سيندمون لدعمهم المالكي للبقاء في منصبه». بينما كشف محمود عثمان، عضو التحالف الكردستاني خلال تصريحات صحافية ببغداد، أول من أمس، عن مخاوف من تقارب بين علاوي والمالكي، وأن هذا التقارب الذي يحدث حسب نصائح أميركية سيؤدي إلى تهميش الكرد والتيار الصدري». لكن ميسون الدملوجي، نائبة البرلمان العراقي عن القائمة العراقية والناطقة الرسمية باسم كتلة علاوي، أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا التقارب يحصل حسب مبادرة مسعود بارزاني».