التسوية العربية قبل نهاية الشهر الحالي والتباين اللبناني مستمر حول مضمونها

النائب عون ينعى المبادرة السعودية ـ السورية

TT

تتجه أنظار اللبنانيين إلى نيويورك، التي يبحث فيها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، في بنود التسوية السعودية - السورية الهادفة إلى حل الأزمة اللبنانية، والمنتظر أن تتكشف قبل نهاية الشهر الحالي. ويكتسب وجود الحريري في نيويورك أهمية خاصة لمصادفته مع زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي للملك عبد الله للاطمئنان إلى صحته وإمكانية لقائه (الحريري) بهما.

وفي حين بقيت هذه التسوية وملف المحكمة الدولية، الشغل الشاغل للمتابعة السياسية في لبنان، أكد مصدر مقرب جدا من رئيس الحكومة اللبنانية، أن زيارة الحريري إلى نيويورك «مخصصة بالأساس للقاء العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، والتباحث معه في بعض النقاط المتعلقة بالمبادرة السعودية - السورية». وكشف المصدر لـ«الشرق الأوسط» عن «دور محوري وبناء يتولاه الملك عبد الله والمقربون منه، في معالجة الوضع اللبناني المتأتي عن القرار الاتهامي»، ولفت إلى أن «وجود الرئيس الحريري في نيويورك بالتزامن مع زيارة الرئيسين الأميركي والفرنسي باراك أوباما ونيكولا ساركوزي للملك عبد الله للاطمئنان إلى صحته، واحتمال لقاء الرئيس الحريري معهما غير متفق عليه مسبقا، لكن بالتأكيد إذا ما حصل اللقاء فهو سيتناول قضايا كبرى ومهمة ستكون المحكمة الدولية إحداها». وحول استمرار ضخ تسريبات في وسائل الإعلام المحسوبة على حزب الله وفريق «8 آذار» عن أن الحريري وافق على تسوية تنسف المحكمة الدولية والقرار الاتهامي، قال المصدر «إن ما تطالعنا به صحف المعارضة، هو أقرب إلى الصفقة منها إلى التسوية، خصوصا ما ينشر عن التنصل من المحكمة ووقف تمويلها وسحب القضاة اللبنانيين منها، مقابل أمور تتعلق بالحكومة والإدارات، هذه تكهنات واجتهادات وتمنيات لدى مروجيها لخلق جو سياسي معين مغاير لحقيقة ما يجري». وأكد أن «ما قصده الرئيس الحريري في قوله إن هناك تفاهمات منجزة، له علاقة بوقف التشنج ولجم أي تداعيات للقرار الاتهامي وعدم انعكاس ذلك على المؤسسات، وليس صفقة كما يروج البعض». ولفت إلى موقف للمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان مايكل ويليامز، بعد لقائه (ممثل حزب الله في الحكومة) وزير التنمية الإدارية محمد فنيش، حيث شدد على «ضرورة استمرار عمل المحكمة الدولية»، مثنيا على «لقاءات رئيس الحكومة سعد الحريري مع المسؤولين الأميركيين». وقال «إن المسعى السعودي - السوري مهم لمعالجة الأوضاع وتثبيت الأمن والاستقرار».

وعبر وزير البيئة محمد رحال (من فريق رئيس الحكومة سعد الحريري في الحكومة)، عن أمله في أن «تجلب زيارات الرئيس الحريري الأمان والاستقرار والاطمئنان لهذا البلد»، موضحا أن «لا جديد حتى الآن على صعيد المسعى السعودي - السوري»، مؤكدا أن «لا تسوية على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ولا على دماء الشهداء وهذا ما دفع الحريري للخروج عن صمته للقول إن هناك محاولة لحفظ الوضع الأمني والاستقرار الأمني في هذا البلد». وأعلن أن «الطرف الآخر (حزب الله وحلفاؤه) كان دائما يتلقف مبادرات رئيس الحكومة بمزيد من الضغط على فريق (14 آذار)، وصولا إلى هدف رئيسي هو إلغاء المحكمة الدولية»، أما موقف قوى «14 آذار»، فعبر عنه منسقها النائب السابق فارس سعيد، بقوله إن «القرار الاتهامي سيكون بمثابة زلزال ولأجل ذلك يلقى كل هذا الاهتمام، وسيُحدث زلزالا لأنه لأول مرة سيعلن من قتل من، وهذا ليس بالشيء السهل»، وأعرب عن أمله في أن «تؤسس العدالة الناتجة عن المحكمة الدولية لمصالحة سياسية»، معتبرا أن «ذكاء حزب الله يتمثل بألا يجعل من المحكمة الدولية أداة لقطع رأسه»، مشيرا إلى أنه «ليس هناك أي شيء سوري - سعودي في نيويورك، بل هناك ما هو ثابت ويتمثل بألا مساومة على المحكمة الدولية ولا مساومة على القرار الاتهامي، فهذه الأمور خارج التسوية».

ومن جهة حزب الله، اعتبر نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب الشيخ نبيل قاووق أن «كل أعداء المقاومة يعملون لاستهدافها بشكل غير مباشر من خلال سلاح المحكمة الدولية»، لافتا إلى أنهم «لا يريدون الحقيقة والعدالة إنما يريدون أن ينتقموا من المقاومة وأن يعوضوا هزيمة يوليو (تموز) ويستكملوا أهداف تموز ويستكملوا تنفيذ القرار 1559». ورأى أن «تداعيات استخدام المحكمة كسلاح ضد المقاومة هي أثقل وأكبر من قدرتهم على التحمل، والتحرك العربي - العربي والمسعى السوري - السعودي إنما يهدف لتسهيل التفاهم اللبناني - اللبناني وليس بديلا عنه»، لافتا إلى أن «المسعى السوري - السعودي يقرب من اتفاق لبناني - لبناني ويسهل على اللبنانيين اتخاذ موقف موحد برفض استخدام المحكمة سلاحا ضد سورية». وأشار قاووق إلى أن «المستجدات السياسية الأخيرة كشفت عن حجم التخبط والإرباك وانعدام الشفافية بين قوى (14 آذار)، فهناك شكوك ولوم بين بعضهم البعض في محاولات لتعقيد الحل، ولكنهم أضعف من أن يعرقلوا حلا بين الأطراف الأساسية في البلد».

من جهته، اعتبر رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون أن «المبادرة السعودية ـ السورية انتهت بدون نتيجة»، لأن الفريق اللبناني الذي كان يتم التفاوض معه وهو فريق الحكومة سعد الحريري لم يتجاوب مع هذه المساعي فوصلنا إلى طريق مسدود.

ولفت عمون إلى أن «هناك اتصالا بين السعودية والرئيس السوري بشار الأسد وبعدها أبلغنا أن هذا الموضوع انتهى إلى لا نتيجة»، رافضا اتهامه بأنه نعى مبادرة «س س»، مشددا على أنه «سنحاول الوصول إلى حل لبناني ـ لبناني».

وقال «يبقى علينا واجب المبادرة إلى مبادرة أخرى، وموقفنا دائما ايجابي، ولكن يبدو أن الفريق الآخر كان يعمل لكسب الوقت»، لافتا إلى أنه «يتم البحث عن مخرج جديد مع الرئيس ميشال سليمان، والنتيجة التي نصل إليها سنعلنها».

وأرجع عون فشل المبادرة إلى اللبنانيين أنفسهم وليس للسعودية أو سورية، مضيفا، «نحن نتحمل كامل المسؤولية ولذلك كنت دائما أقول فلنذهب إلى الحل اللبناني ونترك الخارج، نحن أيدنا المبادرة السعودية ـ السورية لأننا لا نستطيع أن نكون ضد مسعى خير يساعد، ولكن اصحاب المسعى نبهونا إلى أن نتحمل مسؤولياتنا كلبنانيين ليحصل حل».