وزير التعليم لـ«الشرق الأوسط»: قريبا.. استراتيجية لتطوير التعليم في السعودية للأعوام الـ50 المقبلة

قال إن بلاده تبحث تطوير التعليم لكي تتمكن من بناء مملكة تكون منطلقا لمساعدة باقي الدول الإسلامية

TT

كشف الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم السعودي لـ«الشرق الأوسط»، عن استعدادات تجري داخل الوزارة للإعلان عن رؤية استراتيجية للمملكة في مجال تطوير التعليم تمتد للأعوام الـ50 المقبلة. وقال إن الوزارة «تركز الآن على بناء خطط استراتيجية في كل محور من المحاور، فهناك خطة خاصة مثلا لبرنامج تطوير وأخرى للمعايير وواحدة للعلاقة مع القطاع الخاص والمعايير.. جميعها خطط منفصلة ستجتمع تحت مظلة واحدة». وأضاف أن لقاء قد يعقد خلال العام الحالي يضم مسؤولي الوزارة «لكي يبنوا الرؤية الكبيرة، وهي بناء الهرم المؤسساتي، ليبقى للأعوام الـ25 أو الـ50 المقبلة».

ولم ينف الأمير فيصل في تصريحات خاصة بـ«الشرق الأوسط» على هامش المنتدى العالمي للتعليم الذي عقد في لندن أمس، وجود مشكلة بطالة في المملكة التي تبلغ 6.5 في المائة من سكانها ما دون 25 عاما، إلا أنه أكد أن أعداد العاطلين عن العمل ليس مرتفعا لدرجة تثير الرعب. ولفت إلى أن المدارس تعتمد نظاما في الصفوف الثانوية لتجهيز الطلاب لسوق العمل. وأضاف: «في الخارج 60 إلى 70 في المائة يتوجهون إلى سوق العمل و30 في المائة يتوجهون إلى الجامعات، بينما في السعودية العكس هو الصحيح، حيث يتوجه 70 في المائة من الطلاب إلى الجامعات». ونفى أن تكون هناك أي خطط لجعل التعليم إلزاميا في السعودية، مشيرا إلى عدم الحاجة لذلك لأن معظم السعوديين يرسلون أولادهم للتعليم، وأن عدد الفتيات المتعلمات يتساوى مع عدد الشبان المتعلمين.

وشدد الوزير السعودي على أهمية مساعدة المملكة للدول الإسلامية الفقيرة في مجالات مختلفة، خصوصا في مجال التعليم، وقال: «نؤمن بأن التعليم هو الحل للفقر والجوع والجهل الموجود في عدد من البلدان خصوصا في عالمنا الإسلامي». وأشار إلى أن رسالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، هي المساعدة على إيجاد حلول في كل دول العالم وليس العالم الإسلامي. وأَضاف: «إذا كان هذا التوجه من القيادة، فنحن نبحث كيفية تطوير التعليم لكي نتمكن من بناء مملكة تكون منطلقا لمساعدة باقي الدول الإسلامية، لأن المملكة عليها مسؤولية مساعدة الدول الإسلامية من خلال إعانات ودعم في شكل أموال تصرف».

وتمنى أن «تكون المملكة هي المنطلق الذي يربط أفريقيا بآسيا»، مشيرا إلى أن «معظم الدول في القارتين هي دول مسلمة لديها العديد من المشكلات من الفقر إلى المرض والجهل». وقال: «أملنا أن تكون المملكة هي الرواق إلى حيث تأتي الشركات العالمية لكي تبني عندنا وتشارك معنا في بناء مراكز للبحث والتطوير، لإنتاج منتج يتواءم مع احتياجات الدول الإسلامية الأخرى». وعقد الأمير فيصل خلال وجوده في لندن لقاءات مع عدد من الوزراء؛ من بينهم وزير التعليم مايكل غوف، وقال إنه ناقش معهم قضية تشييد نظام التأشيرات التي تمنح للقادمين من خارج الاتحاد الأوروبي. ولكنه أضاف أن النظام الجديد لن يؤثر على الأرجح على الطلاب السعوديين الذي يدرسون في بريطانيا. وقال ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»: «تحدثت بالأمر مع الوزراء ولكن لا أعتقد أن هذا الأمر سيؤثر على طلابنا». وكان الأمير فيصل قد أكد في كلمة ألقاها خلال المنتدى العالمي للتعليم في قاعة كينزينغتون أولمبيا وسط لندن، أن التعليم لطالما كان في أعلى سلم أولويات المملكة. وقال: «السعودية تحول نفسها إلى مجتمع معرفة حيث التعليم هو الوسيلة الأساسية لتحقيق هذا التحول». وأضاف: «السعودية وطن تحركه قيادة قوية ولديها الرؤية والإرادة للاستفادة من كل مواردها البشرية والطبيعية. حكومتنا ارتقت إلى التحدي وأعادت تشكيل الاقتصاد السعودي إلى نظام يرتكز على المعرفة والمنافسة والمجتمع الفعال». وشدد على أن القيادة تعي أن «الشباب السعودي هو حامل شعلة المستقبل، ومن الأساسي التركيز على تنمية التعليم لدى الصبيان والبنات، في ما خص التربية العقلية والبدنية». وأضاف: «لذلك من الأساسي أن يكون لدينا نظام تعليمي متين ودائم وعصري وفعال، يحضر أولادنا للمستقبل. علينا أن نطبع لدى أولادنا الشغف بالتعليم لتطويرهم إلى مستويات متقدمة من مجتمع مبني على المعرفة، حيث التعليم هو التمكين الأساسي لتحقيق الإنجازات». وتأسست وزارة التعليم السعودية قبل 60 عاما تقريبا، في عام 1953، إلا أنها مرت بمراحل تطويرية مهمة. وذكر الأمير فيصل أن الوزارة أشرفت على مرحلة توسع التعليم في السعودية، ومن ثم على مرحلة نوعية التعليم. وقال: «مرحلة النوعية بدأت قبل عدة سنوات، وهدفها تحسين نوعية كامل النظام التعليمي.. النظام التعليمي الحالي كبير نسبيا ويعتمد على المركزية، وغير خاضع لتنظيم جيد مع عدد قليل من الانتسابات إلى الحضانات، ومشاركة ضئيلة من القطاع الخاص». وخصصت السعودية لقطاع التعليم والتدريب، من ميزانية عام 2011، 150 مليار ريال، وهو يمثل قرابة 26 في المائة من النفقات المعتمدة في الميزانية، وبزيادة 8 في المائة عما تم تخصيصه في ميزانية العام الماضي.

وأشار الأمير فيصل إلى أن السعودية اعتمدت عددا من الإصلاحات خلال الأعوام الماضية لتطوير نظامها التعليمي. وعد منها مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام الذي أطلق قبل 3 سنوات، الذي يتضمن تطوير مناهج التعليم لكي تلاقي متطلبات القرن الـ21، إضافة إلى تطوير تدريب المعلمين والمتخصصين، وتحديث البنى التحتية للمدارس وإدخال التكنولوجيا إلى كل الصفوف، إضافة إلى التركيز على مناهج دراسية إضافية متعلقة بالثقافة والرياضة». وأشار إلى مبادرة أطلقتها الوزارة لإدخال الإنترنت إلى جميع المدارس، علما بأن 85 في المائة منها مربوط بالشبكة العنكبوتية حتى الآن. وكان الملك عبد الله بن عبد العزيز قد أطلق قبل 3 سنوات مشروعا لتطوير التعليم العام، «حرصا على تحقيق التنمية المستدامة للمملكة، وتحقيقا لرؤيته في أن التعليم هو الأساس لبناء اقتصاد معرفي يسهم في الوصول بالمملكة العربية السعودية إلى مصاف الدول المتقدمة وتحقيق المشاركة المستقبلية للنشء في بناء مجتمع متقدم في جميع المجالات». وأعطى الوزير السعودي أيضا أمثلة أخرى اعتمدتها السعودية لتطوير التعليم، منها إعادة هيكلة القطاع التعليمي من خلال منح المدارس المزيد من الاستقلالية، والتوجه نحو اللامركزية وتحديد دور الوزارة في التخطيط وصناعة السياسات والتمويل والإشراف والرصد. وأشار إلى خطوة إنشاء جهاز تنظيمي مستقل لتحديد المعايير والمبادئ التوجيهية، وتفتيش المدارس وتقييم المعلمين والطلبة وترخيص المدارس الخاصة. وذكر اعتماد السعودية خطة مبادرة للتشجيع على زيادة عدد الأطفال الذي يرتادون الحضانات، ورفع العدد من 7 في المائة حاليا إلى 50 في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة. وقال: «العام الماضي وحده، أسسنا 300 حضانة جديدة. وبحسب ما نؤمن، فإن التعليم يبدأ على مستوى الحضانات، ونحن نتوق لكي يكون لدينا قاعدة صلبة».