أبو رحمة.. من مدرس للغة العربية إلى رمز للنضال السلمي في السجون الإسرائيلية

شقيقه لـ«الشرق الأوسط»: إنهم يحاكمون المقاومة الشعبية من خلال عبد الله

TT

تحولت المقاومة الشعبية في بلعين ونعلين وقرى أخرى في الضفة الغريبة إلى هاجس إسرائيلي يجب التخلص منه بأي شكل. وجربت إسرائيل خلال الشهور القليلة الماضية كل شيء ممكن، فقد أعلنت القرى الناشطة مناطق عسكرية مغلقة، وهاجمت المتظاهرين بالرصاص الحي والمطاط والغاز السام والروائح الكريهة، وضيقت على المتضامنين الأجانب، ومنعت كثيرا منهم من الدخول، واعتقلت بعضهم ورحلت آخرين، كما اعتقلت ناشطين فلسطينيين كان أبرزهم عبد الله أبو رحمة منسق لجنة مقاومة الجدار في بلعين الذي قضى عاما كاملا في السجن، وبدل أن تفرج عنه المحكمة الثلاثاء، مددت سجنه إلى 16 شهرا.

وانتهت عقوبة عبد الله الأولى في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ولكن، وبناء على طلب النيابة العسكرية، ظل معتقلا، حتى وافقت المحكمة على تمديد اعتقاله إلى 16 شهرا.

ويحاكم أبو رحمة الآن، بصفته رمزا للمقاومة الشعبية في بلعين، التي بدأت متواضعة ومحل سخرية، وتحولت إلى أسبوعية تستقطب أحرار العالم من كل مكان، ومحل إحراج كبير للإسرائيليين.

وقال راتب أبو رحمة المنسق الإعلامي للجنة الشعبية لمقاومة الجدار، وشقيق عبد الله، لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم يحاكمون المقاومة الشعبية وليس عبد الله. إنهم يرون فيه رمزا لمقاومة بلعين التي وضعت إسرائيل في أزمة دولية». ويعمل عبد الله مدرسا للغة العربية في مدرسة دير اللاتين في بير زيت، وكان يعمل أيضا مساعدا بيطريا، وهو في الأساس مزارع يهوى أرضه التي شاهد الجدار يلتف حولها ويخربها يوما بعد يوم، وهو ما قاده إلى التفكير في تأسيس لجان المقاومة الشعبية في 2004 قبل عام من بدء انطلاق المظاهرات.

وأضاف شقيقه راتب: «لم يكن يتوقع هذا النجاح، لكنه كان مصرا على حماية الأرض، وتحقق هذا من خلال تغيير مسار الجدار».

والمعركة التي تخوضها بلعين الآن هي معركة «هدم الجدار»، التي تشهد هذه الأيام مواجهات أعنف من قبل، وبحسب أبو رحمة الذي يعمل محاضرا جامعيا، فإن القاضي الذي أمر بالتمديد لشقيقه عبد الله كان يحاكمه على اشتداد المقاومة وامتدادها واستقطابها ناشطين أجانب بشكل أكبر.

وغصت قاعة محكمة عوفر العسكرية قرب رام الله، أول من أمس، بالمراقبين، منهم لويزا مورغنتيني نائبة رئيس البرلمان الأوروبي سابقا، والقنصل الفرنسي العام، ودبلوماسيون من بريطانيا وإسبانيا ومالطة وألمانيا والنمسا، وآخرون لم يجدوا متسعا للجلوس داخل القاعة.

وقال أبو رحمة: «هؤلاء جاءوا تعبيرا عن دعمهم للمقاومة الشعبية ورفضهم محاكمتها وردعها، من خلال محاكمة عبد الله». ووجه الادعاء العسكري لأبو رحمة تهمة قيادة وتنظيم المظاهرات السلمية في بلعين، والتحريض على ضرب الحجارة والمشاركة في ضربها، والمشاركة في مظاهرات وصفت بغير قانونية.

وقال عبد الله أبو رحمة بعد قرار الحكم إنه لا يعترف بهذه المحكمة وإنها غير شرعية وإن قرارها سياسي. وأضاف: «إن الذي يجب أن يحاكم هو الاحتلال وجنوده على جرائمهم المتواصلة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، الذي كان آخرها قتل جواهر أبو رحمة وهي في مسيرة سلمية، والمسن القواسمي في فراشه، والمسلماني ومسودي على حاجز الحمرا بدم بارد».

وحظيت محاكمة أبو رحمة باهتمام فلسطيني رسمي. فاعتبرت الحكومة المحكمة العسكرية الإسرائيلية «محكمة باطلة وغير شرعية وقراراتها تعكس سياسات إسرائيل الهادفة إلى إدامة الاحتلال للأرض الفلسطينية».

ووصفها وزير الدولة لشؤون الجدار والاستيطان ماهر غنيم بـ«غير أخلاقية، تهدف إلى إرهاب المواطنين ونشطاء العمل الشعبي ضد الاستيطان والجدار». وأضاف: «إن تصعيد الاحتلال لسياساته ضد ناشطي المقاومة الشعبية في كافة المناطق المستهدفة، من قتل واعتقال وطرد واستيلاء على الممتلكات، إنما يأتي في إطار تكامل الأدوار ما بين أدوات الاحتلال من جيش ومستوطنين ومحاكم وبرعاية الحكومة الإسرائيلية».