الرئيس التونسي يقيل وزير داخليته ويفرج عن الموقوفين.. ويشكل لجنة للتحقيق في الفساد

انتشار وحدات من الجيش في تونس مع حظر للتجول

TT

أقال الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وزير داخليته، وانتشرت قوات الجيش في وسط العاصمة تونس أمس بعد أن امتدت موجة من الاضطرابات - التي قال مسؤولون إنها أسفرت عن مقتل 23 شخصا - لأول مرة إلى العاصمة.

كما قررت وزارة الداخلية التونسية، أمس، فرض حظر تجول في العاصمة تونس. وقالت الوزارة، في بيان نشرته وكالة الأنباء التونسية، «نظرا لما شهدته بعض أحياء العاصمة مساء أول من أمس وأمس من أعمال شغب ونهب واعتداءات على الممتلكات والأشخاص، وحفاظا على أمن المواطنين وسلامة الأملاك والمكاسب - تقرر إعلان منع الجولان بولايات تونس الكبرى (تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة) بصورة مؤقتة، اعتبارا من مساء اليوم (أمس) بداية من الساعة الثامنة ليلا إلى غاية الساعة الخامسة والنصف صباحا». وأضافت الوزارة «يستثنى من هذا القرار الحالات الصحية العاجلة وأصحاب الأعمال الليلية».

وذكرت وكالة الأنباء التونسية أن بن علي «قرر تعيين السيد أحمد فريعة وزيرا للداخلية والتنمية المحلية وإطلاق سراح كل الأشخاص الذين تم إيقافهم خلال الأحداث التي شهدتها بعض مناطق البلاد باستثناء من أثبتت التحقيقات العدلية تورطهم في أعمال عنف شديد وتخريب مقصود وحرق للممتلكات».

وأعلن رئيس الوزراء التونسي محمد غنوشي أمس إقالة وزير الداخلية رفيق بلحاج قاسم، والإفراج عن جميع الموقوفين في إطار الاضطرابات الاجتماعية التي تهز البلاد منذ 4 أسابيع. وأعلن أيضا في مؤتمر صحافي تشكيل لجنة تحقيق حول الفساد الذي تندد به المعارضة ومنظمات غير حكومية.

وقال رئيس الوزراء: «قررنا تشكيل لجنة تحقيق للتحقيق بشأن مسألة الفساد». وقد قتل أكثر من 50 شخصا خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي بحسب أحد النقابيين، 21 بحسب الحكومة، أثناء مظاهرات غير مسبوقة احتجاجا على البطالة. واندلعت الاضطرابات في وسط تونس منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي إثر حادث سكب الزيت على النار، وامتدت مساء الثلاثاء إلى إحدى ضواحي العاصمة تونس حيث انتشر الجيش أمس.

وكان الرئيس زين العابدين بن علي تدخل الاثنين عبر التلفزيون في مسعى لنزع فتيل الأزمة، لكن المظاهرات استمرت واعتبرت المعارضة التدابير المعلنة والوعود بتوفير وظائف غير كافية.

إلى ذلك، انتشرت وحدات من الجيش في تونس العاصمة أمس، حيث تصاعد التوتر بعد اندلاع مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين خلال الليل في أحياء شعبية بالضاحية الغربية، كما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وظهرت تعزيزات عسكرية من جنود بالسلاح وشاحنات وسيارات جيب ومصفحات في العاصمة التونسية للمرة الأولى منذ اندلاع المواجهات التي تشهدها تونس منذ 4 أسابيع.

ويأتي ذلك في وقت أشارت فيه مصادر من المعارضة إلى إقالة أحد قادة هيئة أركان سلاح البر الجنرال رشيد عمار الذي رفض إعطاء الأمر إلى الجنود بقمع الاضطرابات التي انتشرت في البلاد وتعبر عن تحفظه إزاء استخدام القوة بشكل مفرط بحسب المصادر نفسها.

واستبدل بعمار قائد الاستخبارات العسكرية الجنرال أحمد شبير بحسب هذه المعلومات التي لم يتم التأكد منها من مصادر رسمية. وتمركزت هذه التعزيزات عند مفارق الطرق في وسط العاصمة وعند مدخل حي التضامن، حيث كانت الأضرار التي خلفتها أعمال العنف خلال الليل ظاهرة.

وتمركزت مصفحة وجنود مسلحون عند مدخل هذه الضاحية الكبيرة، حيث لم يرفع بعد حطام السيارات وحافلة ركاب محترقة بالقرب من مقر المعتمدية الذي تعرض لهجوم أمس.

وغطى حطام الزجاج وإطارات السيارات المحترقة طريق بيزرت التي تمر في الأحياء الشعبية التضامن والانطلاقة والمنيهلة في غرب العاصمة. وشوهدت بقايا إطارات محترقة في حي الزهور، حيث الوضع كان هادئا والمحال التجارية تفتح أبوابها بعد مظاهرات جرت أمس.

وفضلا عن تعزيزات الشرطة الكبيرة ووحدات التدخل الخاصة، هناك آليتان للجيش وجنود بالسلاح يتولون حراسة الساحة التي تربط بين جادتي فرنسا والحبيب بورقيبة قبالة السفارة الفرنسية وكاتدرائية تونس الكبيرة. وقد شهدت هذه الساحة أمس مظاهرات قمعتها الشرطة. كذلك شوهدت تعزيزات عسكرية حول مقر الإذاعة والتلفزيون في حي لافاييت. أما حركة السير، فكانت شبه طبيعية! ولوحظت ازدحامات نادرة بالضاحية بسبب الأمطار. وكانت محطات الإذاعة الوطنية والخاصة تبث برامجها كالمعتاد، بينما تستعيد الإذاعة الحكومية بشكل واسع التدابير التي اتخذها الرئيس زين العابدين بن علي لنزع فتيل الأزمة التي تسببت فيها مظاهرات احتجاج على البطالة في الوسط الغربي ما لبثت أن امتدت إلى معظم مناطق البلاد. ومن جهتها، أدانت المتحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون أمس استخدام القوة «غير المتكافئ» من قبل الشرطة في تونس، حيث أقيل وزير الداخلية لتوه إثر مظاهرات اجتماعية عنيفة. وقالت المتحدثة مايا كوسييانسيك إن «هذا العنف غير مقبول، ويجب تحديد هوية الفاعلين وإحالتهم إلى القضاء». وأضافت: «نحن قلقون من استخدام القوة غير المتكافئة من قبل الشرطة تجاه المتظاهرين المسالمين»، موضحة أن الاتحاد الأوروبي يطالب بإجراء تحقيق في هذا الخصوص.

وكانت أشتون طالبت بـ«الإفراج فورا» عن المتظاهرين والمدونين والصحافيين الذين أوقفوا في تونس خلال الأسابيع الأخيرة.

وفي جنيف، أعلنت الشرطة السويسرية أن السفارة التونسية في برن تعرضت ليل الثلاثاء الأربعاء إلى محاولة لإحراقها من قبل شخص أو عدة أشخاص، لكن المحاولة لم تسفر سوى عن أضرار طفيفة. وقالت الشرطة في بيان إنه «في وقت مبكر من صباح أمس حاول مجهول أو مجهولون إضرام النار في السفارة التونسية في برن. وتبحث الشرطة عن شهود». وأضاف البيان أن «النار لم تندلع وكانت الأضرار طفيفة».

كما دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الحكومة التونسية إلى العمل من أجل «حل سلمي» لوقف الاضطرابات الاجتماعية التي تشهدها البلاد، وذلك في مقابلة مع قناة العربية التي يوجد مقرها في دبي.

وقالت كلينتون في المقابلة التي بثت مساء أول من أمس: «نحن قلقون بالإجمال من عدم الاستقرار في تونس، يبدو أن الاحتجاجات خليط ما بين الاقتصادي والسياسي، وللأسف فإن رد الفعل الحكومي أدى إلى مقتل البعض، ونأمل في حل سلمي».

وشددت كلينتون على أن «واشنطن ليست طرفا في المواجهات الجارية حاليا بين محتجين والسلطات التونسية»، وأشارت إلى أن الولايات المتحدة «ستقوم بالاتصال مع السلطات التونسية عندما تهدأ الأوضاع». وحثت كلينتون الحكومة التونسية على «التركيز لإيجاد الوظائف للعاطلين» عن العمل.

وقد أوقعت الاضطرابات الاجتماعية التي تشهدها تونس منذ نحو شهر بين 21 قتيلا بحسب السلطات وأكثر من 50 قتيلا بحسب نقابي.

وكانت الولايات المتحدة أعربت عن قلقها إزاء معلومات أشارت إلى «استخدام مفرط للقوة» من قبل القوات التونسية لتفريق المتظاهرين.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية استدعت الخميس الماضي السفير التونسي محمد صلاح تقية للتعبير عن قلقها وطالبت باحترام الحريات الفردية. كما استدعت الحكومة التونسية من جهتها السفير الأميركي غوردن غراي.