تونس: شلل تام لكافة المرافق وبن علي يصدر تعليمات لمساعدة المتضررين

الاتحاد الأوروبي قد يعلق مفاوضاته مع تونس

عمليات التخريب والنهب شلت الحركة التجارية والإدارية والمالية في تونس (أ.ب)
TT

سيطرت حالة من الخوف والترقب على الشارع التونسي يوم أمس بعد أن شلت الحركة التجارية والإدارية والمالية وسط العاصمة التونسية. وسارع أصحاب المحلات التجارية والمقاهي ومختلف المصالح الإدارية إلى إغلاق أبواب المحلات خشية تعرضها للتخريب، كما تظاهر محتجون في منطقة باب البحر وفي ساحة «الباساج» بوسط العاصمة وسمع صوت إطلاق الرصاص بمواقع عدة من العاصمة دون الإبلاغ عن ضحايا. كما شوهد دخان أسود يتصاعد عن بعد وغطى الناس أفواههم لتجنب استنشاق الدخان. وكانت الاشتباكات تدور على مسافة بضع مئات من الأمتار من مبنى البنك المركزي في المنطقة التجارية الرئيسية بالمدينة التي تضم أيضا المحطة الرئيسية للحافلات والقطارات.

ومن جهته، قرر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي أمس إقالة عبد العزيز بن ضياء الوزير المستشار الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية. وكان محمد الغنوشي الوزير الأول قد أعلن خلال جلسة استثنائية عقدها أمس البرلمان التونسي أن بن علي أصدر تعليمات «بالنظر في وضعية الأفراد والعائلات المتضررة من أحداث العنف والتخريب ومساعدتهم على جبر الأضرار التي لحقت بهم». إلى ذلك، قالت منظمات حقوقية إن عدد ضحايا الاحتجاجات الاجتماعية قد بلغ 58 قتيلا منذ بدايتها. وطالبت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتكوين لجنة لتقصي الحقائق حول ظروف وملابسات تعرض المدنيين التونسيين لإطلاق الرصاص.

إلى ذلك، تواصلت الاحتجاجات أمس قرب مقر ولاية (محافظة) تونس العاصمة حيث حاصرت قوات الأمن المتظاهرين المقدر عددهم بنحو 1500 متظاهر. ولم يؤثر قرار منع التجول الذي اتخذه وزير الداخلية التونسي أحمد فريعة في إخماد فتيل الاحتجاجات التي تواصلت ليلا في الضواحي الشعبية بالعاصمة، وقد تعرضت مجموعة من الممتلكات الخاصة إلى عملية تخريب ونهب منظم. وتحدثت الأنباء عن سقوط ضحية خلال ليلة أول من أمس التي قضاها سكان تونس الكبرى في حالة منع للتجول. وذكر شهود عيان أن 4 محتجين قد لقوا حتفهم في مدينة منزل بورقيبة الواقعة على بعد 60 كلم عن العاصمة، كما تجددت الاشتباكات بين المواطنين وقوات الأمن في مدينة بنزرت (60 كلم شمال العاصمة) وسقط أحد الضحايا في تلك الاحتجاجات. كما تعرضت الممتلكات الخاصة في مدينة نابل بالشمال الشرقي للبلاد إلى عمليات نهب، وجاءت المؤسسات البنكية والتجارية على رأس قائمة التخريب والنهب. وذكر شاهد عيان أن شابا قد لقي حتفه ليلا في مدينة حمام الأنف بالضاحية الجنوبية للعاصمة. وذكر شهود عيان أن مدينة سيدي بوزيد (265 كلم عن العاصمة وسط البلاد) التي كانت منطلق الاحتجاجات الاجتماعية في تونس قد تعرضت إلى النهب والتخريب ليلة الخميس، وذلك بعد انسحاب قوات الجيش منها وترك المدينة في ظل فراغ أمني.

وعرفت مدينة جندوبة بمنطقة الشمال الغربي التونسي (170 كلم عن العاصمة) مسيرات احتجاجية حاشدة بمناسبة تنظيم الاتحاد العام التونسي للشغل (المنظمة العمالية) لإضراب في الجهة تضامنا مع ضحايا تلك الاحتجاجات، واستعملت قوات الأمن القوة لتفريق المتظاهرين.

وقالت مصادر حقوقية إن الأستاذ الجامعي الذي سقط قتيلا في مدينة دوز بالجنوب التونسي يحمل الجنسية الفرنسية إلى جانب الجنسية التونسية، وهو ما يرجح الاحتمال بتقديم قضية للتحقق من أسباب الوفاة أمام المحاكم الفرنسية. وقالت نفس المصادر إن امرأة عمرها 56 عاما قد لقيت حتفها الأربعاء كذلك، وهي تحمل الجنسية السويسرية إلى جانب الجنسية التونسية، وتقول تلك المصادر إن عائلتها ستتجه إلى المحاكم السويسرية للتحقيق في الوفاة.

وفي بروكسل، قال مصدر دبلوماسي لوكالة الصحافة الفرنسية أمس إن الاتحاد الأوروبي يدرس عدة خيارات من بينها تعليق مفاوضاته مع تونس حول تعزيز علاقاتهما، وذلك نظرا لقمع المظاهرات بعنف. وأكد المصدر أن «ذلك قد يكون خيارا» بالنسبة للاتحاد الأوروبي. وردا على سؤال في هذا الصدد، لم تؤكد وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون في مؤتمر صحافي صراحة هذا الاحتمال، لكنها قالت إن الأوروبيين يفكرون في تداعيات الاضطرابات الحالية. وصرحت «نتابع عن كثب الوضع ونفكر في تداعيات الأحداث الأخيرة على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتونس وندرس عدة خيارات». ودعا نواب أوروبيون إلى تعليق المفاوضات الجارية بين الاتحاد الأوروبي وتونس بهدف تعزيز العلاقات الثنائية.