سفراء في فيينا يمتنعون عن التصريح «بسبب التعليمات».. قبل توجههم إلى إيران

مصدر غربي لـ«الشرق الأوسط»: محادثات إسطنبول لن تقتصر على تبادل الوقود النووي

TT

أكملت السفارة الإيرانية بالنمسا إجراءاتها، أمس، استعدادا لمغادرة عدد من السفراء ورؤساء مجموعات جغرافية وسياسية بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى إيران، لزيارة مواقع إيرانية نووية غدا وبعد غد.

وأكدت السفارة الإيرانية أن تغطية الزيارة هي مهمة حصرية سيتكفل بها الإعلام الإيراني فقط.

وكان المندوب الإيراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، السفير علي أصغر سلطانية، قد وجه الدعوة لكل من مصر والجزائر وكوبا والجامعة العربية وفنزويلا والبرازيل وتركيا والمجر والصين وروسيا، بالإضافة للاتحاد الأوروبي، مستثنيا دولا تصفها إيران بـ«الدول الكيدية»، كالولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وألمانيا وبريطانيا.

وستحصل الزيارة قبل أيام على انطلاق مفاوضات إسطنبول، بين إيران والمجموعة الدولية 5 + 1، في إطار مساعي إيران لتأكيد مصداقية تعاونها الشفاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأعلن سلطانية أن السفراء تم اختيارهم كمندوبين عن كل أعضاء الوكالة، وأنهم سيزورون مفاعل نطنز لتخصيب اليورانيوم، ومنشأة اراك للمياه الثقيلة، كما ستتوفر لهم فرص اللقاء بعدد من كبار المسؤولين الإيرانيين.

وبينما بادرت المسؤولة عن العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، لإعلان رفضها للدعوة، باعتبار أن زيارة المنشآت النووية وتفتيشها ليست مسؤولية الدبلوماسيين، بل هي مهمة يقوم بها المفتشون الدوليون، اكتفى السفير المصري، إيهاب فوزي، رئيس مجموعة عدم الانحياز، في مكالمة هاتفية مع «الشرق الأوسط»، أمس، بتأكيد مشاركته رافضا الإدلاء بأي تصريح، «التزاما بتعليمات» كما قال.

وتعذر الوصول إلى سفراء آخرين، واستعملت مكاتبهم حجج «السفير مريض»، أو «لم يحضر لمكتبه»، كما في حالة السفير التركي، و«السفير في اجتماع وسيعاود الاتصال»، كما حالة السفير المجري.

وأكدت السفارة الصينية أن سفيرها موجود ببكين، بينما قالت السفارة البرازيلية إن سفيرها بسان باولو بصحبة والده المريض. وكانت السفيرة الكوبية قد أوضحت لـ«الشرق الأوسط» سابقا أنها قد وعدت مندوب إيران بعدم الإدلاء بأي أحاديث صحافية بخصوص هذه الزيارة البتة.

واكتفى أحد السفراء، بعد التشديد على عدم ذكر اسمه، بالقول لـ«الشرق الأوسط»، إن الرحلة «ليس سابقة، بل هي الثانية من نوعها»، مشيرا إلى «أن عزل إيران لن يؤدي إلى نتيجة، وأنها تعاني معاناة واضحة إثر العقوبات».

وأضاف: «لهذا فلا بد من تقديم المزيد من التعامل الدبلوماسي حتى لا تندفع في طريق كوريا الشمالية التي انسحبت من الوكالة جملة وتفصيلا، وها هو المجتمع الدولي الآن محتار يبحث عن وسيلة للتواصل معها دون فائدة، ولم يعد أحد بعدما قطعت علاقاتها بالوكالة الدولية يعلم شيئا عن برنامجها النووي».

وردا على سؤال عما إذا كانت عدم مشاركة روسيا والصين، بالإضافة للاتحاد الأوروبي، قد تقلل من أهمية الزيارة، أجاب أن زيارة مشابهة قد تمت من قبل دون مشاركتهم، كما حدث 2006، مذكرا بأن «زيارات كهذه ليس للتفتيش والتحري، وإنما لمجرد متابعة الوضع ولضخ زخم أن إيران ترفض العزلة، وأن ملفها النووي يمكن حله دبلوماسيا».

من جانبه، ذكر المندوب الأميركي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، السفير غلين ديفيز، أن قيام مجموعة سفراء برحلة مدفوعة القيمة لمواقع نووية تختارها الحكومة الإيرانية لن يكون بديلا عن عمليات التفتيش المهنية التي يقوم بها الاختصاصيون من مفتشي الوكالة، مؤكدا أن عمليات التفتيش والتحري التي تقوم بها الوكالة هي الوسيلة المثلى لتأكيد مصداقية إيران والتزامها بتعاون شفاف مع الوكالة.

وفي سياق متصل، نفت مصادر غربية أن يكون هناك إجماع أو اتفاق على أن تقتصر المفاوضات المتوقعة بين إيران ومجموعة 5 + 1 بإسطنبول نهاية الأسبوع المقبل، على بحث اقتراح تبادل الوقود الذي بموجبه يمكن لإيران أن ترسل كمية مما خصبته من يورانيوم مقابل الحصول على وقود نووي لمفاعل طهران للأبحاث الطبية.

وكان سلطانية قد ذكر في تصريحات صحافية أن محادثات إسطنبول قد تكون الفرصة الأخيرة للتفاوض، مؤكد أن إيران فور أن تتمكن من تصنيع الوقود النووي اللازم لمفاعل طهران قد لا تعود إلى تفاوض في المستقبل؛ إذ لن يسمح لها البرلمان بالتفاوض، كما لن يسمح بإرسال يورانيوم للخارج، داعيا دول مجموعة 5 + 1 لانتهاز الفرصة بإسطنبول.

وفي توضيح لـ«الشرق الأوسط»، أشار المصدر الغربي إلى أن المتفاوضين قد يتطرقون لاقتراح تبادل الوقود في إطار الموضوع الأساسي الأكبر، ألا وهو قضية الملف النووي الإيراني وضرورة التزام إيران بالتعاون الشفاف مع الوكالة، وصولا لاستعادة ثقة المجتمع الدولي المفقودة في سلمية أنشطتها النووية، وليس أن تقتصر المفاوضات على هذا الاقتراح الذي هو بادرة من بوادر اكتساب تلك الثقة.

وذكر أن الاقتراح تقدمت به الوكالة التي لن تكون طرفا في مفاوضات إسطنبول التي ستشارك فيها دول أخرى، ليس ضمن مجموعة فيينا المختصة ببحث هذا المقترح (تتكون مجموعة فيينا من الوكالة بالإضافة لفرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية، بينما تضم مجموعة 5 + 1 دول مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا).

وذكر المصدر أن مقترح تبادل الوقود هو في الأساس صفقة، وإذا ما طرح سيؤخذ في الاعتبار كل المستجدات التي طرأت منذ أن عرضته الوكالة في أكتوبر (تشرين الأول) 2009، وعلى إيران إن كانت لا تزال راغبة أن تستعد وتتهيأ لذلك.

وكانت مصادر قد فسرت عودة سلطانية للحديث عن اتفاق تبادل الوقود كإشارة لرغبة إيران في تنفيذه، على الرغم مما سبق أن أعلنته قبل يومين، من أنها ستنتج وقودها بنفسها، مما يدلل على أن إيران تواجه صعوبات في هذا المجال من الإنتاج النووي الدقيق.