كندا تعرقل إصدار بيان ختامي لمنتدى المستقبل.. ورفض عربي لإغفال ذكر حدود 67 والقدس

كلينتون تتجنب التطرق مطولا للقضية الفلسطينية.. وتطالب دول الشرق الأوسط بمكافحة الفساد

هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية أثناء حضورها جلسة «منتدى المستقبل» في العاصمة القطرية الدوحة أمس (إ.ب.أ)
TT

اختتم أمس منتدى المستقبل، الذي يجمع وزراء خارجية ومسؤولين حكوميين من دول مجموعة الثماني والشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، من دون بيان ختامي، أو حتى رئاسي، بعد رفض كندا إجراء تعديلات على صيغة اقترحتها، حيث دعا الفلسطينيون إلى الإشارة إلى حدود عام 1967 وإلى تضمين البيان الإشارة إلى القدس باعتبارها عاصمة الدولة الفلسطينية.

وقالت مصادر وثيقة الصلة بالمؤتمر لـ«الشرق الأوسط» مساء أمس، إن الجانب الكندي أخل بمسؤولياته تجاه الدول الأعضاء في المنتدى، محملين كندا مسؤولية إفشال التوصل إلى بيان ختامي أو بيان رئاسي للمنتدى.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الجانب القطري الذي يتولى إلى جانب كندا رئاسة المنتدى أصر على عدم النزول عن سقف البيان الأول الذي صدر في مراكش، أو اللجوء إلى إصدار بيان رئاسي لا يصل لمستوى بيان سابق للمنتدى صدر قبل عامين في مراكش المغربية، ويعالج فقرة القضية الفلسطينية بما ينسجم مع القوانين الدولية.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن المفاوضات مع الجانب الكندي امتدت لأكثر من شهرين، حين أصر الجانب الكندي على عدم تضمين البيان أي إشارة لحدود 1967 أو للقدس، مما أدى لتحفظ الجانب الفلسطيني والعربي ومعهم عدد من الدول الأوروبية.

وقال السفير الفلسطيني في الدوحة منير غنام لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الوفد الفلسطيني مدعوما بالموقف العربي أصر على إجراء صيغة تنسجم مع القرارات الدولية والبيانات التي سبق أن وقعت عليها كندا وخاصة فيما يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي لحدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 مما يعني ضمنا القدس المحتلة.

وقال إن الموقف الكندي غير مبرر، ولذلك أصر جميع الأطراف العربية المشاركة على عدم إصدار أي بيان ما لم تتراجع كندا، الشريك المنظم للمنتدى.

في حين قالت وزيرة الخارجية الفرنسية ميشيل آليو ماري في مؤتمر صحافي حضرته «الشرق الأوسط» إن موقف بلادها منسجم مع المجموعة العربية، بشأن البيان الختامي، وإنها حاولت التوسط لدى الجانب الكندي لسحب تحفظه على مسودة البيان.

وشرحت مصادر عليمة لـ«الشرق الأوسط» الخلاف الذي كان سائدا وراء الكواليس بين قطر وكندا بشأن البيان الختامي، حيث قالت إن الجانب القطري طلب من المسؤولين الكنديين أن يصححوا بأنفسهم صيغة البيان بحيث تكون منسجمة مع القرارات الدولية والبيان الأول لمنتدى المستقبل، لكن الجانب الكندي رفض ذلك، وأصّر خلال اجتماعه مع السفير الفلسطيني على رفع أي إشارة لحدود 1967 أو للقدس.

وقالت هذه المصادر إن العقبة التي تسبب فيها الجانب الكندي، أدت إلى إحداث خلل حقيقي، فلأول مرة تجمع أطراف من مؤسسات المجتمع المدني وقطاع الأعمال والحكومة على القبول بصيغة توافقية ترضي الأطراف، إلا أن الجانب الكندي أعاق إبرام هذه الصيغة.

والخلاف بشأن البيان الختامي ليس جديدا، فقد دأبت منتديات المستقبل منذ تأسيسها على إصدار بيان رئاسي حين الفشل في إصدار بيان ختامي، باستثناء الاجتماع الأول في مراكش، وكان يمكن لهذا المنتدى أن يتخطى العقبات.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن الجانب القطري رفض التفاوض على البيان الرئاسي في حال كان سقفه أقلّ من البيان الرئاسي لمنتدى مراكش في المغرب 2009، وهو ما رفضه الجانب الكندي.

واختتم المنتدى أمس دون التوصل لبيان ختامي أو رئاسي، مما يجهض المباحثات التي أجراها ممثلو القطاعات الاقتصادية ومؤسسات المجتمع المدني والحكومات، ويؤدي لتضييع نقاط الاتفاق التي توصلوا إليها.

ودعت مسودة صيغة البيان المتعلقة بفلسطين التي اقترحتها كندا إلى «تحقيق سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الأوسط على أساس حلّ الدولتين ورؤية منطقة تعيش فيها دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين المستقلة والمجاورة والقابلة للحياة تعيشان جنبا إلى جنب في سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها دوليا».

في حين أضاف الوفد الفلسطيني عبارة «ضمن حدود 1967 المعترف بها دوليا والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين».

وقالت المصادر إن كندا التي رفضت المقترح الفلسطيني أصرت أمس على رفع الخلاف لرئاسة المؤتمر. وكانت أنباء راجت أن الخلاف بشأن فلسطين في صيغة البيان من شأنه أن يهدد بنسف إصدار أي بيان ختامي للمنتدى أو إصدار إعلان الدوحة.

ولم تتوقف وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مطولا حول القضية الفلسطينية، حيث ردت على سؤال بشأن تقصير الولايات المتحدة في إلزام الحكومة الإسرائيلية للعمل على وقف بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة بالقول إن الولايات المتحدة تعي أن إسرائيل دولة ذات سيادة، وأنه لا يمكن للإدارة الأميركية إلزام الدول.

ودعت إلى مساعدة الفلسطينيين ليكونوا جاهزين لبناء دولتهم، وقالت إن الولايات المتحدة باعتبارها أكبر المانحين للحكومة الفلسطينية «تدعو الفلسطينيين لأن يكونوا جاهزين لبناء دولتهم التي تحتاج لتأييد جيرانهم وأشقائهم»، وأضافت أن إدارتها تعمل على «إقناع الإسرائيليين بأن التحرك التام لقيام دولة فلسطينية جنبا إلى جنب مع إسرائيل هو في مصلحتهم».

من جهة أخرى، دعت كلينتون دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى العمل على تعزيز الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفساد من أجل المساهمة في بناء شراكة بين الطرفين. وأشارت في كلمة تلاها حوار مفتوح في بحضور ممثلين لمؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص في هذه الدول، إلى أن الإصلاحات من شأنها خلق مزيد من الترابط والتعاون بين بلدان المنطقة ومنح الشباب مزيدا من الأمل.

كما أعلنت مطالبة دول الثماني بأن تقوم دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بإحراز تقدم فيما يتعلق بتحرير الاقتصاد وخلق فرص عمل. وشددت على أهمية العمل على مكافحة الفساد التي قالت إنه يستشري في بعض القطاعات داخل بعض الدول ويثير الإحباط في العديد من دول المنطقة. ودعت إلى أن تأخذ الإصلاحات الاجتماعية دورها جنبا إلى جنب مع حلّ القضايا الحرجة مثل التعليم ومعالجة الفقر. كما دعت لاحترام «القطاعات المختلفة للشعوب لتوفير الأعمال للأقليات الدينية والعشائرية والمرأة».

وبدأت أعمال المنتدى رسميا أمس، في حين أتيح لقطاع الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني عقد جلساتها بالشراكة مع وفود حكومية خلال اليومين السابقين، ويشارك في المنتدى نحو 120 منظمة من المجتمع المدني والقطاع الخاص في العالم العربي مع حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودول مجموعة الثماني.

وكان الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري قد أعلن أمس أمام المنتدى عن اقتراح دولة قطر إنشاء مركز إقليمي للأمن الإنساني يقوم بالدراسات والأبحاث في قضايا الأمن الإنساني الشامل بالمنطقة ويتقدم بمقترحات عملية لصانعي القرار من منظور إقليمي على أساس تصور تتوحد فيه مصالح دول المنطقة في تحقيق السلام والتنمية لشعوب المنطقة. وطالب وزير الخارجية القطري، بالعمل «لحل الصراعات التي تهدد السلم والأمن في المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والصراع في الشرق الأوسط»، مشيرا إلى «أن عملية السلام في المنطقة أصبحت مجمدة خاصة في ظل الابتعاد عن الخطوات الملموسة المؤكدة التي تفضي إلى السلام». وقال: «إن إسرائيل ماضية في فرض موقفها من خلال سياسة الأمر الواقع رغم كل الجهود التي بذلت من الجانب الفلسطيني والعربي والولايات المتحدة الأميركية»، مؤكدا أن «إسرائيل لا تسير بصورة جادة في عملية السلام».