الكويت: وزير الداخلية يستقيل بعد وفاة رجل جراء التعذيب بمركز شرطة

في أعقاب تقرير لجنة تحقيق رسمية أثبتت وجود شبهة جنائية خلف الوفاة

الشيخ جابر الخالد الصباح (رويترز)
TT

قدم وزير الداخلية الكويتي الشيخ جابر الخالد الصباح، أمس، استقالته، إثر وفاة رجل جراء التعذيب في أحد مراكز الشرطة. وقالت مصادر متطابقة إن الوزير قدم استقالته إلى رئيس الوزراء الذي يمكنه قبولها أو رفضها. ونقلت تقارير عن الوزير الخالد قوله إنه لا يشرفه قيادة وزارة تعتدي على المواطنين.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب إعلان وزارة الداخلية الكويتية أمس أن «لجنة الأطباء المختصين بالطب الشرعي التي تشكلت للوقوف على أسباب وفاة المواطن محمد غزاي الميموني المطيري قد أثبتت أن هناك شبهة جنائية وراء الوفاة».

وكان المطيري قد توفي لدى وصوله إلى المستشفى الذي نقل إليه بصورة عاجلة من أحد مراكز الشرطة. وقال نواب في المعارضة إنه كان مقيد اليدين والقدمين، وجسده كان مليئا بالكدمات.

وقد أعلنت الوزارة في البداية أن الرجل توفي نتيجة آلام في الصدر، وقالت إنه قاوم رجال الشرطة عند اعتقاله لاتهامه بالاتجار في الخمور. وقام رئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر المحمد بزيارة منزل أسرة المواطن محمد المطيري المتوفى بشبهة التعذيب، وذلك لتقديم واجب العزاء.

وعودة إلى بيان الداخلية الكويتية، فقد أشارت إلى «إحالة القضية برمتها مع الأطراف المعنيين بالوزارة إلى النيابة العامة لاتخاذ شؤونها في هذا الخصوص، وذلك تأكيدا على مبدأ الشفافية وتوضيح الحقائق للرأي العام الذي تنتهجه وزارة الداخلية على النحو الذي أشارت إليه في بيانها السابق حول حادثة وفاة المواطن المذكور».

وقال البيان إن «وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ جابر الخالد الصباح قد أمر بإجراء التحقيق مع من أفاد بالمعلومات غير الدقيقة التي تضمنها البيان السابق للوزارة».

وأكد البيان أن الوزارة «تعيد التأكيد على أنها لن تتوانى في اتخاذ كل الإجراءات القانونية والتأديبية المقررة ضد أي من منتسبيها ممن يثبت تجاوزه أو مخالفته للأحكام القانونية المعمول بها».

وعلى الرغم من عدم وجود تأكيد رسمي لاستقالة الوزير الكويتي من عدمها، فقد كان لافتا أن وكالة الأنباء الكويتية نقلت عن وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء روضان عبد العزيز الروضان أنه طلب من وزير الداخلية الاستمرار في عمله «واستكمال كل التحقيقات والإجراءات المتعلقة بملف المتهمين في قضية المواطن محمد غزاي الميموني، وتكليفه بمتابعة الإجراءات القانونية بحق كل من قاموا بالتضليل وإعطاء معلومات مغلوطة وتستروا على إظهار الحقيقة، حتى ينال كل منهم قصاصه العادل، ويتحمل كل منهم مسؤوليته عن الأعمال التي قام بها وفق أحكام القانون».

ووفقا للروضان فإن هذه الإجراءات «تأتي تجسيدا لحرص الحكومة على التزام الشفافية الكاملة في تعاملها مع مختلف القضايا والموضوعات، وحرصها الصادق على الالتزام بتطبيق القانون على الجميع من دون استثناء، وعلى كائن من كان»، مؤكدا أن دولة الكويت كانت وستظل دوما دار أمن وأمان لكل من يعيش على أرضها الطيبة، ودولة قانون ومؤسسات، وأنها ستتعاون بكل جدية وشفافية مع اللجنة البرلمانية التي شكلها مجلس الأمة في جلسته الأخيرة للتحقيق في هذه القضية».

من جهته، تمنى النائب المخضرم أحمد السعدون على لجنة التحقيق البرلمانية التي شكلها المجلس للتحقيق في وفاة المواطن المطيري أن تقدم تقريرها فورا متضمنا بيان وزارة الداخلية الصادر أمس، والذي اعترفت فيه الوزارة بوجود شبهة جنائية في وفاة المواطن محمد المطيري، وعدم صحة ما ورد في بيان وزير الداخلية الذي أدلى به أمام مجلس الأمة أول من أمس.

ودعا السعدون إلى قبول استقالة وزير الداخلية فورا، «إذ إنه بغير ذلك لا بديل عن الاستجواب الذي أعلن عن تقديمه للوزير».

وأضاف السعدون في تصريح صحافي «من الواضح أن وزارة الداخلية لم تجد خيارا بعد أن تبين لها أن بحوزتنا كلا من تقرير مديرية أمن محافظة الأحمدي في شأن الوفاة، وهو التقرير الذي تلاه النائب مسلم البراك في الجلسة، بالإضافة إلى التقرير الطبي للوفاة الصادر عن مستشفى شركة النفط بالأحمدي، والذي أدى إلى الاعتراف بوجود شبهة جنائية وراء وفاة المواطن المطيري وعدم صحة ما أدلى به الوزير من معلومات أمام مجلس الأمة». وأشاد النائب الإسلامي المعارض فيصل المسلم باستقالة وزير الداخلية التي اعتبرها «شجاعة»، ودعا رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح إلى قبولها.

وقد شكل البرلمان الكويتي الثلاثاء لجنة تحقيق في وفاة المطيري ينتظر أن تصدر تقريرها خلال أسبوعين. وقال النائب المعارض مسلم البراك الأربعاء إن الرجل تعرض للضرب المبرح والتعذيب «الوحشي» على يد عناصر الشرطة الذين «قاموا بإدخال عصا في مكان حساس من جسمه» لإرغامه على الإدلاء باعترافات. واعتبرت الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان في بيان أن «هذا الحادث يشكل نقطة سوداء في سجل الكويت، وانتهاكا صريحا لحقوق الإنسان».

من جانبه، ناشد النائب علي الراشد، رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد «عدم قبول استقالة وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد الصباح». وأضاف الراشد في تصريح صحافي «أناشد الوزير الخالد عدم اليأس، لأن الإصلاح ثمن، وأنت خير من مارس الإصلاح في وزارته، وتأكد أنك لست وحيدا، فأهل الكويت معك سيتصدون لمحاربي الإصلاح وسيظهر الحق، وسيزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا».

وصرح النائب الدكتور ضيف الله أبو رمية بأن «استقالة وزير الداخلية من منصبه كانت مستحقة منذ فترة ليست بقليلة، ومن المؤسف أنها لم تأت إلا بعد إزهاق نفس مواطن بريء، وهذا ما كنا نحذر منه».