أوباما يدعو الأميركيين إلى الوحدة بعد حادثة إطلاق النار في أريزونا

ارتفاع شعبية الرئيس الأميركي.. وانتقادات لسارة بالين

أوباما يغالب دموعه أثناء حديثه عن ضحايا إطلاق النار في أريزونا (إ.ب.أ)
TT

دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما الأميركيين إلى الاتحاد وعدم الانشغال بإلقاء اللوم على خصومهم السياسيين للتعافي من صدمة حادثة إطلاق النار في مدينة تاكسون في ولاية أريزونا يوم السبت الماضي. وبعد أن زار أوباما ضحايا إطلاق النار في أريزونا، وعلى رأسهم عضو الكونغرس غابرييل غيفوردز التي ما زالت في العناية المركزة، مساء أول من أمس، ألقى أوباما خطابا للشعب الأميركي حول أهمية الاتحاد وتهدئة الأجواء السياسية المتوترة في الولايات المتحدة. ولقي الخطاب ردود فعل إيجابية جدا، حيث وصف في وسائل إعلام أميركية عدة بأنه من أفضل خطابات أوباما وجعلته يظهر قدرته على قيادة الولايات المتحدة تحت أصعب الظروف.

وفي كلمة أمام 27 ألف شخص احتشدوا في جامعة أريزونا في تاكسون وفي استاد مجاور، حاول أوباما التخفيف من الجدل حول حدة النقاش السياسي في البلاد والتي ازدادت بشدة منذ المأساة. وحث أوباما الأميركيين على النقاش بطريقة «تعافي ولا تجرح» الآخرين، بغض النظر عن الآراء السياسية المختلفة. وقال أوباما: «وحده حوار أكثر اتزانا وصدقا يمكنه أن يساعدنا على مواجهة صعوباتنا كدولة وبشكل سيجعل (الضحايا) يفتخرون»، مؤكدا «حزنه الشديد» لسقوط ستة قتلى وإصابة 14 بجروح خلال إطلاق النار الذي وقع السبت في تاكسون. وأضاف: «نحن أميركيون جميعا، يمكننا التباحث في أفكار الآخرين من دون التشكيك في حبهم للوطن».

وفي استطلاع للرأي أجراه معهد «غالوب» مع صحيفة «يو سي آي تودي»، اعتبر غالبية الأميركيين أن الخطابات السياسية السيئة أسهمت في إطلاق النار. وأقر أوباما بوجود «مطالب لتفسير» الأسباب التي أدت إلى استهداف غيفوردز و19 آخرين اجتمعوا معها لبحث الشؤون المحلية في تاكسون، لكنه أضاف أنه «من المهم أن نقف للحظة ونتأكد أننا نتحدث مع بعضنا البعض بطريقة: تعافي ولا تجرح». وتابع: «علينا أن ندقق في جميع الحقائق وراء هذه المأساة، لن نكون سلبيين في وجه هذا العنف، ولكن لا يمكن أن نستخدم هذه المأساة كفرصة لنواجه بعضنا البعض».

وتحدث أوباما عن جميع الضحايا، أي القتلى الـ6 والمصابين الموجودين حاليا في المستشفى. وكانت الطفلة كريستينا تيلور - غرين، وهي أصغر ضحية لقيت حتفها في حادثة إطلاق النار، نجمة خطاب أوباما، حيث تحدث عن الطفلة وعمرها 9 سنوات وآمالها للولايات المتحدة. وقال أوباما: «أريد أن تكون ديمقراطيتنا بالصورة الحسنة التي كانت تتصورها». ويذكر أن كريستينا التي ولدت يوم 11 سبتمبر (أيلول) 2001 كانت من بين الأطفال الذين ولدوا يوم الهجمات على الولايات المتحدة يوم 11 سبتمبر وأصبحت الضحية الأكثر شهرة بعد حادثة السبت الماضي. وقام أوباما بزيارة عائلات ضحايا حادثة إطلاق النار، بالإضافة إلى زيارة المصابين. وتمت الزيارات في المستشفى الذي ترقد فيه غيفوردز. وبعد أن كان الأطباء يخشون من وفاة غيفوردز يوم السبت الماضي بسبب تعرضها لإطلاق النار عن قرب في رأسها، أعلن الأطباء، أمس، أن حالتها الصحية تتحسن. وفي تطور مفاجئ في خطاب الرئيس الأميركي، خرج أوباما عن النص وأعلن أن غيفوردز فتحت عينيها مساء أول من أمس. وكرر أوباما مرات عدة «غابي فتحت عينيها، غابي فتحت عينيها»، حيث ضجت القاعة بالتصفيق. وأضاف: «غابي تعلم أننا هنا، غابي تعلم أننا نقف إلى جوارها». واهتم البيت الأبيض بهذا التطور، الذي وصفته عضو الكونغرس ديبي واسرمان - شولتز التي كانت في غرفة غيفوردز ورأتها تفتح عينيها بأنها «معجزة». وبعث البيت الأبيض أمس مقتطفات من تصريحات واسرمان - شولتز في تركيز من إدارة أوباما على تحسن غيفوردز بعد زيارة أوباما لها.

وانشغلت وسائل الإعلام الأميركية بخطاب أوباما وتبعاته، خاصة أن شعبيته ارتفعت إلى 48 في المائة، أمس، بحسب استطلاع لجامعة كوينيبياك. واعتبرت قناة «إم إس إن بي سي» الإخبارية الأميركية أن أوباما استطاع من خلاله أن «يعيد صوته في عام 2004» عندما أدلى بخطابه الشهير أمام مؤتمر الحزب الديمقراطي وانطلق على الساحة السياسية الأميركية. أما مجلة «رولينغ ستون» فاعتبرت أن خطاب ليلة أول من أمس هو «أكثر خطاب تأثيرا في تاريخ رئاسة أوباما».

وبينما حصل أوباما على إشادة واسعة في الولايات المتحدة بسبب خطابه، كانت المرشحة الجمهورية السابقة لمنصب نائب الرئيس والقيادية في حركة حفل الشاي سارة بالين تواجه انتقادات واسعة بسبب خطابها حول الحادثة. وبدلا من التركيز على حادثة إطلاق النار، خصصت بالين خطابها أول من أمس إلى الرد عن منتقديها ومنتقدي اليمين المتطرف بسبب هجماتهم الكلامية على الديمقراطيين التي يخشى البعض أنها دفعت المتهم جاريد لي لافنر إلى استهداف غيفوردز الديمقراطية. وبعد استخدامها عبارة «سكب الدم» (بلاد لايبل)، وهي عبارة استخدمت سابقا لاتهام اليهود بقتل المسيحيين، في الخطاب للإشارة إلى التهم والأدلة الكاذبة الموجهة ضدها، أثارت بالين ضجة كبيرة. ويذكر أن غيفوردز أميركية يهودية مما زاد الضجة حول التصريحات.

ووجهت انتقادات من اليسار واليمين لبالين، فاعتبر الحاكم الجمهوري لولاية نيوجيرسي كريس كريستي أن تصريحات بالين كانت خاطئة بسبب تسييسها للقضية. وقال: «لا أظن أن أحدا يؤمن بأن بالين كانت تريد أن تؤذي أحدا أو تزيد العنف. كان عليها أن تقول ذلك وتسكت». واعتبرت صحيفة «سان فرانسيسكو كرونيكال»، أن «بالين مدمنة اهتمام إعلامي»، مما يؤدي إلى اتخاذها قرارات تضرها في النهاية.