مهام حكومة تصريف الأعمال لا تشمل اتخاذ القرارات ذات الطابع السياسي

الدستور اللبناني لا يحدد مهلة زمنية لعمرها

TT

وفقا للدستور اللبناني وللممارسة السياسية العامة، تعتبر الحكومة حكومة تصريف أعمال في حالتين: الأولى، عندما تصدر مراسيم تشكيل الحكومة وقبل أن تحصل على ثقة مجلس النواب. أما الحالة الثانية فعندما تستقيل أو تعتبر مستقيلة، فيقبل رئيس الجمهورية استقالتها بعد التأكد من أنها استوفت شروط المادة 69 من الدستور والتي تعدد الحالات التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة، والتي تشكل إحداها الحالة التي نعيشها اليوم، أي عندما تفقد أكثر من ثلث أعضائها.

ويوضح أستاذ القانون الدولي شفيق المصري أن «ثمة مبدأ في الحياة الدستورية العامة للدول والحكومات معروفا بمبدأ: استمرار المرافق العامة.. لأن الحياة الوطنية وقضايا الناس والمواطنين والدولة لا يمكنها أن تتجمد إلى حين تشكيل حكومة جديدة، فالدولة بحاجة إذن إلى استمرارية في مختلف مرافقها الإدارية والاستثمارية العامة.. من هنا يجب أن تبقى الوزارة المستقيلة أو المعتبرة كذلك في حالة تصريف أعمال عادية إلى حين تشكيل حكومة أو وزارة جديدة».

ويقول المصري لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأعمال العادية المقصودة هي الأعمال التي لا تعرض مسؤولية أعضاء هذه الحكومة من وزراء إلى نتائج سياسية، لأنها لم تعد تحظى بثقة البرلمان، أي الشعب، ولم تعد قادرة على اتخاذ قرارات سياسية. والمقصود هنا بهذه الأعمال الأمور العادية غير التقريرية والمصيرية التي تكفل استمرارية المرفق العام».

أما في ما يخص عمر حكومة تصريف الأعمال، فيلفت المصري إلى أن «الدستور لا يحدد مهلة زمنية محددة لوقف أعمالها».. ويضيف «لكن عمر هذه الحكومة يجب أن يبقى في الحدود المعقولة، أي لا يتخطى الشهر، على الرغم من أنها وفي كثير من الأحيان تخطته وبكثير».

وبالاستناد إلى المادة 69 من الدستور، الفقرة (3)، فعند اعتبار الحكومة مستقيلة يصبح مجلس النواب حكما في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة، مما يعني أنه من واجب رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة إلى إبقاء جلسات المجلس مفتوحة، وبالتالي الهيئة البرلمانية منعقدة حكما في دورة استثنائية تستمر حتى تأليف الحكومة ونيلها الثقة، وبالتالي ثمة دور تأسيسي لمجلس النواب يفرض عليه الانعقاد الحكمي إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة ونيلها الثقة.

يذكر أن لبنان عرف أطول أزمة وزارية في تاريخه البرلماني في عام 1969، وقد استمرت حكومة الرئيس رشيد كرامي المستقيلة أكثر من سبعة أشهر تصرف الأعمال، حتى إنها عمدت لإصدار المراسيم وعقد اجتماعات لمجلس الوزراء لاتخاذ القرارات العاجلة والملحة.

وفي السنة نفسها، صدر اجتهاد أساسي من مجلس شورى الدولة اللبناني في ما يخص مهام حكومة تصريف الأعمال، القرار رقم 614، كرس اعتماد مبدأ الحرص على المصلحة العامة في النظرة إلى تصريف الأعمال خلال الفترة الانتقالية.

ومبدأ أن زوال المسؤولية هو الذي يحدد نطاق الأعمال العادية التي يوكل إلى الوزارة المستقيلة تصريفها، ميّز بين الأعمال العادية التي تدخل في صلاحية الوزارة المستقيلة والأعمال التصريفية التي لا تقضي بها العجلة والمصلحة العامة، وبيّن الحالات الاستثنائية التي تبيح ممارسة الحكومة المستقيلة لصلاحيات تصريفية محددة على الوجه الذي صار تبيانه وشرحه في القرار.

ويجمع رجال القانون على أن تصريف الأعمال لا يعني تجميدا للحكومة المستقيلة بالمطلق، ولا يعني استمرار الحكومة في ممارسة مسؤولياتها من دون ثقة البرلمان ومشروعية دستورية، بل إن تصريف الأعمال يضيق ويتسع مجال تطبيقه تبعا لعمر الأزمة السياسية، لكن يبقى أنه من الممكن في حالات الضرورة والعجلة والحالات الاستثنائية التي تتهدد مصالح الدولة العليا أو ماليتها العامة لحكومة تصريف الأعمال أن تمارس صلاحيات حكومة دستورية لكن في مواضيع محدودة ومحددة ولفترة زمنية محددة، واحتراما لمهل قانونية أو دستورية مسقطة.