استقالة وزراء المعارضة في حكومة الحريري غابت عن افتتاحيات الصحف السورية الرسمية

سورية تفضل عدم التدخل في التفاصيل اللبنانية

مواطن لبناني يقرأ جريدة في وسط شارع الحمراء في بيروت، بعد أن أثارت استقالة وزراء «8 آذار» القلق من نشوب توترات في البلاد (إ.ب.أ)
TT

في جولة أفق لاستطلاع أجواء دمشق حيال ما يجري في لبنان، بعد تقديم وزراء المعارضة استقالتهم، يبدو من الواضح، وإلى الآن، أن سورية لا تبدي رغبة في «التدخل بالشأن اللبناني»، وهو موقف دأبت سورية على اتخاذه كلما اشتدت الأزمات السياسية في لبنان. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن سورية تعتبر ما يجري في لبنان «شأنا داخليا»، وهي ستستمر في تأكيدها على دعم ما يتوافق حوله اللبنانيون، كما ستستمر في التشاور مع الأشقاء والأصدقاء لحماية أمن واستقرار لبنان، لافتة إلى توقع سورية «إخفاق مساعي التهدئة والتقارب، لأن هناك من كان يعرقل هذه المساعي». ولعل طريقة تعاطي الصحافة السورية الرسمية مع خبر استقالة وزراء المعارضة تؤكد موقف سورية الذي يفضل «عدم التدخل في التفاصيل اللبنانية»؛ فقد حضر الخبر على الصفحات الأولى للصحف الرسمية كخبر ثالث، بينما غاب موضوع لبنان عن مقالات الرأي والتحليل ليحضر موضوع تقسيم السودان. ولوحظ التزام صحيفتي «تشرين» و«الثورة» بنص الخبر الذي وزعته وكالة الأنباء السورية (سانا)، والذي اهتم باستعراض مواقف المعارضة اللبنانية، بينما اجتهدت «البعث» في تحرير الخبر، بحيث استهلته بتنويه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بأهمية الدور الذي اضطلع به الرئيس بشار الأسد وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز «للوصول إلى تسوية للأزمة القائمة في لبنان حاليا»، واعتباره أن «لعبة الدول الكبرى كانت أكبر من الجهود الصادقة بهذا الصدد».

من جانبها، انفردت صحيفة «الوطن» (اليومية السياسية الوحيدة الخاصة) بنشر خبر من باريس حول قيام الرئيس نيكولا ساركوزي، مساء أول من أمس، باتصال هاتفي مع الرئيس بشار الأسد. وقالت «الوطن» إن الرئيس ساركوزي أكد دعمه لـ«السلطات والمؤسسات اللبنانية، وتمنى أن تسهم المشاورات الدولية في مساعدة اللبنانيين على تجاوز هذه المرحلة الحرجة، ضمن احترام المؤسسات الديمقراطية اللبنانية واستقلال لبنان والتزاماته الدولية»، وذلك نقلا عن بيان قصر الإليزيه. وأضافت «الوطن» أن الرئيس الفرنسي «أعرب عن ارتياحه إزاء الحوار الدائم بين سورية وفرنسا على أعلى المستويات، الذي تجسد مؤخرا بزيارة الرئيس الأسد إلى باريس في التاسع من الشهر الماضي».

ونقلت «الوطن» عن مصادر فرنسية مطلعة قولها «إن ساركوزي حاول قبل يومين إنقاذ المسعى السوري - السعودي في اللحظات الأخيرة لدى لقائه العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز في نيويورك»، وأن الرئيس الفرنسي «على قناعة بضرورة التحرك بسرعة لاحتواء الوضع في لبنان، ويعمل على اقتراح مخرج للأزمة التي تعصف بالبلاد، لتفادي استمرار الفراغ الدستوري»، ولفتت المصادر إلى أن «باريس تحث دمشق عبر اتصالاتها المتعددة على عدم التخلي عن جهودها، وعلى مواصلة دورها بشأن لبنان، على الرغم من توقف المسعى المشترك مع السعودية». وأظهرت صحيفة «الوطن» اهتماما بالموضوع اللبناني، بحيث تصدر صفحتها الأولى، ومع أنه غاب عن التعليقات ومقالات الرأي، فإن «الوطن»، وخلال صياغتها للخبر، اعتبرت استقالة وزراء المعارضة اللبنانية ردا على قيام واشنطن بإسقاط الحل العربي، وقالت: «ردت قوى المعارضة اللبنانية بخطة ممنهجة ومتدرجة؛ بدأت باستقالة وزرائها، مما أدى إلى سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري، في الوقت الذي كان فيه الأخير يزور الرئيس الأميركي، باراك أوباما».

وأضافت «الوطن» أن قوى المعارضة رأت «أن الحريري فضّل خيار واشنطن على خيار بيروت، وخيار التدويل والقرار الخارجي على خيار اللبننة الذي تمسكت به قوى المعارضة حتى الدقيقة الأخيرة التي سبقت استقالة وزرائه؛ فدخل البيت الأبيض رئيسا للحكومة، وخرج منه رئيسا سابقا، ليكون بذلك أول رئيس للوزراء تسقط حكومته وهو خارج لبنان».