فريق «14 آذار»: البديل عن الحريري لرئاسة الحكومة..الحريري نفسه

فرعون لـ«الشرق الأوسط»: استقالة الوزراء استفزازية شكلا ومضمونا

TT

وضعت استقالة وزراء المعارضة من الحكومة فريقي «8» و«14» آذار، أمام خيارات صعبة، وشرعت أبواب لبنان على أزمة حكومية ودستورية ربما تطول لأشهر، وقد تولد توترات أمنية لا أحد يعرف مداها. ولا شك أن طرفي الأزمة لا يملكان صورة واضحة عما ستؤول إليه الأمور، وفي وقت بدأ فيه بعض أطراف «8 آذار» يلوحون بالبحث عن تسمية شخصية سنية تخلف سعد الحريري في رئاسة الحكومة المقبلة، جزم سياسيو «14 آذار» بأن البديل عن سعد الحريري هو سعد الحريري نفسه. وقد أكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب في الحكومة المستقيلة ميشال فرعون، أن «من يسعى إلى منع سعد الحريري من العودة إلى رئاسة الحكومة إنما يسعى إلى الفتنة». ورأى الوزير في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخطوة التي أقدمت عليها قوى (8 آذار) عبر الاستقالة من الحكومة، أدخلت لبنان في نفق طويل، رغم أنها خطوة دستورية»، وأكد أن «الاستقالة التي كانت استفزازية في الشكل والمضمون، وأطلقت رصاصة الرحمة على تسوية الدوحة وعلى الحوار الوطني، والبيان الوزاري، وهي بنود شبه ميثاقية، القصد منها ومن ذلك كله هو ضرب المحكمة الدولية التي كانت بندا رئيسيا ومتوافقا عليه سواء في مقررات هيئة الحوار أو في اتفاق الدوحة أو في البيان الوزاري»، معتبرا أن «هذا الفريق وبخروجه منفردا عن التوافق السياسي أخذ البلد رهينة من أجل تعطيل المحكمة، وهذا ما يذكرنا بما فعلوه غداة اغتيال الوزير بيار الجميل عبر استقالتهم من الحكومة وإقفال مجلس النواب وتعطيل المؤسسات من أجل تعطيل إقرار المحكمة الدولية، واليوم يعودون إلى السيناريو نفسه عشية صدور القرار الاتهامي»، محذرا من أن «هذا الفريق يأخذ لبنان إلى مواجهة مع المجتمع الدولي وبشكل منفرد». وقال فرعون: «من المؤسف أن الذين يدعون حماية لبنان من الفتنة يتراجعون عن التوافق (حكومة الوحدة الوطنية) الذي حصل بغطاء دولي وإقليمي وداخلي من خلال اتفاق الدوحة، وهذا يطرح أسئلة مشروعة عن نواياهم من إسقاط الحكومة، وإضعاف الدولة واستهدافها، كل ذلك بهدف منع التعاطي مع المحكمة الدولية، ولو أتت النتائج على حساب الناس». وشدد على أن «الثوابت الواردة في البيان الوزاري لهذه الحكومة هي ملك الناس وملك التاريخ ولا أحد يستطيع أن يتراجع عنها». وأعلن أن «من يحاول منع الرئيس سعد الحريري من العودة إلى رئاسة الحكومة يكون بذلك يسعى إلى الفتنة، لأن هؤلاء يعرفون تماما أن الرئيس الحريري صاحب الشرعية الوحيدة على صعيد الأكثرية وفي التمثيل السني، وهو الوحيد الذي كانت كل قراراته وخطواته توافقية وكان يستوعب الأمور ولو كانت على حسابه في بعض الأحيان، ونحن في (14 آذار) لا نرى بديلا عنه ولا توجد شخصية سنية تحظى بشرعيته»، وعما إذا كان فريق «14 آذار» يتخوف من انقلات الوضع الأمني على أثر هذه الاستقالة، أو في المستقبل في حال لم يتوصل اللبنانيون إلى اتفاق على حكومة جديدة، قال: «لا فتنة في لبنان من دون قرار خارجي، وبكل الأحوال نحن نؤمن بالدولة وبمؤسساتها العسكرية والأمنية، من جيش وقوى أمن داخلي، وأعتقد أن الضمانات الإقليمية يجب أن تحمي لبنان وتحول دون تحويله إلى ساحة مواجهة».

أما موقف «القوات اللبنانية»، فعبر عنه النائب أنطوان زهرا، الذي أشار إلى أن «لبنان يتجه إلى أزمة حكومية طويلة الأمد»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «سلسلة الأزمات التعطيلية لفريق (8 آذار) تجاوزت المحكمة الدولية إلى استهداف النظام والتركيبة اللبنانية»، وقال: «إذا تجاوزنا أزمة التكليف المحسومة حكما للرئيس سعد الحريري، فإن أزمة التأليف ستطول كثيرا، رغم حجة الفريق الآخر بأن لا فراغ دستوريا في ظل تصريف الأعمال، علما أن تصريف الأعمال لا يحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية». وردا على سؤال حول توجه المعارضة لتسمية مرشح لرئاسة الحكومة غير الرئيس سعد الحريري، أجاب «أي نية لتسمية مرشح غير سعد الحريري ما هي إلا محاولة لزرع الشقاق داخل الطائفة السنية، وهناك عرف يقول إن المرشح لرئاسة الحكومة يجب أن يحظى بتمثيل شعبي، وهذا العرف لا يمكن تجاوزه». وعما إذا كان فريق «14 آذار» ما زال يملك الأكثرية النيابية، بعد تحول النائب وليد جنبلاط وإعلانه أنه سيلتزم بما يطلبه منه السوريون، قال زهرا: «منذ أن خرج وليد جنبلاط من (14 آذار) كان يقول إن موقفه يلزم النواب الحزبيين لديه، لكنه لا يلزم كل نواب اللقاء الديمقراطي، وبالتالي فإن الأكثرية ما زالت في مكانها».

بدوره، اعتبر وزير العمل في الحكومة المستقيلة بطرس حرب، أن «المرحلة المقبلة هي مرحلة الاستعداد لإجراء الاتصالات للتشكيلة الحكومية التي لن تكون كسابقاتها وإنما تحتاج إلى تعديل في دراسة التشكيل، لأنه لا يجوز تشكيل حكومة الآن ويتم تعطيلها بعد أشهر». وأكد أن «قوى (14 آذار) ستعقد اجتماعا موسعا مع الرئيس سعد الحريري فور عودته من باريس وستتم دراسة موقف موحد لإعادة تسميته»، واعتبر أنه «في حال تمت تسمية شخصية غير الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة، فإن قوى (14 آذار) تدرس ما إذا كانت ستقبل أو ترفض في ظل استمرار حكومة تضم كل القوى السياسية». وشكك في أن «قوى (14 آذار) ستستمر في المشاركة بحكومات على هذا الشكل، لأن المطلوب حكومة تمثل أكثرية المجلس النيابي وأن تحكم وأن يكون فيها معارضة». أكد عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب عمار حوري أن قوى «14 آذار» سوف «تتمسك بتثبيت الاستقرار في نظام ديمقراطي برلماني تحت سقف الدستور والطائف، وبالحوار أسلوبا للتواصل»، وأوضح أن «استقالة وزراء (8 آذار) أتت في سياق الحق الدستوري، فالفريق الآخر استرجع صفة المعارضة بجدارة. واضطرت هذه المعارضة إلى استعمال كامل رصيدها الاحتياطي من خلال إلزام الوزير عدنان السيد حسين بالاستقالة. كما قررت مواجهة مرحلة القرار الاتهامي خارج إطار الوحدة الوطنية، أي منفردة في ظل حكومة تصريف أعمال».