«الوزير الوديعة» ورقة سياسية رابحة استخدمها حزب الله في الوقت المناسب

استقالته أثبتت أن لا حياد في الحياة السياسية بلبنان

TT

لم تكن استقالة الوزير عدنان السيد حسين، وديعة حزب الله داخل فريق رئيس الجمهورية ميشال سليمان، مفاجئة للوسط السياسي، خصوصا لفريق «14 آذار» الذي كان على علم مسبق بأن حزب الله قادر على استعمال هذه الورقة عند كل مفترق، سواء داخل الحكومة عند التصويت على القرارات الحساسة، أم عند أي استحقاق مفصلي، كما حصل في عملية الاستقالة من الحكومة أول من أمس. وبالفعل، فإن عدنان السيد حسين، الأستاذ الجامعي وصاحب الثقافة السياسية والقانونية وذا الكاريزما الهادئة والمحببة إلى عارفيه، لم يستطع أن يثبت استقلاليته عند أول امتحان، كما أنه لم يثبت ولاءه لرئيس الجمهورية الذي اختاره ضمن فريقه الوزاري بعد موافقة حزب الله على هذا الاختيار. ولم يكن السيد حسين يحتاج إلى أكثر من اتصال هاتفي من المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، الحاج حسين خليل، الذي أبلغه تمنيات نصر الله بالاستقالة ليسارع إلى التنفيذ مباشرة ومن دون تردد، وحتى من دون استشارة رئيس الجمهورية الذي سبق لمصادره أن نفت قبل نصف ساعة وجود أي توجه لهذا الوزير نحو الاستقالة.

من المؤكد أن هذه الاستقالة أثبتت مبدأ أنه لا حياد في الحياة السياسية بلبنان، وأسقطت مبدأ وجود شخصيات مستقلة تستطيع الخروج من طوائفها وحتى انتماءاتها المذهبية وولاءاتها، علما بأن ما ينطبق على هذا الوزير، ينطبق أيضا على الوزير السني عدنان القصار الذي كان وديعة فريق «14 آذار» في حصة رئيس الجمهورية، غير أنه ورغم محاولات عدنان السيد حسين لإبراز تمايزه واستقلاليته، من خلال الدفاع عن مواقف رئيس الجمهورية وصد الهجمات التي كانت تتعرض للرئاسة الأولى، وإبراز نفسه في إطلالاته الإعلامية كشخصية غير خاضعة لتأثيرات هذا الفريق أو ذاك، سرعان ما وقع في مصيدة الانتماء إلى فريق كان يجاهر في الدفاع عن صوابية خياراته قبل أن يعين وزيرا، وهو فريق حزب الله. وكل من يعرف السيد حسين عن قرب كان متيقنا بأن هذا الرجل لم يكن إلا ورقة الحزب الرابحة المودعة في عهدة الرئيس سليمان، وليس سرا أن الوزير - الوديعة، وخلال فترة تعطيل وزراء «8 آذار» لجلسات مجلس الوزراء، أعلن صراحة تأييده مبدأ التصويت على إحالة ما يسمى بملف «شهود الزور» إلى المجلس العدلي، مخالفا بذلك توجهات الرئيس سليمان الذي كان يسعى إلى حل توافقي لهذا الملف. لكن وبغض النظر عن صوابية ما ذهب إليه السيد حسين أم عدم صوابيته، ومع التسليم بأن ما أقدم عليه هو حق قانوني ودستوري، وينسجم مع مبدأ الحرية الشخصية لكل سياسي، فإن هذه التجربة أعطت درسا لأي أكثرية بأن القبول بتكرار هذه البدعة في أي حكومة جديدة لا يجدي نفعا!