مساعد الرئيس السوداني السابق: نطالب باستفتاء لتقرير المصير لكل أقاليم السودان

ميني مناوي القيادي الدارفوري لـ«الشرق الأوسط»: لم أغادر جوبا.. ولم يطلب مني أحد الرحيل

ميني آركو مناوي
TT

أكد كبير مساعدي الرئيس السوداني السابق رئيس حركة تحرير السودان، الفصيل الدارفوري الوحيد الذي وقع اتفاق سلام مع الخرطوم، ميني آركو مناوي، أنه لن يعود إلى الخرطوم إلا بعد أن يحل «المؤتمر الوطني» (الحاكم) مشكلاته الداخلية. وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» من جوبا إنه أجرى حوارا مطولا مع قيادات كبيرة في «المؤتمر الوطني» حول اتفاق السلام المعروف باتفاق «أبوجا» (النيجيرية)، الذي تم توقيعه في مايو (أيار) من عام 2006، والقضايا العالقة بين الطرفين. وأضاف «يبدو أن هناك خلافات داخل حزب المؤتمر الوطني ونزاعا حول ملف دارفور.. عليهم أن يحزموا أمرهم ويتفقوا في ما بينهم، وبعدها سنرى إمكانية العودة من عدمها»، نافيا أن تكون جوبا قد طلبت منه المغادرة حسب ما كان صرح به رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير ميارديت في الرابع من يناير (كانون الثاني) الحالي بأنه أبعد الحركات الدارفورية من جوبا. وقال «لم يصلني حديث من قيادي في الحركة يطلب مني مغادرة جوبا». وحول الاستفتاء حول تقرير مصير الجنوب، الجاري حاليا، قال مناوي «إذا جاءت النتيجة لصالح الانفصال، فإننا سنطالب بالحق نفسه لكل أقاليم السودان».

* تردد أنك ستعود إلى الخرطوم في 22 من الشهر الحالي، ثم رد مستشار البشير مسؤول ملف دارفور الدكتور غازي صلاح الدين بأن «المؤتمر الوطني» لم يتفق معك إطلاقا.. ما حقيقة الأمر؟

- حقيقة كان هناك حوار مطول مع قيادات كبيرة من «المؤتمر الوطني»، مباشرة أحيانا وأحيانا أخرى غير مباشرة عن طريق آخرين، لكن يبدو أن هناك خلافات بين هذه القيادات مع الدكتور غازي صلاح الدين، ولن أذكر لك أسماء الذين أجروا معي الحوار، لكنهم قيادات فاعلة في الدولة وليست شخصية واحدة.

* إذن ستعود إلى الخرطوم في التاريخ الذي حددته أنت، أم أنك بعد حديث غازي صلاح الدين تراجعت عن قراراك؟

- لن أعود إلى الخرطوم إلا بعد أن يحل «المؤتمر الوطني» مشكلاته الداخلية، ولا نطمع في الذهاب إلى الخرطوم، والكرة الآن في ملعب «المؤتمر الوطني»، وعليه أن يحزم أمره ويتفق مسؤولوه في ما بينهم، وبعدها سنرى إمكانية العودة من عدمها.

* هل تعتقد أن الحكومة في طرحها لاستراتيجية السلام من الداخل استغنت عنكم؟

- لا تعنينا الاستراتيجية التي تطرحها الحكومة في شيء، وسبق أن كتبنا ردا منذ صدور الاستراتيجية وسلمناه لهم، وردنا كان أن الاستراتيجية الآلية عسكرية. نحن لسنا في استعجال من أن نذهب إلى الخرطوم، ونحن لم نبادر بالحوار، بل هم الذين بادروا، وإذا واصلوا سنواصل، أما إذا تخندقوا فسنعمل في مساحات أخرى سنعلنها في وقتها.

* ما الذي دار في حواركم مع قيادات «المؤتمر الوطني»؟

- لن نصرح بما دار في ذلك الحوار، لكن عناوينه هي الأسس الوطنية، حول قضية دارفور، والتحول الديمقراطي، وتقاسم السلطة والثروة، والاتفاقية التي وقعناها في أبوجا والترتيبات الأمنية.

* لكن «المؤتمر الوطني» يتحدث عن أن الترتيبات الأمنية هي الأساس..

- الترتيبات الأمنية ليست منفصلة عن تقاسم السلطة والثروة، بل هي جزء من اتفاقية أبوجا، ولا يمكن أن نعزلها عن بقية الملفات، وعلى الحكومة أن «تبل قرارها وتشربه».

* في الفترة الماضية كان هناك تنسيق عسكري مع حركة العدل والمساواة.. هل يمكن أن يصل إلى تحالف أو اتفاق بينكما؟

- صحيح كانت لدينا اتصالات مع «العدل والمساواة» ولم تتوقف منذ توقيع اتفاق أبوجا قبل أربع سنوات، لكن مسألة المعارك العسكرية هي مسألة خاصة، بمعنى أن الحكومة قامت بشن هجوم واسع على المواطنين العزل، وهو ما دفع الناس للدفاع عن المواطنين، والتنسيق تم في ذلك الإطار.

* ما هي استراتيجيتكم في حال انفصل الجنوب بعد الاستفتاء، وكيف ستتعاملون مع الواقع الجديد؟

- استراتيجيتنا تستند إلى نتيجة الاستفتاء، سواء كانت وحدة أم انفصالا، فإذا كان خيار الجنوبيين الوحدة فإننا سنعمل على تحقيق التحول الديمقراطي ووضع دستور جديد في السودان بعد حوار شامل بشأن الأوضاع كلها، وعدم تكرار تجربة الشريكين في الحكم كما كان حادثا من قبل، ولا بد من إشراك كل القوى السياسية في بناء السودان الجديد، أما إذا كان الخيار للانفصال فهذا يعني أن نعطي كل الأقاليم السودانية حقها في أن يتم استفتاء لها حتى لو أدى ذلك لانفصالها، وبعد الانفصال فإن الحكومة التي تحكم الرقعة المتبقية من السودان ستصبح فاقدة الشرعية الدستورية والهوية، وبالطبع ليست هناك دولة. إذن على كل القوى السياسية والحركات المسلحة أن تتوافق لصياغة برنامج جديد لإدارة الرقعة المتبقية من السودان على أسس ديمقراطية وتحديد شكل الحكم، وحل مشكلة دارفور، ضمن إطار هذه القضايا.

* سبق لرئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت أن صرح علانية خلال زيارة الرئيس البشير إلى جوبا في الرابع من الشهر الحالي بأنه أبعد كل قيادات المعارضة الدارفورية.. هل كان يقصدكم؟

- سلفا كير يقصد الحركات المسلحة غير الموقعة على اتفاق السلام مع الخرطوم، وأنت تعلم أن حركة تحرير السودان التي أقودها وقعت اتفاقا مع الحكومة في مايو (أيار) 2006 في أبوجا. ونحن وسلفا كير كنا نعمل معا في حكومة الوحدة الوطنية، وجوبا منطقة حرة، وحكومة الجنوب لديها مصداقية تجاه إفرادنا.

* لكن ماذا ستفعل إن أبعدتك حكومة الجنوب حتى لا تفتح هي جبهة مع الخرطوم؟

- هذه ليست مشكلة بأن تبعدنا حكومة الجنوب من أراضيها، لكننا لم نسمع من أي مسؤول في جوبا أنه لا يريدنا هنا. نحن لدينا قوات على الأرض في دارفور وليس الجنوب، ووجودنا في دارفور أصبح يشكل مأزقا لـ«المؤتمر الوطني»، كما أن لدينا عناصر كبيرة منتشرة في الخرطوم. إذن المشكلة ليست في أين أكون موجودا.

* وضح تماما أن اتفاق أبوجا أصبح يشكل عائقا بينكم.. هل أنت متمسك به؟

- نحن نتمسك به في حال تمسك به الطرف الآخر - «المؤتمر الوطني» - وإذا تخلوا عنه فإن الأمر يعنيهم. والآن الظروف تغيرت، فالسودان كله في حالة انهيار.. إذن ليست القضية انهيار اتفاق أبوجا، بل انهيار السودان كله.

* هناك من يتحدث عن أن حكومة الجنوب تقدم لكم دعما عسكريا لمواجهة الخرطوم.. ما صحة ذلك؟

- الحكومة في الخرطوم تعرف أكثر من غيرها من أين نتلقى الأسلحة. نحن لا نتلقى أسلحة من حكومة الجنوب. وكما قلت لك إن قواتنا موجودة في دارفور وليس الجنوب، وإذا كانت الخرطوم تعتقد أننا نتلقى السلاح من الجنوب فلماذا تهرول للاتفاق حول الترتيبات الأمنية وفي ذات الوقت تقول إنها قضت على قواتنا.. أليس هذا تناقضا؟

* ما هي السيناريوهات المتوقعة في حال انفصال السودان.. وكيف ستتعاملون مع هذا الواقع؟

- السيناريوهات كثيرة، وأي قوة سياسية لديها سيناريوهات وفق رؤيتها، وتعامل مع الواقع بعد الاستفتاء، فإذا حدث الانفصال أتوقع أن يحدث انقلاب في السلطة بالخرطوم، وانشقاقات داخل حزب البشير. وبحسب المعلومات التي أعلمها فإن خيارات «المؤتمر الوطني» أن يقوم بحملة تصفيات جسدية داخل صفوفه. أما بقية القوى السياسية فإنها ستحتاج إلى التحالف والوحدة في ما بينها، وستظهر حركات مسلحة في الجزيرة وأقصى الشمال، وداخل الخرطوم، هذه الحركات والمنظمات كانت تعمل في الإطار السلمي، لكنها ستتحول إلى العمل المسلح، كما أن المجتمع الدولي سيتغير موقفه من القضايا السودانية بعد انفصال الجنوب. وفي إطار دارفور ستتوحد الحركات وتتجه إلى الخرطوم لإسقاط الحكومة.

* هل هذه معلومات أم تحليل سياسي لأن الخرطوم تقول إنها قادرة على بسط سيطرتها على الأرض بعد الانفصال؟

- من خلال معلومات وليس تحليلا سياسيا في الفضاء، وأيضا من الواقع، الحكومة منذ عام 2001 تقول ذات العبارات، وتتبنى سيناريوهات وفق ذلك، لكن ضباط القوات المسلحة في دارفور يعرفون الواقع أكثر من الخرطوم، وهم يعرفون إلى أين يتجه توازن القوى السياسي والعسكري، وهو ليس في صالحهم بالتأكيد.

* هل هذا بمثابة إعلان حرب مع الخرطوم؟

- لم نعلن الحرب ضد الحكومة في الخرطوم، بل هي التي أعلنت ذلك من طرفها، وشنت هجومها على قواتنا والعزل من المواطنين. نحن ندافع عن أنفسنا، ونحن موجودون في دارفور، والآن اتفاق أبوجا أصبح في دولة ميتة، والاتفاق في دولة ميتة ماذا يعني؟ لا ينفع.

* هل ستغادر جوبا إلى دارفور أم ستظل فيها؟

- وجودي في جوبا أو أي مكان آخر أقرره أنا وفق إرادتي، ومتى قررت سأكون في المكان الذي أقرره أنا. ومتى شئت سأذهب إلى أي مكان سأختاره أنا.

* هل التقيت المبعوث الأميركي إلى السودان سكوت غريشن الموجود حاليا في جوبا.. وهل هو يقود وساطة بينكم وبين الخرطوم؟

- لم ألتق غريشن، لكني تحدثت معه أمس عبر الهاتف، وتحدثنا في الشؤون العامة وحول قضية دارفور والمعارك التي دارت مؤخرا هناك، وهو طلب من الأطراف جميعا وقف العدائيات ومراعاة الأوضاع الإنسانية، وهو لا يقود وساطة بيننا وبين الحكومة، ولا نعرف إن كانت لديه نوايا في ذلك أم لا، لكنه لم يبلغنا بذلك.

* هل سنسمع بمولد تحالف لكل حركات دارفور في وقت قريب بعد الاستفتاء مثلا؟

- متى اتفقنا على تشكيل هذه الجبهة سنعلن ذلك، نحن نتواصل مع قادة الحركات جميعها، وهناك أفكار كثيرة وعندما نتوصل إلى اتفاق أو أي شيء من هذا القبيل سنعلنه في حينه.