سلطانية يقود اليوم سفراء لزيارة منشآت إيران النووية.. وسط غياب القوى المعنية بالملف

إيران تؤكد أنها ستعلن عن «إنجازين نوويين» خلال الرحلة.. وتدعو الغرب إلى عدم تكرار الأخطاء في اسطنبول

علي أكبر صالحي، وزير الخارجية الإيراني بالوكالة رئيس هيئة الطاقة الذرية، خلال حضوره صلاة الجمعة في طهران أمس (رويترز)
TT

في ساعة مبكرة من صباح اليوم تكون طائرة الإيرباص التابعة للخطوط الجوية النمساوية رقم أو إس 871 قد هبطت بمطار الإمام الخميني بالعاصمة الإيرانية طهران وعلى متنها نحو نصف عدد السفراء ممن وجه لهم مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، السفير علي أصغر سلطانية، الدعوة لزيارة بعض المنشآت النووية ببلاده كبادرة استبقت بها إيران دورة التفاوض المنتظرة بينها ومجموعة (5+1) بإسطنبول نهاية هذا الأسبوع في محاولة لتأكيد مصداقية وشفافية تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولتحسين سمعة نشاطها النووي وليشهد الزوار على سلمية مقاصده.

هذا، وبينما بادرت كاثرين أشتون مسؤولة الاتحاد الأوروبي برفض الدعوة ما أن تسلمتها مشيرة إلى أن تفتيش المنشآت النووية الإيرانية مهمة تقع على عاتق المفتشين الدوليين وليس الدبلوماسيين، سعى بقية السفراء ممن لم يلبوا الدعوة للتخفي وراء أعذار دبلوماسية رغبة منهم في عدم إثارة غضب إيران رغم أن عدم تلبيتهم للدعوة يصب مباشرة في خانة النأي بمواقفهم بعيدا عن طهران.

وكما أوضح لـ«الشرق الأوسط» مصدر متابع فإن اعتذار تركيا والبرازيل قد يعود أساسا لرغبتهما بالظهور بمظهر محايد يوفر لهما أرضية أوسع للنشاط كوسطاء بين إيران والمجتمع الدولي في أكثر من قضية أهمها مفاوضات إسطنبول التي تستضيفها تركيا في 21 و22 من هذا الشهر بالإضافة لدورهما سعيا من أجل تحقيق اقتراح التبادل لتوفير وقود لمفاعل طهران للأبحاث النووية الذي عاد للأضواء مرة أخرى.

أما في حالة الصين وروسيا فيبدو أنهما فضلتا الحفاظ على وحدة مجموعة (5+1) التي تتألف من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا، خاصة بعد رفض الدعوة الذي بادرت به رئيسة المجموعة كاثرين أشتون التي كانت صريحة ومنطقية في رفضها دون أن تدلي بأي تصريح يسيء للدعوة أو لإيران أو ينساق مع من وصفوا الدعوة بأنها محاولة إيرانية لشق المجموعة الدولية إذ دعت إيران أشتون وروسيا والصين فيما لم تدع بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا أو الولايات المتحدة بالطبع.

ونقلت وكالة رويترز عن دبلوماسي كبير أمس أنه من غير المتوقع أن تشارك روسيا في زيارة الموقعين النوويين، وقال الدبلوماسي المقيم في فيينا لدى سؤاله إن كان من المتوقع أن يكون مندوب روسيا بين الدبلوماسيين المقرر أن يتوجهوا إلى طهران «لا أعتقد هذا».

وبغياب جميع الدول المعنية بالملف النووي الإيراني، لم يبق لسلطانية من رفقاء صحبهم معه لزيارة المواقع النووية المختارة التي تم تحديدها بمفاعل نطنز لتخصيب اليورانيوم ومنشأة أراك للمياه الثقيلة غير مناديب عن أقوى المجموعات الجغرافية والسياسية الرافضة وبشدة لما يصفونه بازدواجية المعايير والتمييز في المعاملة بين الدول أعضاء الوكالة الدولية ممن يدعمون حق إيران في نشاط نووي سلمي وفقا لاتفاقات الضمان وممن لا علاقة لهم بالملف النووي الإيراني، وهم سفيرا ترويكا دول عدم الانحياز كوبا ومصر، وسفيرة الجزائر رئيسة مجموعة الـ77 وممثل الجامعة العربية وسفير سورية التي تخشى وتتحسب أن تواجه مصيرا يشبه المصير الإيراني بالإضافة لفنزويلا التي تدعم كل ما يخالف موقف الولايات المتحدة، هذا فيما لم تحظ الدعوة التي أضافها الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية ودعا فيها السفراء لاصطحاب خبراء من اختصاصييهم النوويين، أي استجابة، وسعيا منها لإضفاء مزيد من الأضواء على تلك الدعوة، أكدت الجمهورية الإسلامية عن أنها ستعلن عن «إنجازين نوويين» خلال زيارة السفراء إلى إيران.

وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية مهر أنه سيجري «خلال زيارة الضيوف الأجانب لمفاعل المياه الثقيلة في مدينة أراك وسط إيران إزاحة الستار عن إنجازين نوويين جديدين»، ولم تحدد الوكالة ماهية الإنجازين كما لم توضح مصدر تلك الأنباء.

وفي سياق متصل، أعرب علي أكبر صالحي، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية وزير الخارجية بالوكالة، عن استعداد بلاده لبناء الثقة خلال محادثات إسطنبول الأسبوع المقبل.

وصرح صالحي لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا): «نأمل في بناء الثقة بين إيران والقوى الست في نهاية المطاف ونحن مستعدون لاتخاذ كل خطوة ضرورية لبناء الثقة في هذا الصدد».

وتتعارض تصريحات صالحي مع تصريحات كان قد أدلى بها في مقابلة صحافية الأربعاء، قال فيها إن إيران لن تناقش النزاع النووي في إسطنبول مع كاثرين أشتون والقوى الست.

وتشدد إيران على أنه يتعين على القوى الست أن تعترف بشرعية موقف طهران وبحقها في السعي للحصول على التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية.

وقال صالحي «سوف نرحب بأي نهج منطقي من جانب الطرف الآخر بشأن القضية النووية».

ومن المقرر أن يقود كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين سعيد جليلي الوفد الإيراني. وكان جليلي قد صرح مرارا أن إيران لن تناقش النزاع النووي الذي يمثل مبعث القلق الرئيسي للقوى الست ولكنها سوف تستكشف فقط سبل التعاون المشترك لمواجهة التحديات العالمية والسياسية.

ويعتبر مرافيون أن مثل التصريحات تندرج في إطار لغة الخطابة لأن إيران تدرك أن التعاون ن المشترك أمر غير ممكن من دون تسوية النزاع النووي أولا. وحث جليلي أمس الغرب على «عدم تكرار أخطائه السابقة» في محادثات إسطنبول المرتقبة. ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية، شبه الرسمية، عن جليلي في حوار مع مجلة الـ«فيغارو» الفرنسية أن الأخير أعرب عن أمله بأن «يتفهم الغرب المكانة التي تتبوأها إيران»، وأن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية بادرت إلى اتخاذ الكثير من الإجراءات خلال الأعوام الماضية لبناء جسور الثقة.. وأن الوقت قد حان الآن لكي يبذل الغرب الجهود بإزالة عدم ثقة الشعب الإيراني».

وبشأن محادثات إسطنبول، قال جليلي لقد «أعلنا في جنيف بكل صراحة ووضوح أن الحوار المقبل سيتركز على التعاون بشأن النقاط المشتركة التي بإمكانها أن تشمل جزءا كبيرا من المواضيع»، وأضاف أن بلاده «جادة في محادثاتها للتعاون وتنظر إلى الحوار على أساس النقاط المشتركة وإذا بادلتنا دول مجموعة الـ6 نفس الشعور فإنه يمكن التفاؤل بهذا الحوار وبلوغه نتائج جيدة».

وزعم أن «بعض القوى التي بادرت خلال الأعوام الماضية إلى الدخول في مواجهة مع إيران شاهدت بنفسها أن اتخاذها هذا الأسلوب لن يفضي إلى نتيجة سوى الطريق المسدود»، وأن «التناحر لم يقدم أي نتيجة إيجابية».