البرازيل: السيول تخلف 500 قتيل في أسوأ كارثة طبيعية منذ عقود

انتشال رضيع بقي 15 ساعة تحت الوحل.. وناج مصدوم: فقدت بناتي الأربع

رجال انقاذ يحملون امرأة في تريزوبوليس بالبرازيل أمس (أ.ب)
TT

واصل عمال الإنقاذ، أمس، مساعيهم للبحث عن ناجين في مناطق عزلتها الفيضانات المدمرة والانهيارات الأرضية التي قتلت نحو 500 شخص، في واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في البرازيل منذ عقود. وخلفت سيول الأوحال والمياه التي سببتها الأمطار الغزيرة دمارا شديدا في منطقة سيرانا الجبلية القريبة من ريو دي جانيرو، وتسببت في هدم المنازل وقطع الطرق، ودُفنت عائلات بأكملها تحت الطين أثناء نومهم.

وقال خورج ماريو، رئيس بلدية تريزوبوليس، حيث قتل 200 شخص على الأقل: «كأن زلزالا ضرب بعض المناطق». وأضاف ماريو أن «عدد القتلى سيزيد كثيرا؛ فقد دفن الكثير من الناس الذين لا يجدون مساعدة، لأن فرق الإنقاذ لا تستطيع الوصول إليهم».

وأوضح أن «ثلاثة أو أربعة أحياء دمرت بالكامل في مناطق ريفية. تكاد لا توجد بيوت قائمة هناك، وكل الطرق والجسور دمرت».

وجرفت الانهيارات الطينية بيوت الأغنياء والفقراء على السواء في تريزوبوليس، وحولها، وفي بلدات أخرى، لكن العبء الأكبر للكارثة تحمله السكان الريفيون الفقراء الذين يقيمون في بيوت بنيت في مناطق خطرة من دون تراخيص رسمية.

وأظهرت لقطات تلفزيونية عمال الإنقاذ وهم يحاولون باستماتة إبعاد السكان من مسارات الفيضانات العارمة، ويبحثون وسط أطلال المنازل المدمرة عن أحياء، ولا يجدون في أغلب الأحوال سوى جثث.

وفي تريزوبوليس خيمت أجواء من البؤس، واصطف السكان في طوابير أمام المواقع المستخدمة لنقل الجثث، محاولين التعرف إلى أقرباء مفقودين على الصور التي تعرض وجوها مشوهة أو متحللة.

وخيم مئات المشردين في حال من الصدمة داخل مركز رياضي، وبينهم جواو دي ليما. ويقول الرجل البالغ من العمر 59 عاما وهو يضم إلى صدره لعبة: «فقدت بناتي الأربع، وكل ما كان لدي».

ووسط أجواء الحزن واليأس المخيمة بعد موت عائلات بأكملها، حدثت بعض «المعجزات» أيضا، من بينها امرأة في الثالثة والخمسين أنقذها جيرانها في اللحظة الأخيرة من المياه الجارفة بإلقاء حبل لها في مشهد عرضته محطات التلفزيون بشكل متواصل.

كما انتشل رجال الإطفاء رضيعا في شهره السادس بقي 15 ساعة تحت الوحل بين ذراعي والده. وقال جد الطفل وقد بدا عليه التأثر: «أحمد الله لأنها معجزة».

ويقول مسؤولون محليون إن بلدة نوفا فريبيرجو التي كان المهاجرون السويسريون أول من استوطنها شهدت مقتل 200 شخص. وقالت رئيسة البرازيل، ديلما روسيف، التي تواجه أول تحد كبير منذ توليها الرئاسة في الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي، إن الوضع يمثل مأساة لا يمكن إلقاء اللوم عنها على الطبيعة وحدها. وأضافت في ريو دي جانيرو بعد جولة بالطائرة فوق المناطق المنكوبة وزيارة نوفا فريبيرجو حيث لحق أغلب الضرر بمنازل بنيت على نحو غير مستقر عند سفوح تلال شديدة الانحدار: «السكن في مناطق خطرة هو القاعدة في البرازيل، وليس الاستثناء».

وقال حاكم ولاية ريو، سيرجيو كابرال، متحدثا إلى جانب الرئيسة خلال جولتها على المناطق المنكوبة: إن «ما يقلقنا مع ديلما روسيف هو الساعات المقبلة، لأن الطقس الجوي غير مطمئن». ودعا السكان في المناطق التي تواجه خطرا إلى التوجه إلى أماكن آمنة، «لأن هناك مخاطر انزلاقات تربة»، مؤكدا أن «الوضع في الساعات المقبلة ليس مطمئنا». ويفسر خبراء حجم الكارثة بتزامن ظواهر طبيعية نادرة وحركة العمران العشوائية، وقال المسؤول في مختبر الهيدرولوجيا في جامعة ريو الاتحادية باولو كانيدو: «هطلت أمطار، ليل الثلاثاء – الأربعاء، توازي ما يهطل خلال شهر كامل». وتأثرت بهذه الأمطار على السواء مساكن الاصطياف وفنادق الأحياء الفخمة، كما المساكن الهشة في الأحياء الفقيرة التي أقيمت من دون تراخيص في مواقع خطيرة.

وإلى جانب الأزمة الحالية بسبب الخسائر في الأرواح والممتلكات، قد تؤدي هذه الكارثة إلى زيادة جديدة في أسعار المواد الغذائية، وهو ما يمثل مصدرا للقلق للحكومة.