تنصيب الغنوشي «نفسه» يثير جدلا دستوريا وقانونيا

لا أحد يعلم من الذي أعطى التفويض

TT

إعلان الوزير الأول التونسي «محمد الغنوشي»، توليه صلاحيات الرئاسة مؤقتا في البلاد خلفا للرئيس المتنحي «زين العابدين بن علي»، طبقا لأحكام الفصل (56) من الدستور التونسي، أثار جدلا كبيرا في الأوساط القانونية والدستورية التونسية، حيث اعتبره البعض، مخالفا من الناحية الدستورية والقانونية.

وقال الغنوشي في كلمة ألقاها مساء أمس: «إنه نظرا لتعذر قيام رئيس الجمهورية بممارسة مهامه بصفة وقتية أتولى بداية من الآن ممارستي سلطات رئيس الجمهورية وأدعو كافة أبناء تونس وبناتها من مختلف الحساسيات السياسية والفكرية وكافة الفئات والجهات إلى التحلي بالروح الوطنية».

وينص (الفصل 56) من الدستور التونسي على «لرئيس الجمهورية إذا تعذر عليه القيام بمهامه بصفة وقتية أن يفوض بأمر سلطاته إلى الوزير الأول ما عدا حق حل مجلس النواب». ولم يعلم أحد حتى الآن من الذي أعطى الأمر والتفويض لـ«الغنوشي» للقيام بمهام الرئيس، حيث توضح المادة ضرورة حصوله على تفويض بذلك من الرئيس نفسه وضرورة إعلام البرلمان بذلك مسبقا، وليس من تلقاء نفسه.

وتقول المادة نفسها: «أثناء مدة هذا التعذر الوقتي الحاصل لرئيس الجمهورية تبقى الحكومة قائمة إلى أن يزول هذا التعذر ولو تعرضت الحكومة إلى لائحة لوم، ويعلم رئيس الجمهورية رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين بتفويضه المؤقت لسلطاته». وهو الأمر غير الواضح حتى الآن.

في حين أن (الفصل 57)، ووفقا لبعض الدستوريين، هو نفس الوضع الذي تنطبق عليه حال البلاد حاليا. حيث تنص على «عند شغور منصب رئيس الجمهورية لوفاة أو لاستقالة أو لعجز تام، يجتمع المجلس الدستوري فورا، ويقر الشغور النهائي بالأغلبية المطلقة لأعضائه، ويبلغ تصريحا في ذلك إلى رئيس مجلس المستشارين ورئيس مجلس النواب الذي يتولى فورا مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه ستون يوما. وإذا تزامن الشغور النهائي مع حل مجلس النواب، يتولى رئيس مجلس المستشارين مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة لنفس الأجل».

وهو الأمر الذي تجاوزه الغنوشي، حين نصب نفسه رئيسا مؤقتا للجمهورية دون الرجوع للمجلس الدستوري.

ويفرد ذات الفصل الدستوري، صلاحيات الرئيس المؤقت بالقول: «يؤدي القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة اليمين الدستورية أمام مجلس النواب ومجلس المستشارين الملتئمين معا، وعند الاقتضاء أمام مكتبي المجلسين. وإذا تزامن الشغور النهائي مع حل مجلس النواب، يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس المستشارين وعند الاقتضاء أمام مكتبه».

ولا يجوز للقائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة الترشح لرئاسة الجمهورية ولو في صورة تقديم استقالته.

كما يمارس القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة المهام الرئاسية على أنه لا يحق له أن يلجأ إلى الاستفتاء أو أن ينهي مهام الحكومة أو أن يحل مجلس النواب أو أن يتخذ التدابير الاستثنائية المنصوص عليها بالفصل 46.

ولا يجوز خلال المدة الرئاسية الوقتية تنقيح الدستور أو تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.

وخلال هذه المدة الرئاسية الوقتية يتم انتخاب رئيس جمهورية جديد لمدة خمس سنوات، ولرئيس الجمهورية الجديد أن يحل مجلس النواب ويدعو لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها وفقا للفقرة الثانية من الفصل 63.

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»