زين العابدين بن علي.. لم يعد لدى الجنرال من يكاتبه

تعلم العسكرية في فرنسا وتولى وزارة الداخلية قبل أن يقفز على مقعد بورقيبة عام 1987

TT

انتهى أمس فصل في تاريخ تونس كان قد بدأ يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1987، حين أطل صوت زين العابدين بن علي، ليعلن في بيان له للشعب التونسي نهاية عهد الحبيب بورقيبة، أول رئيس جمهورية في البلاد منذ استقلالها عن فرنسا، في مارس (آذار) عام 1956، وتحولها إلى الجمهورية عام 1957. لامس بن علي في بيانه للأمة التونسية طموحاتها، وفتح قصر قرطاج أبوابه للنخب السياسية والمثقفين من خارج الحزب الدستوري الحاكم، لكن السنوات اللاحقة شهدت تحولات سياسية جذرية في تعاطي بن على مع قوى المعارضة في البلاد، لتبدأ مرحلة جديدة مع عام 1990، أسدل بعدها الجماهير الغاضبة الستار في مشهد الختام، مساء يوم 14 يناير (كانون الثاني)، بمغادرة بن علي البلاد، في حين أعلن عن تسليم السلطة للوزير الأول، محمد الغنوشي، بموجب الدستور، في ظل حياد المؤسسة العسكرية التي أعلنت حالة الطوارئ في البلاد.

ولد زين العابدين بن علي في 3 سبتمبر (أيلول) 1936 بحمام سوسة في عائلة متواضعة، وانخرط في النضال ضد الاحتلال الفرنسي ضمن الحركة الوطنية، وتولى مهمة التنسيق بين الهياكل الحزب الدستوري الجديد الذي أسسه الحبيب بورقيبة عام 1934.

وانخرط بن علي في صفوف المقاومة المسلحة، الأمر الذي أدى إلى سجنه ثم طرده من كل المؤسسات التعليمية بتونس.

قرر الحزب الدستوري إرساله إلى فرنسا؛ فأصبح عنصرا من النواة الأولى لما سيكون فيما بعد «الجيش الوطني». حصل على شهادة المدرسة المتخصصة للجيوش بـ«سان سير»، ثم شهادات مدرسة المدفعية بـ«شالون سور مارن» بفرنسا، والمدرسة العليا للاستعلامات والأمن، ومدرسة المدفعية المضادة للطيران بالولايات المتحدة الأميركية، وأخيرا حصل على شهادة مهندس في الإلكترونيات.

ومع عودة بن علي للبلاد، أسس، وهو لا يزال ضابطا شابا في أركان الجيش، إدارة الأمن العسكري سنة 1964، حيث أشرف على تسييرها لمدة عشر سنوات، بعدها عُيّن ملحقا عسكريا بالمغرب وإسبانيا، إلى أن عين بديوان وزير الدفاع، قبل أن يضطلع بمهام مدير عام للأمن الوطني في ديسمبر (كانون الأول) 1977.

وفي أبريل (نيسان) 1980 عين سفيرا في بولونيا إلى أن دعي مجددا في 1984 ليتولى خطة مدير عام للأمن الوطني، وليتولى في مرحلة ثانية مهام كاتب دولة للأمن الوطني في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1984، ثم أصبح وزيرا للأمن الوطني في 23 أكتوبر 1985. وفي 28 أبريل 1986 أصبح وزيرا للداخلية.

وقبل أن ينقضي العام، أصبح عضوا في الديوان السياسي للحزب الاشتراكي الدستوري، ثم أمينا عاما مساعدا للحزب، بعد أن ارتقى إلى رتبة وزير دولة مكلف بالداخلية، وفي مايو (أيار) 1987، وقبل نهاية العام كان بن علي قد أصبح وزيرا أول (رئيس وزراء) وهو في السنة الواحدة والخمسين من عمره، مع الاحتفاظ بحقيبة الداخلية، في انتظار فجر يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) حيث تحرك من أجل تنحية الحبيب بورقيبة، أول رئيس جمهورية في تونس بعد نيلها الاستقلال، ليصبح بن علي ثاني رئيس للبلاد.

ظل بن علي في منصب الرئاسة عبر تزكيته في جولتين متتاليتين عامي 1989 و1994، حتى أقام أول مرة انتخابات تعددية عام 1999 بعد ما يربو على 12 عاما من تسلمه للحكم، في خطوة وصفها مراقبون بتحصيل الحاصل، حيث كانت نتائجها محسومة سلفا لصالحه. وأجرى بن علي في مايو عام 2002 تعديلات دستورية على المادتين 39 و40، التي خولت له حق الترشح للانتخابات لفترة رابعة، حسمها لصالحه في أكتوبر 2004، ليفوز بدورة جديدة بنسبة 94 في المائة من الأصوات، وهو ما تكرر في عام 2009، في دورة بن علي الخامسة والأخيرة.

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»