الغنوشي: حكومة الوحدة الوطنية تعلن اليوم.. بمشاركة 3 أحزاب معارضة

مصادر تونسية لـ «الشرق الأوسط»: مشاورات عاصفة أدت لاستبعاد الأحزاب الموالية للرئيس السابق

aتونسيان يحاولان إزاحة صورة كبيرة للرئيس السابق عن إحدى البنايات (أ.ب)
TT

قال رئيس الوزراء التونسي المؤقت محمد الغنوشي مساء أمس إن إعلان تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية الجديدة سيتم اليوم. بينما أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن 3 أحزاب معارضة كبرى ستدخل الحكومة لأول مرة.. وأعلنت مسؤولة في حزب تونسي معارض أن الأحزاب المقربة من الرئيس السابق ستستبعد منها.

وصرحت الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي (معارضة) مايا جريبي، بأن «تشكيلة الحكومة الجديدة ستعلن غدا (اليوم)» وذلك بعد اجتماع للأحزاب السياسية الرئيسية مع رئيس الوزراء محمد الغنوشي. وقالت: «اتخذ قرار بالتوافق على استبعاد الأحزاب المناصرة للحكومة. وستتشكل الحكومة الجديدة من ممثلين لحركة التجديد والحزب الديمقراطي التقدمي والجبهة الديمقراطية للعمل والحريات ومن شخصيات مستقلة». وهذه الأحزاب الثلاثة كانت من ضمن المعارضة المعترف بها في البلاد. وتابعت جريبي: «الانتخابات المقبلة ستراقبها لجنة مستقلة ومراقبون دوليون من أجل انتخابات حرة وشفافة»، موضحة أن الأحزاب الثلاثة طلبت عفوا عاما عن جميع السجناء السياسيين.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن ثلاثة أحزاب سياسية معارضة قد تأكدت مشاركتها في الحكومة القادمة، وهي مرشحة بقوة للفوز بمجموعة من الحقائب الوزارية لأول مرة في تاريخها السياسي، وهي الحزب الديمقراطي التقدمي ممثلا في أحمد نجيب الشابي، الأمين العام السابق للحزب وأبزر معارضي نظام بن علي والمرشح لانتخابات الرئاسة سنة 2009، وأحمد إبراهيم، الأمين العام لحركة التجديد والمرشح بدوره في الانتخابات الرئاسية الماضية، إلى جانب مصطفى بن جعفر، الأمين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات.

وينتظر بين الحين والآخر الإعلان عن القائمة الاسمية الكاملة للحكومة الجديدة برئاسة محمد الغنوشي، الوزير الأول السابق الذي يواصل القيام بنفس المهمة. وقالت نفس المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن النقاشات كانت حامية الوطيس بين الأطراف المدعوة للتشاور حول تركيبة الحكومة الجديدة، وأكدت نفس المصادر أن تلك الأطراف لم تمكن الأحزاب المعروفة بموالاتها للتجمع الدستوري الديمقراطي الحزب الذي حكم تونس لمدة 23 سنة وذلك خشية أن يؤدي ذلك إلى انفلات أمني جديد في البلاد.

وتضم قائمة الأحزاب المصنفة ضمن المعارضة، التي لم تتمكن من دخول حكومة الوحدة الوطنية الحزب الاجتماعي التحرري وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين وحزب الوحدة الشعبية وحزب الخضر للتقدم. للتذكير أن المشاورات حول تركيبة الحكومة الجديدة خلال المرحلة الانتقالية المقبلة قد دعا لها كثير من مكونات المجتمع المدني من بينها على وجه الخصوص الأحزاب المعارضة الثلاثة المرشحة للمشاركة في تلك الحكومة، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان والاتحاد العام التونسي للشغل، والهيئة الوطنية للمحامين واتحاد طلبة تونس.

وعن الوضع المستقبلي المنتظر في تونس قال بلقاسم حسن، مناضل بحزب الوحدة الشعبية المعارض لـ«الشرق الأوسط»، إن المطلوب اليوم هو تكوين حكومة ائتلاف وطني عريض للإنقاذ وإعادة ترتيب الأوضاع ومراجعة القانون الانتخابي بما يضمن التمثيل الحقيقي للشعب ويضمن نزاهة الانتخابات وشفافيتها ومصداقيتها دون أي ضغط أو تلاعب.

وأضاف حسن: «من المهم مراجعة الدستور وضمان التوازن الحقيقي في السلطة وإعطاء صلاحيات أوسع للجهات التشريعية وإيجاد صيغة تضمن محاسبة نواب الشعب للحكومة». وتابع: «ربما يقع التفكير في نظام برلماني يقطع مع النظام الرئاسي المغالي في الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية». وحول إقالة محمد بوشيحة من قيادة حزب الوحدة الشعبية، قال بلقاسم حسن إن ذلك كان متوقعا، فالحزب منذ مدة نادى بالإصلاح السياسي وحاول ترتيب البيت من الداخل والآن جاء الوقت المناسب لبث دماء جديدة تتماشى والمرحلة الجديدة.

وتتواصل المشاورات ترافقها تساؤلات حول برنامج وأولويات الحكومة المنتظرة وهل ستكون ذات مصداقية كافية لدى الشارع التونسي. وتسعى بعض الأطراف السياسية، خاصة اليسارية إلى قطع الطريق أمام التيارات الإسلامية، خاصة بعد تصريح راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة المحظورة عن نيته الرجوع إلى تونس، وتنامي معلومات عن تضخيم دوره في الاحتجاجات الاجتماعية التي قادت إلى إسقاط نظام بن علي.

ويرى علي منصور (إعلامي تونسي) أنه من الضروري إعطاء الفرصة للإسلاميين بالانخراط في الحياة السياسية التونسية خلال الفترة المقبلة وأن يكون الفيصل في ذلك إلى الشارع التونسي، وإلى صناديق الاقتراع. وأضاف أن التونسيين يدركون تماما من بإمكانه خدمة مصلحتهم ومن الصعب مغالطتهم بعد ما أنجزوه من عمل بطولي.

وفي نفس هذا السياق، قال أحمد الصيد (ناشط نقابي) إنه فوجئ بالشباب التونسي الذي وضع سقفا عاليا للعمل السياسي. من الصعب أن تتم مغالطته في المستقبل. وأضاف: «الحقد الدفين والنقمة الواضحة على نظام الحكم الظالم»، على حد تعبيره، كانت بادية على وجوه الشباب المشارك في الاحتجاجات والوجوه الشابة هي التي ستصون مكاسب الثورة الاجتماعية التونسية.

وتشير معلومات أكيدة إلى أن التجمع الدستوري الديمقراطي قد فقد زمام المبادرة بالكامل وقد يعلن في القريب العاجل عن حل كافة هياكله والانخراط من جديد في الحياة السياسية. ورفضت وكالة الأنباء الرسمية (وكالة تونس أفريقيا للأنباء) أمس نشر بلاغ صادر عن الحزب على موقعها، ولم يتم البوح بمحتواه، وهو ما اعتبره الملاحظون قطيعة نهائية لحزب حكم البلاد لمدة 23 سنة مع الشارع التونسي وربما مع المشهد السياسي التونسي.