نتنياهو: التطورات تدل على أن غياب الاستقرار منبعه العالم العربي وليس النزاع الإسرائيلي ـ العربي

حكومة إسرائيل تستغل الأوضاع في تونس ولبنان والسودان

رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يستمع أمس إلى شروح أحد ضباط الجيش، وذلك خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء الإسرائيلي في القدس المحتلة (أ.ف.ب)
TT

أجرى مجلس الوزراء الإسرائيلي، أمس، بحثا أوليا في «تطورات الأوضاع في العالم العربي» وقرر استمرار الأبحاث بشكل أعمق في جلسة سرية لمجلس الوزراء المصغر للشؤون الأمنية، بعد غد (الأربعاء). واستغل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذه الأحداث ليقول إنها «تدل على أن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط لا ينبع من الصراع الإسرائيلي - العربي، بل من الأوضاع الداخلية في العالم العربي».

واستغل نتنياهو الأحداث المذكورة لتبرير سياسته العدائية التي تخرب على مفاوضات السلام، فوجه رسالة إلى دول الغرب التي تمارس ضغوطا عليه لتسوية النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني والعربي، وقال: «إننا نعيش في منطقة جغرافية غير مستقرة، فما يجري في تونس ولبنان والسودان والعراق وإيران يدل على أن هناك عدة مراكز مهتزة وغير مستقرة. ونحن إذ يحدونا الأمل في استتباب الهدوء والأمن في ربوع المنطقة، لا نستطيع إلا أن نشير إلى أن إسرائيل تعتبر واحة الاستقرار الوحيدة في المنطقة. وإسرائيل تريد السلام ولكنها تطالب وبحق بأن تتضمن اتفاقيات السلام بنودا صارمة للاستقرار الأمني والسياسي، فقد نوقع اتفاق سلام اليوم، وتتغير غدا أو بعد غد أنظمة الحكم في هذا البلد العربي أو ذاك. لا نعلم تماما بأنه سيتم احترام اتفاق السلام الذي سنتوصل إليه، ولذلك يجب إرفاق أي اتفاق من هذا النوع بترتيبات أمنية على الأرض».

وقال نائب نتنياهو، وزير التطوير الإقليمي سلفان شالوم، وهو من مواليد تونس، إن إسرائيل تراقب عن كثب ما يجري حاليا في تونس، وتأمل أن تحافظ القيادات الجديدة هناك على سياسة معتدلة تجاه إسرائيل، وألا تسيطر قوى إسلامية متطرفة على الحكم فتتجه إلى العداء مع الغرب وتقطع العلاقات القائمة مع إسرائيل. وأضاف: «لسنين طويلة نسمع أن النزاع الإسرائيلي - العربي هو سبب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، ولكننا نشهد مواقد لهيب في كل من العراق وتونس ولبنان والسودان، وكلها انفجرت لأسباب لا تتعلق مطلقا بالنزاع».

وذكرت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، أن جوا من القلق ساد الأبحاث الإسرائيلية بخصوص التطورات في العالم العربي وخطر انتشار أحداث تونس في دول أخرى في المنطقة، ولذلك تقرر إجراء بحث عميق في الموضوع بعد غد. وعلمت «الشرق الأوسط» أن أكثر من وزير ومسؤول إسرائيلي تساءل عن سبب فشل «الموساد» (جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية) و«أمان» (شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي)، في تقدير ما جرى في تونس. وطالبوا بإجراء مسح عاجل للأوضاع في الدول العربية، خصوصا تلك المحاذية لإسرائيل، ومحاولة إعطاء صورة واضحة عن احتمالات وقوع تغييرات جوهرية فيها كما هو الحال في تونس.

من جهة ثانية، أعربت تلك المصادر عن قلقها من التقديرات المتضاربة في إسرائيل حول الأوضاع في إيران، فبعد أن كان رئيس «الموساد» السابق، مئير دجان، قد أعلن أن إيران لن تستطيع التوصل إلى تطوير سلاح نووي قبل عام 2015، قال خبير آخر لا يقل أهمية عنه إنه يقدر ألا تتوصل إيران إلى السلاح النووي قبل عام 2020. وهذا المسؤول هو البروفسور يتسحاق بن يسرائيل، الذي شغل في الماضي منصب رئيس لجنة الطاقة النووية في إسرائيل. وقد أشار في محاضرة له في الأسبوع الماضي إلى أن إيران تخشى من صدام عسكري مع إسرائيل، ولذلك فهو لا يوافق على تخويف الشعب من الخطر الإيراني. وأضاف بن يسرائيل أنه في حال نشوب حرب بين إيران وإسرائيل، فإن الصواريخ الإيرانية ستقتل نحو 300 ألف إسرائيلي، ولكن الرد الإسرائيلي سيؤدي إلى قتل 40 مليون إيراني.

وتثير مثل هذه التصريحات قلقا في الحكومة الإسرائيلية، لأنها تعتبرها تخريبا على السياسة الإسرائيلية الرسمية التي تحاول إقناع الغرب بضرورة طرح الخيار العسكري ضد إيران وعدم الاكتفاء بالعقوبات الاقتصادية. وقد وبخ رئيس الحكومة نتنياهو رئيس «الموساد» على تصريحاته. وظهر، أمس، رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع، الجنرال عاموس جلعاد، بتصريحات يحذر فيها من شرخ في الموقف الإسرائيلي الرسمي. ويقول إن الخطر الإيراني حقيقي ولا يجوز الاستخفاف به على هذا النحو. وأضاف جلعاد، في حديث تنشره صحيفة «يديعوت أحرونوت»، اليوم، أن إيران أصبحت قادرة على حماية سلاحها النووي عندما تنتهي من إنتاجه، بعد أن أقامت جهاز دفاع قويا ومتينا. ولديها صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية. ولم يبق لها سوى تخصيب اليورانيوم بالنسبة المطلوبة، وهي تتقدم في ذلك بسرعة، وإذا نجحت فيه حتى بعد 10 سنوات، فإن ذلك خطير جدا لأنه يمثل طريق اللاعودة عن التحول إلى دولة نووية، ولذلك فإن التصريحات حول موعد إنتاج قنبلة نووية تغفل الأطر الكبرى القائمة اليوم التي تزداد يوما بعد يوم وسنة بعد الأخرى. وما من مفر إلا بزيادة الضغوط عليها حتى تتخلى عن هذا المشروع.