مصادر تركمانية لـ «الشرق الأوسط»: بغداد ضغطت لإلغاء زيارة وزير الخارجية التركي إلى كركوك

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لدى لقائه بوزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في بغداد أمس (رويترز)
TT

وصل وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، إلى بغداد أمس، والتقى برئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، وتباحث معه حول تعزيز العلاقات الاستراتيجية التي تربط البلدين، وتدعيم آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما. وجاء ذلك بينما قالت مصادر إن المسؤول التركي كان بصدد زيارة مدينة كركوك المتنازع عليها، غير أنه ألغى الزيارة بسبب ضغوطات عراقية تخشى «إملاءات تركية» لصالح تركمان المدينة.

ونقلت مصادر حكومية عراقية أن «زيارة أوغلو تهدف إلى تقديم التهاني للمالكي بتشكيل الحكومة العراقية، إلى جانب بحث العلاقات الثنائية وتعزيزها على مختلف المستويات».

وأشارت تلك المصادر إلى أن «المالكي أكد للوزير التركي أهمية تطوير العلاقات الثنائية بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الجارين»، مشيرا إلى أن «الكتل السياسية تمكنت من تشكيل حكومة شراكة وطنية ضمت الجميع، ونحن مقبلون على مرحلة جديدة من التطور الاقتصادي والبناء والإعمار، والانفتاح على جميع الدول على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة»، مؤكدا على «ضرورة التعاون بين العراق وتركيا من خلال المجلس الاستراتيجي، وتفعيل عمل اللجنة العليا بين البلدين، والمضي في التعاون في المجالات الاقتصادية كافة».

وأشار المالكي إلى أنه «لدينا جهد منصب نحو القمة العربية المقبلة التي ستعقد في بغداد، وقد وفرنا جميع المتطلبات لإنجاحها، خصوصا ونحن في حكومة الشراكة الوطنية نعمل على زيادة التعاون مع محيطنا العربي، إضافة إلى محيطينا الإقليمي والدولي».

من جهته، أكد وزير الخارجية التركي أن العراق يحتل موقعا مهما في المنطقة، وأن استقراره وتقدمه سيحدثان نهضة كبيرة فيها، و«من خلال التقدم الحاصل فيه على مختلف الأصعدة، نسعى إلى زيادة التعاون معه في جميع المجالات، لا سيما الاقتصادية».

ومن جانبه، أكد وكيل وزارة الخارجية العراقية، لبيد عباوي، لوكالة الصحافة الفرنسية أن زيارة أوغلو تأتي للتهنئة بمناسبة تشكيل الحكومة العراقية، دون أن يوضح المزيد.

وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع النائب عن القائمة العراقية، زهير الأعرجي، أشار إلى أن «جميع الدول العربية والإقليمية أيقنت بأن العملية السياسية في العراق، بعد مرور ثماني سنوات، هي عملية سياسية ناجحة، وتركز على خدمة أبناء الشعب العراقي وجميع الدول التي لها مصالح في العراق»، مضيفا «أننا نتمنى أن تكون العلاقات الإقليمية للعراق على قدر المصالح الرسمية ودعم الشعوب بعضها لبعض، وعدم التدخل في العملية السياسية، والابتعاد عن الإملاءات الإقليمية».

وكان من المفترض أن يزور وزير الخارجية التركي محافظة كركوك المتنازع عليها بين العرب والأكراد والتركمان، على هامش زيارته الحالية، ولكن مصدرا تركمانيا أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «أوغلو لن يزور كركوك كما كان مقررا منذ فترة قبل وصوله إلى العراق للاجتماع مع القوى والأحزاب التركمانية في المحافظة التي تضم مكونا تركمانيا مكثفا»، ولم يستبعد المصدر أن «تكون هناك ضغوطات من قبل الحكومة العراقية على الوزير التركي لتأجيل زيارته إلى المحافظة، خوفا من وجود إملاءات أو تدخلات من تركيا لصالح تركمان المحافظة».

وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت في يوليو (تموز) 2008 تأسيس «مجلس أعلى للتعاون الاستراتيجي» بين العراق وتركيا، وذلك خلال زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد.

ووقع البلدان 48 مذكرة تفاهم خلال زيارة أردوغان في أكتوبر (تشرين الأول) 2009، من شأنها أن تعزز التعاون السياسي والاقتصادي، وخصوصا في مجالات الأمن والمياه، وفتح المعابر، والنفط، والربط الكهربائي، والصحة، والسكك الحديدية، والزراعة.

وكان رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، قد التقى، أول من أمس، السفير التركي في بغداد، مراد أوزجليك، والقنصل التركي في أربيل، آيدن سلجن.

وبحسب بيان لحكومة الإقليم، فإن السفير التركي هنأ رئيس الإقليم بمناسبة نجاح المؤتمر الـ13 للحزب الديمقراطي الكردستاني، وإعادة انتخاب بارزاني رئيسا له.

وبحث الجانبان عدة مسائل مهمة ومشتركة، والعلاقات الثنائية بين العراق وتركيا بشكل عام، وبين إقليم كردستان وتركيا بشكل خاص، وتعزيز تلك العلاقات في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، والتعاون المشترك بين الجانبين. وأكد رئيس الإقليم على تعزيز وتطوير علاقات الصداقة بين الجانبين، بحيث تخدم الاستقرار والتقدم في جميع أنحاء المنطقة.

ومن جانبه، أشار سفير تركيا إلى أهمية دور بارزاني في إنجاح العملية السياسية في العراق، ومساعي سيادته في توثيق إطار التعاون والعلاقات الثنائية، مؤكدا أن بلاده مصممة لتوسيع تلك العلاقات.

وشهدت العلاقات بين أربيل وأنقرة تحسنا في الآونة الأخيرة، بعد أن كانت قد توترت جراء الهجمات التي كان قد نفذها مقاتلو حزب العمال الكردستاني التركي المحظور، انطلاقا من شمال العراق.