الحملات العسكرية تصعب جهود الاستقرار في باكستان

إسلام آباد تحذر من عدم إمكانية تحمل الدولة لأي عملية ضد المسلحين في منطقة القبائل

TT

حذرت وزارة المالية الباكستانية الحكومة من عدم إمكانية تحمل اقتصاد الدولة لأي عملية أخرى عسكرية ضد المسلحين في منطقة القبائل بشمال وزيرستان في حال عدم الحصول على معونات عسكرية واقتصادية. وأبلغ مسؤول رفيع المستوى في وزارة المالية الباكستانية رئيس الوزراء، يوسف رضا جيلاني، رسميا منذ أسبوع قبيل زيارة نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، لإسلام آباد: «يمكن أن تزداد ميزانية الدفاع بشكل مفاجئ في حال بدء مغامرة عسكرية أخرى وهو ما لا يمكن للاقتصاد أن يتحمله».

وقد زار جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي، إسلام آباد الأسبوع الماضي وناقش مع القيادة المدنية والعسكرية الباكستانية إمكانية توغل الجيش الباكستاني في منطقة القبائل في شمال وزيرستان لطرد مقاتلي تنظيم القاعدة وحركة طالبان من المنطقة التي تقع على الحدود مع أفغانستان. وتعتبر قيادة الجيش الأميركي تقويض المسلحين في منطقة القبائل أساس تحقيق النجاح في مقاومة حركة طالبان في جارتها أفغانستان.

وتقول الولايات المتحدة إن منطقة شمال وزيرستان بؤرة الإرهاب العالمي ومصدر أكثر التهديدات الإرهابية لأمن العالم خلال العام الماضي، فضلا عن الاجتماع بين الرئيس الباكستاني زرداري ورئيس الوزراء جيلاني، عقد نائب الرئيس الأميركي لقاءات مع أشفاق برويز كياني، رئيس الأركان الباكستاني، لمناقشة عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال وزيرستان.

وقال مسؤولون باكستانيون إن القيادة الباكستانية أوضحت لنائب الرئيس الأميركي نقص موارد الحكومة الباكستانية اللازمة لشن مثل هذه العملية العسكرية في شمال وزيرستان. وقال أحد المسؤولين الأمنيين: «تتفهم الولايات المتحدة حاليا وضعنا في شمال وزيرستان ولم تعد تضغط علينا». وأضاف أن نائب الرئيس الأميركي عرض تقديم معونة اقتصادية وعسكرية إضافية. وقال مسؤول آخر: «نجح الجانبان في الحد من تباين المواقف بشأن القضايا الرئيسية التي سببت خلافات في الماضي». وحذر وزير المالية الباكستاني الحكومة من احتمال أن تكون العملية العسكرية في منطقة القبائل بشمال وزيرستان هي الأعلى تكلفة حتى هذه اللحظة.

وأوضح وزير المالية الباكستاني في تقرير قدمه مؤخرا إلى رئيس الوزراء أنه في حال تحمل الحكومة الباكستانية تكلفة عملية عسكرية أخرى في شمال وزيرستان، قد تصل نسبة العجز المالي إلى 7.5% من إجمالي الناتج المحلي بدلا من 6.5% بحسب التقديرات.

الى ذلك قال مركز أبحاث إن باكستان حققت مكاسب في مواجهة عنف المتشددين في 2010، لكن الإرهاب في المدن يمثل خطرا متزايدا، والنجاح العسكري لن يحقق الاستقرار ما لم يتم وضع استراتيجية شاملة. ويقول تقرير من المعهد الباكستاني لدراسات السلام، الذي سيصدر اليوم، إن عدد حوادث العنف والإرهاب في باكستان تراجع 11 في المائة في 2010 مقارنة بالعام السابق.

وأضاف المعهد أن عدد الهجمات الانتحارية تراجع 22 في المائة إلى 68 في 2010 مقارنة مع 87 في 2009. لكن المعهد قال إن البلاد لم تطرح بعد استراتيجية سليمة طويلة المدى لمواجهة التشدد. وأضاف أنه وردت أنباء عن وقوع ما يصل إلى 2113 هجوما لمتشددين ومسلحين وهجوما طائفيا في أنحاء البلاد عام 2010، مما أسفر عن سقوط 2913 قتيلا. وتشن الولايات المتحدة حربا على مقاتلي طالبان في أفغانستان منذ نحو عشر سنوات، لكن الكثير من الدول الغربية تعتقد أن باكستان المجاورة تمثل خطرا أكبر.

وتأوي مناطق قبلية للبشتون في شمال غربي باكستان بعضا من أكثر الجماعات المقاتلة في العالم مرهوبة الجانب، منها جماعات تهاجم القوات الغربية في أفغانستان. وأدت الحملات العسكرية إلى تقلص الأموال المتوفرة في خزينة الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة، في حين يتزايد الاستياء العام بسبب الفقر والفساد، مما يصعب جهود تحقيق الاستقرار في البلاد.

وقال المعهد في تقريره الأمني السنوي عن باكستان: «التنسيق الأفضل بين أجهزة المخابرات وبناء قدرات أجهزة إنفاذ القانون، وفرض قيود على تمويل الإرهاب، بل والاهم من ذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الجماعات المتشددة المحظورة من العمل في أنحاء البلاد، ما زالت عناصر غير موجودة. وشن الجيش الباكستاني سلسلة من الهجمات التي تستهدف طالبان في شمال غربي البلاد الذي يعج بالمقاتلين، التي أثرت على أنشطتها».

وقال المعهد إن ارتفاعا حادا في الهجمات التي تشنها الطائرات الأميركية من دون طيار أسهم أيضا في تراجع هجمات المتشددين. لكن المعهد الباكستاني لدراسات السلام قال إن الأمن المستدام ما زال بعيد المنال، بسبب الأداء الأقل من المتواضع لإدارة سياسية ضعيفة تعاني من تحديات مزمنة في سوء الحكم.

وركزت الحملات الأمنية على الشمال الغربي، لكن تزعزع الاستقرار في أكبر المدن الباكستانية والعاصمة التجارية كراتشي يمثل قلقا متزايدا. وإلى جانب العنف السياسي والعرقي وعنف العصابات تواجه السلطات شبكة من الجماعات المتشددة التي وجدت ملاذا آمنا هناك.

وذكر المعهد أنه وردت أنباء عن وقوع ما يصل إلى 93 هجوما لمتشددين أسفرت عن سقوط 233 قتيلا في 2010. وفي هجوم كبير في نوفمبر (تشرين الثاني) دمرت سيارة ملغومة في عملية انتحارية في هجوم من تدبير طالبان مجمعا لإدارة المباحث الجنائية التي كانت تحقق مع متشددين بارزين.

ولقي 18 شخصا على الأقل حتفهم، وأصيب مائة. ومضى المعهد يقول إن مستوى العنف بصفة عامة في كراتشي ارتفع 288 في المائة.