تونس: 3 وزراء من المعارضة يشاركون في الحكومة لأول مرة منذ الاستقلال

الإبقاء على وزراء الداخلية والخارجية والدفاع والمالية.. وتعيين المخرجة السينمائية مفيدة التلاتلي وزيرة للثقافة

فؤاد المبزع الرئيس التونسي المؤقت لدى وصوله إلى مقر رئاسة الحكومة في تونس العاصمة أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلن محمد الغنوشي، الوزير الأول (رئيس الوزراء) التونسي أمس، عن تركيبة حكومة الوحدة الوطنية الجديدة التي ستدير دواليب الإدارة التونسية خلال الشهرين القادمين، حسب ما ينص على ذلك الفصل 57 من الدستور التونسي.

وضمت التشكيلة الحكومية لأول مرة منذ استقلال البلاد عام 1956 ثلاثة وجوه من أحزاب المعارضة، كما تم إلغاء وزارة الاتصال (الإعلام) المتهمة بالوقوف سدا منيعا دون تطور الإعلام التونسي، وفي غضون ذلك لم يتم التطرق لمصير وكالة الاتصال الخارجي التي تطالها نفس الاتهامات.

ووزراء المعارضة الثلاثة هم أحمد نجيب الشابي، الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي، الذي عين وزيرا للتنمية الجهوية والمحلية، وأحمد إبراهيم، الأمين العام لحركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا)، الذي عين وزيرا للتعليم العالي، ومصطفى بن جعفر، الأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، الذي عين وزيرا للصحة.

ويعتبر الشابي من الوجوه السياسية المعروفة على الساحة السياسية المحلية والدولية بمعارضته الشديدة لنظام بن علي بل اعتبر طوال السنوات الماضية احد أهم أعداء النظام القائم. وقاطع حزبه الانتخابات الرئاسية والتشريعية سنتي 2004 و2009، وكان مرشحا للانتخابات الرئاسية لسنة 2009 حيث جعل شعار حملته «لنحيي الأمل»، إلا أن نظام بن علي حور الفصل 40 من الدستور ووضع شروطا مجحفة لم تمكن الشابي من التنافس على منصب رئاسة الجمهورية. أما إبراهيم (64 سنة)، فهو أستاذ جامعي مختص في اللسانيات، ويعتبر من أهم أساتذة هذا المجال بالجامعة التونسية.

وعرف عن إبراهيم معارضته لتوجهات الحزب الحاكم دون أن يسعى إلى التصادم معه، ودون أن يعلن مقاطعته للانتخابات التشريعية والرئاسية. ويعتبر حزبه من أضعف الأحزاب المعارضة تمثيلا في البرلمان التونسي.

أما بن جعفر (68 سنة)، فهو أستاذ جامعي في كلية الطب، مختص في التصوير بالأشعة، تم الاعتراف بحزبه سنة 2003 إلا أنه بقي محاصرا من قبل النظام السابق، ولم يتمكن من دخول البرلمان التونسي، وتم التضييق على أنشطته السياسية والاجتماعية. إلا أن ما يعاب على حزب التكتل هو أنه لم ينجح خلال وجوده القانوني في خلق قاعدة منخرطين فيه لها وزن بين الأحزاب الأخرى، بقدر ما حافظ على انخراط بعض النخب السياسية والاجتماعية من نقابيين وأصحاب مهن حرة على غرار الأطباء والمحامين وفئة من رجال التعليم.

إلى ذلك، حافظ أربعة وزراء تونسيين أساسيين على مناصبهم. ويتعلق الأمر بكمال مرجان وزير الخارجية، وهو مقرب من الرئيس التونسي السابق، وأحمد فريعة، وزير الداخلية، وهو مهندس مشهود له بالكفاءة في مجال التسيير الإداري. وكان الرئيس السابق بن علي قد عينه في هذا المنصب قبل الإطاحة به بأيام. كما حافظ رضا قريرة على موقعه في وزارة الدفاع. وسبق له أن كان وزيرا لأملاك الدولة والشؤون العقارية، وهو من بين الكفاءات الإدارية المعروفة.

وتعتبر هذه الأسماء من بين رموز التجمع الدستوري الديمقراطي، الحزب الذي حكم تونس لوحده مدة 23 سنة، بيد أنها تعتبر أيضا من الكفاءات، حسب عديد الملاحظين، التي لا يمكن الاستغناء عنها في الوقت الحاضر. وشملت التشكيلة الحكومية الجديدة أسماء مثل عفيفي شلبي الذي كلف بقطاع التنمية الإدارية في الحكومة الجديدة، وكان وزيرا للصناعة والمؤسسات الصغرى في عهد بن علي. بينما كان صلاح الدين مالوش، وزير النقل والتجهيز الجديد، وزيرا للتجهيز والإسكان.

وحملت تشكيلة الحكومة الجديدة عدة أسماء شكل تعيينها مفاجأة للوسط السياسي مثل مفيدة التلاتلي وزيرة الثقافة الجديدة، وهي مخرجة سينمائية بالأساس، ومن بين أفلامها: «صمت القصور».

واعتبر مراقبون تعيين التلاتلي وزيرة للثقافة محاولة لإرضاء أوساط الفنانين الذين تعرضوا للضرب والإهانة من قبل قوات الأمن خلال الأيام الأخيرة.

وضمت الحكومة الجديدة أيضا امرأة أخرى هي ليليا العبيدي، التي عينت وزيرة لشؤون المرأة، وهي أستاذة جامعية معروفة بدفاعها عن حقوق المرأة.

إلى ذلك تم تعيين الخبير الاقتصادي المعروف حسين الديماسي وزيرا للتكوين المهني والتشغيل. وسبق للديماسي أن أنجز دراسات مختلفة حول البطالة في تونس، وبلور تصورات عديدة بشأن إيجاد حلول لها، وقدم دوما أرقاما مختلفة عن الأرقام الرسمية.

وتجدر الإشارة إلى أن المشاورات حول تركيبة الحكومة الجديدة دعيت لها العديد من مكونات المجتمع المدني من بينها على وجه الخصوص الأحزاب المعارضة وهي الحزب الديمقراطي التقدمي وحركة التجديد والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، بالإضافة إلى الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والاتحاد العام التونسي للشغل (المنظمة العمالية)، والهيئة الوطنية للمحامين، واتحاد طلبة تونس.

وتضم الحكومة المعلن عنها ثلاثة أمناء عامين لأحزاب معارضة، بالإضافة لبعض الوجوه السياسية والمستقلة التي تتسلم حقائب وزارية لأول مرة. وتضم التشكيلة الحكومية الجديدة 22 وزيرا و16 كاتب دولة (وزير دولة). وهناك 12 وزيرا يتسلمون حقائب وزارية للمرة الأولى وهم على التوالي: مصطفى بن جعفر وأحمد نجيب الشابي وأحمد إبراهيم والأزهر القروي والعروسي الميزوري والطيب البكوش ومفيدة التلاتلي وليليا العبيدي وحسين الديماسي ومحمد علولو وعبد الجليل البدوي، في حين أن عشرة وزراء يعودون لتسلم حقائب وزارية: وهم على التوالي صلاح الدين مالوش، ومنصر الرويسي ومحمد النوري الجويني ومحمد عفيف شلبي ورضا شلغوم وزهير المظفر ومحمد جغام ورضا قريرة وكمال مرجان وأحمد فريعة.

وقال الغنوشي في مؤتمر صحافي إن الحكومة ملتزمة بتكثيف الجهود لإعادة الهدوء والطمأنينة إلى قلوب التونسيين. وأضاف أن الأمن والإصلاح السياسي والاقتصاد تمثل أولويات للحكومة.

وبموازاة الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة، أعلن الغنوشي عن تشكيل لجنة عليا للإصلاح السياسي يرأسها عياض بن عاشور، وهو أستاذ جامعي مختص في القانون الدستوري. وكان عميدا لكلية العلوم القانونية والسياسية باريانة في العاصمة التونسية، إضافة إلى أنه كان عضوا في المجلس الدستوري، الذي سبق له أن قدم استقالته منه سنة 1993 احتجاجا على تعديلات طارئة طالت قانون الجمعيات، كانت تروم تضييق الخناق على العمل الجمعوي في تونس.

كما أعلن عن تشكيل لجنة وطنية لاستقصاء الحقائق حول قضايا الفساد والرشوة، برئاسة عبد الفتاح عمر، الخبير الأممي في مجال حقوق الإنسان. وكان يعمل مقررا للجنة التسامح في منظمة الأمم المتحدة. انتخب في أكثر من مناسبة عضوا في اللجنة الأممية لحقوق الإنسان.

أما اللجنة الثالثة فهي لجنة لاستقصاء الحقائق في التجاوزات المسجلة في الفترة الأخيرة، والتي عين على رأسها توفيق بودربالة، الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع على حقوق الإنسان.

وأعلن الغنوشي أيضا عن قرار إطلاق سراح كل المساجين والموقوفين من أجل أفكارهم أو نشاطهم السياسي. وقال الغنوشي أيضا إن الحكومة ملتزمة بالإفراج عن كل السجناء السياسيين وإنها ستحقق مع أي شخص يشتبه في ضلوعه في قضايا فساد أو تمكن من جمع ثروة كبيرة في عهد الرئيس بن علي.

كما أعلن أنه سيتم إعداد مشروع قانون يتعلق بسن عفو تشريعي عام. ويعتبر هذان المطلبان من بين أهم مطالب الأحزاب السياسية التونسية، والناشطين في المجالات الحقوقية والجمعيات.

كما أعلن عن الاعتراف عاجلا بالأحزاب والمنظمات التي تقدمت بمطلب لمزاولة النشاط السياسي العلني في كنف القانون، هذا إلى جانب رفع المضايقات عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وتمكين جمعية القضاة التونسيين من النشاط بكامل الحرية والاستقلالية.

وقال عادل الشاوش، عضو المكتب السياسي لحركة التجديد، التي تمكنت من دخول الحكومة لأول مرة، «أنا مساند للتشكيلة الحكومية الجديدة، وليس لدي أي اعتراض على الأسماء المشاركة فيها سواء من المعارضة أو من أعضاء الحزب الحاكم القديم».

وتابع: «نريد أن نبني الدولة، وأن نعيد الاستقرار إذ لا يمكن بناء الديمقراطية وتمكين التونسيين من الحرية في ظل الفوضى».

وقال مهدي الطباخ، عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية المعارض، الذي لم يدع إلى التشكيلة الحكومية الجديدة، «إن المناصب السياسية لا تعنينا في وقت الحاضر، والمطلوب حاليا توفير مناخ سياسي مناسب لحياة سياسية مستقلة مطالبة بالإصغاء لمطالب الشعب التونسي على أن تتم المنافسة».

وفي شوارع العاصمة التونسية عبر مواطنون عن شكوكهم، حسب ما ذكرت وكالة رويترز. وقال محمد مشرقي: «نحن لا نثق في هذه الحكومة لأنها تضم نفس الوجوه مثل الغنوشي ومرجان وعلى الأخص فريعه (وزير الداخلية). إنه لم يغير شيئا. يبدو الأمر وكأن نظام بن علي ما زال قائما. لهذا السبب فإن المظاهرات مستمرة في تونس. نريد دولة جديدة لشعب جديد».

وقال تونسي آخر يدعى حسني سيداني: «من الصعب أن نثق بأولئك الناس لأنهم شاركوا في نظام بن علي لكن لم يكن لديهم الشجاعة كي يقولوا له قف. لذا كيف يمكن لهم أن يصنعوا تغييرا نحو الديمقراطية».

وقال آخر من سكان العاصمة يدعى محمد بوزيان: «هؤلاء الناس شاركوا في نظام بن علي. هذا صحيح. الناس لا يريدونهم في الحكومة الجديدة لكن لا يمكن أن نحقق تغييرا تاما. نريد السير نحو الديمقراطية خطوة خطوة».

الحكومة التونسية الجديدة

* محمد الغنوشي - وزير أول (رئيس الوزراء)

* كمال مرجان - وزير الشؤون الخارجية

* الأزهر القروي الشابي – وزير العدل (جديد)

* رضا قريرة - وزير الدفاع الوطني

* أحمد فريعة - وزير الداخلية

* العربي الميزوري - وزير الشؤون الدينية (جديد)

* أحمد نجيب الشابي - وزير التنمية الجهوية والمحلية (جديد)

* أحمد إبراهيم - وزير التعليم العالي والبحث العلمي (جديد)

* مصطفى بن جعفر - وزير الصحة العمومية (جديد)

* محمد جغام - وزير التجارة والسياحة

* الطيب البكوش - وزير التربية (جديد)

* منصر الرويسي - وزير الشؤون الاجتماعية

* الحبيب مبارك - وزير الفلاحة والبيئة (جديد)

* محمد النوري الجويني - وزير التخطيط والتعاون الدولي

* محمد عفيف شلبي - وزير الصناعة والتكنولوجيا

* زهير المظفر – وزير لدى الوزير الأول، مكلف التنمية الإدارية

* رضا شلغوم - وزير المالية

* مفيدة التلاتلي - وزيرة الثقافة (جديدة)

* ليليا العبيدي - وزيرة شؤون المرأة (جديدة)

* صلاح الدين مالوش - وزير النقل والتجهيز (جديد)

* حسين الديماسي - وزير التكوين المهني والتشغيل (جديد)

* محمد علولو - وزير الشباب والرياضة (جديد)

* عبد الجليل البدوي - وزير لدى الوزير الأول

* عبد الحكيم بوراي - الكاتب (الأمين) العام للحكومة كتاب الدولة (وزراء دولة)

* أحمد ونيس - كاتب دولة للشؤون الخارجية

* رضوان نويصر - كاتب دولة لدى وزير الشؤون الخارجية

* نجيب الكرافي - كاتب دولة لدى وزير التنمية الجهوية والمحلية

* فوزية الشرفي - كاتبة دولة لدى وزير التعليم العالي

* رفعت الشعبوني - كاتب دولة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي، مكلف البحث العلمي

* لامين مولاهي - كاتب دولة لدى وزير الصحة العمومية

* عبد الحميد التريكي - كاتب دولة لدى وزير التخطيط والتعاون الدولي

* عبد العزيز الرصاع - كاتب دولة لدى وزير الصناعة والتكنولوجيا، مكلف الطاقة

* سامي الزاوي - كاتب دولة لدى وزير الصناعة والتكنولوجيا، مكلف تكنولوجيات الاتصال

* منصف بودن - كاتب دولة لدى وزير المالية، مكلف الجباية

* أحمد عضوم - كاتب دولة لدى وزير المالية، مكلف أملاك الدولة

* سليم شاكر - كاتب دولة لدى وزير التجارة والسياحة، مكلف السياحة

* أنور بن قدور - كاتب دولة لدى وزير النقل والتجهيز

* سالم حمدي - كاتب دولة لدى وزير الفلاحة

* سليم عمامو، كاتب دولة لدى وزير الشباب والرياضة