صاحب نداء «ثورة الياسمين»: لم أكن أتوقع البتة أن يبلغ صداه العالم بأسره

زياد الهاني يقول إنه تحول إلى عنوان للانتفاضة الشعبية في تونس

طفل تونسي يسلم ورودا لعنصر في الجيش أمس (إ ب أ)
TT

قال زياد الهاني، الصحافي التونسي والناشط الحقوقي المعارض، أمس إنه أطلق نداءه المعنون «ثورة الياسمين» الذي ولدت فكرته في 11 يناير (كانون الثاني) الحالي على مدونته الخميس الماضي قبل حجبها من طرف نظام الرئيس التونسي السابق.

وأكد الهاني لوكالة الصحافة الفرنسية «أنا أول من أطلق نداء ثورة الياسمين ولم أكن أتوقع ألبتة أن يبلغ صداه العالم بأسره».

وأوضح الهاني، وهو عضو في النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، أنه نشر نص النداء على مدونته «يوم الخميس 13 يناير الحالي، غير أن الفكرة ولدت قبل ذلك بيومين، وجاءت ردا على الزميل محمود العروسي، الذي اقترح مواجهة رصاص الأمن بتقديم الورود لقوات الأمن».

وأضاف الهاني «ولدت الفكرة في اجتماع تاريخي لنقابة الصحافيين يوم 11 يناير، حيث دعا العروسي إلى عدم التراجع أمام القمع وتقديم ورود لقوات الأمن، فرددت عليه عبر (فيس بوك) بأن عروش الياسمين أفضل لأنها ترمز إلى تونس».

وتابع «ثم تفاعل الأمر عبر الإنترنت ما دفعني إلى إعداد نداء ثورة الياسمين ونشره يوم الخميس 13 يناير على مدونتي. وكان آخر نص أنشره في المدونة قبل حجبها من نظام بن علي ثم كان أول نص أنشره بعد زوال الرقابة».

وكثيرا ما تستخدم عروش الياسمين عنوان الصفاء والحميمية والمحبة لدى التونسيين، في حملات إشهار للسياحة في تونس. وكانت عدة ثورات في العالم استخدمت زهورا مختلفة رمزا لها.

وأوضح الهاني أن لا علاقة لهذه التسمية بما كان أطلقه صحافيان فرنسيان في كتاب «صديقنا بن علي» في وصف تولي بن علي السلطة في 1987.

وزياد الهاني من الناشطين المعارضين المعروفين في تونس في المجالين الحقوقي والإعلامي، وقد رفع الكثير من القضايا ضد السلطات التي رفضت بالخصوص منحه رخصة إذاعة، وضد وكالة الإنترنت التي حجبت عشرات المرات مدونته «صحافي تونسي».

وكان الهاني معارضا شرسا لنظام بن علي. وقد اقتحم مع خمسة صحافيين آخرين في 31 ديسمبر (كانون الأول) وزارة الداخلية للاحتجاج على عرقلة عمل الصحافيين في تحرك جريء لم يكن حينها معهودا في تونس.

* نص نداء «ثورة الياسمين»

* «ما أروعك يا شعب وما أعظمك..

بكل عنفوانك. بكل اقتدارك وبكل أصالتك. ورغم جرحك المفتوح النازف دما.

رفضت أن تختزل مأساتك وغضبتك في مجرد المطالبة بحقك في الشغل ولقمة العيش..

بل أعلنتها هادرة مدوية يتردد صداها في كل أرجاء الأرض: الشعب لا يهون ولا يهان! والكرامة قبل الخبز أحيانا.. ما أروعك يا شعب تونس وما أعظمك.. اعتقدوا فيك الجبن والذل. وكنت دائما تسخر من اعتقادهم.. صبور أنت يا شعب. وأعظم ما فيك صبرك. وها أنت تفهمهم اليوم بأن الجبن ليس من طبعك. وبأن للصبر حدودا وسورا اسمه الكرامة.. خطؤهم القاتل أنهم استصغروك ونهبوك واعتقدوا أنهم من خلال الترهيب والتخويف قادرون على تركيعك. لكنك سفهت أحلامهم. ورج هديرك قلاع الفاسدين وعروشهم الخاوية..

أين مؤسسات الدولة؟ أين القانون؟ أين دستور البلاد؟ أين البرلمان ومن يفترض فيهم أنهم نواب الشعب؟ أين القضاء المستقل العادل؟ أين الجمهورية وكل الحقوق التي أنتجها جهاد التونسيين وتضحياتهم؟ كلها عناوين صورية هزيلة لا تتجاوز قيمتها الفعلية قيمة الحبر الذي كتبت به. وحده الجيش حافظ على مصداقيته وعلى تعبيره عن روح الشعب وكيانه. لذلك رحب به المواطنون حيث ما حل واعتبروه حاميا وسندا ونصيرا..

والمطلوب اليوم لإصلاح الأوضاع في تونس ليس مجرد إجراءات معالجة شكلية. بل إعادة ثقة الناس في مؤسسات الدولة. مطلوب اليوم إصلاح جذري في النظام السياسي للبلاد يعيد للدولة هيبتها وللقانون حرمته وللمواطن اعتباره. ويقطع دابر الفساد والمفسدين.. وحتى يتحقق ذلك. لا بد للاحتجاجات السلمية أن تتواصل.. وإذا كانت السلطة لم تدخر أي جهد لإظهار المتظاهرين في صورة الملثمين المجرمين وقطاع الطرق تشويها لصورتهم أمام العالم. ولم تستنكف من إطلاق رصاص القنص الحي عليهم.. وفي الوقت الذي تتلاحق فيه مواكب الشهداء الأكرم منا جميعا. فليكن ردنا على الرصاص والعنف الوحشي المسلط علينا. قطوف ياسمين نرفعها ونهديها لأبناء الشعب الذين أوكلوهم لقمعنا.. فعلينا أن لا ننسى بأن هؤلاء الأعوان هم أبناؤنا. وبأن مكانهم الطبيعي هو أن يكونوا إلى جانبنا.. فكرامة التونسيين واحدة! وحلمهم واحد! وما من قوة في الأرض يمكنها أن تصد إرادتهم في الكرامة والحرية..

تحيا تونس.. تحيا الجمهورية ـــ زياد الهاني».