مراقبو الجامعة العربية: «سلبيات» في استفتاء الجنوب «لم تؤثر على سلامة العملية»

الأوروبيون يشيدون بالنزاهة.. ويعتبرون أن الانفصال بات «شبه أكيد»

رئيسة مراقبي الاتحاد الأوروبي فيرونيك دي كايزر أثناء مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلنت بعثة جامعة الدول العربية لمراقبة استفتاء حق تقرير مصير جنوب السودان، أمس، أنها رصدت بعض «السلبيات» خلال إجراء الاستفتاء، إلا أنها اعتبرت أن هذه السلبيات «لم تؤثر على سلامة العملية». كما أكد وزير الداخلية السوداني إبراهيم محمود حامد أن «الانفصال بين الشمال والجنوب سيكون انفصالا سياسيا فقط»، مؤكدا أن السودانيين فوتوا الفرصة على الذين كانوا يتوقعون حصول أحداث دموية بسبب استفتاء تقرير المصير، وأن الشعب السوداني أحبط آمال وتوقعات الكثيرين الذين كانوا يرجون أن يتم الاستفتاء على حق تقرير المصير في ظل مجازر ودماء»، مبينا أن «الشعب أثبت أنه على قدر عال من التحضر والالتزام، وأنه يسوس أموره بكل ثقة واحترام للحقوق والاتفاقيات».

ومن جهته، قال السفير علاء الزهيري المنسق العام للبعثة في بيان صادر عن هذه البعثة من جوبا عاصمة جنوب السودان، إن البعثة رصدت بعض «السلبيات» مثل «صغر سن بعض المقترعين، والتباين في عدد المسجلين في بعض المراكز عن العدد المسجل في قوائم المفوضية، ووجود مظاهر للدعاية داخل بعض مراكز الاقتراع من قبل بعض موظفي المراكز والمراقبين المحليين». إلا أن البيان وبعد أن عدد «الإيجابيات» التي رافقت عملية الاستفتاء، أكد أنه «رغم هذه السلبيات تؤكد بعثة الجامعة العربية أنها لا تؤثر على سلامة العملية التي اتسمت بقدر كبير من الشفافية والنزاهة وجاءت في اتساق مع المعايير الدولية بما يدفع نحو احترام النتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع». ودعت بعثة الجامعة العربية مؤخرا إلى «ضرورة إجراء حوار إيجابي وبناء يستهدف حل كافة القضايا العالقة وقضايا ما بعد الاستفتاء».

كما اعتبر مركز كارتر لمراقبة الاستفتاء أن هذا الاستفتاء «كان بشكل عام متوافقا مع المعايير الدولية»، وأكد أن الانفصال بات «شبه أكيد». وجاء في بيان صدر عن المركز أمس «بشكل عام فإن عملية الاستفتاء حتى هذه المرحلة كانت ناجحة، والاستفتاء جاء مطابقا للمعايير الدولية».

وأضاف المركز «استنادا إلى المعلومات الأولية المتعلقة بنتائج فرز الأصوات، يبدو من شبه المؤكد أن النتائج هي لصالح الانفصال».

وأعلنت مفوضية الاستفتاء أن أكثر من 3.25 مليون ناخب من أصل 4 ملايين مسجلين شاركوا في الاستفتاء. ومن المحتمل صدور نتائج أولية غير مكتملة خلال الأيام القليلة المقبلة، في حين أنه من غير المتوقع صدور النتائج النهائية قبل النصف الأول من فبراير (شباط) المقبل.

من جهتها أعلنت رئيسة مراقبي الاتحاد الأوروبي فيرونيك دي كايزر أن الاستفتاء جرى بشكل «سلمي وسليم». وأضافت في مؤتمر صحافي عقدته في الخرطوم «في حال كان علي أن ألخص انطباعي عن طريقة سير الاستفتاء أقول: الاقتراع كان حرا وسلميا مع مشاركة كاسحة».

وتابعت «نتوقع أن تتخطى نسبة المشاركة بكثير الـ60 في المائة المطلوبة لاعتماد نتائج الاستفتاء»، مشيرة إلى أن نسبة المسجلين قبل أشهر بلغت نحو 80 في المائة.

وأشارت مع ذلك إلى حصول «حالات معزولة من الترهيب» من قبل مسؤولين أمنيين تابعين للحكومة في بعض مراكز الاقتراع. وأشادت دي كايزر بتصرف المسؤولين في الشمال والجنوب على حد سواء خلال الاستفتاء، وأعربت عن اقتناعها بأنه «سيتم التعبير عن الإرادة الحرة للشعب السوداني» عبر نتائج هذا الاستفتاء.

وتألفت بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الأوروبي من 110 مراقبين قاموا بنحو 1260 زيارة إلى نحو 800 مركز اقتراع في شمال وجنوب السودان. وكانت دي كايزر نفسها قادت بعثة المراقبة الأوروبية إلى السودان خلال الانتخابات السودانية العامة التي جرت في أبريل (نيسان) الماضي. وكان مركز كارتر ومعه الاتحاد الأوروبي اعتبرا أن هذه الانتخابات العامة لم تصل إلى مستوى «المعايير الدولية» لجهة الديمقراطية. كما أعلن يوسف نزيبو رئيس بعثة المراقبة التابعة للمنظمة الحكومية للتنمية (إيقاد) التي تضم 6 دول في شرق أفريقيا «أن عملية الاستفتاء كانت حرة ونزيهة وذات مصداقية». وكانت منظمة «إيقاد» رعت مفاوضات السلام التي وضعت حدا للحرب في السودان عام 2005 وأوقعت أكثر من مليوني قتيل. كما أظهرت التقارير والتصريحات التي صدرت عن مؤسسات أو شخصيات أوروبية، وجود قناعة لدى بروكسل بأن عملية الاستفتاء التي جرت لتقرير مصير الجنوب كانت سلمية وبمصداقية، وجاء في مسودة بيان للبعثة الأوروبية التي كانت مكلفة بمراقبة عملية الاستفتاء أن «بعثة تقييم الانتخابات التابعة للاتحاد الأوروبي تقيم عملية الاستفتاء في جنوب السودان بأنها ذات مصداقية ومنظمة تنظيما جيدا وفي مناخ سلمي في الأغلب». ومن جهتها، رحبت الحركة الشعبية لتحرير السودان أمس بالإشادة التي صدرت عن عدد من المراقبين لجهة تمتع الاستفتاء بمعايير النزاهة الدولية، وأعلنت أنها تنتظر إعلان النتائج من قبل مفوضية الاستفتاء.

وقال الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان باقان أموم لوكالة الصحافة الفرنسية «نحن مسرورون لأن المراقبين الدوليين والمحليين توصلوا إلى خلاصة مفادها أن الاستفتاء كان حرا وذا مصداقية وشفافا».

وختم أموم قائلا «لقد أخذنا العبر من الانتخابات الأخيرة، وقد دعا رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير الأحزاب السياسية المعارضة في الجنوب في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى العمل معا لإنجاح الاستفتاء بشكل حر وشفاف وسلمي»، مضيفا أن «الاستفتاء جاء نتيجة هذا التعاون».