خصوم باراك في الوزارة يسارعون إلى الاستقالة استباقا لإقالتهم

انسحاب باراك من حزب العمل يتسبب في هزة سياسية بإسرائيل

TT

استبق وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، نية حزبه بالإطاحة به واستقال وأربعة من رفاقه من الحزب وأسس حزبا جديدا دعاه حزب «الاستقلال»، محدثا بذلك هزة مجلجلة في الخريطة السياسية من شأنها أن تقضي على وجود حزب العمل، مؤسس الدولة العبرية وقائد الحركة الصهيونية عبر أكثر من قرن من الزمان، ويتوقع أن تحدث تغييرات في أحزاب أخرى. وسيكون لهذه التغييرات تبعات على المفاوضات السياسية أيضا.

أعلن باراك، في مؤتمر صحافي، أنه وأربعة من نواب حزب العمل ووزرائه قرروا الانسحاب من الحزب «لأن عددا من قادته المؤثرين يحاولون جره إلى اليسار المتطرف من دون حرص على مكانته وعلى دوره في خدمة الدولة العبرية». والمنسحبون مع باراك هم نائبه في وزارة الدفاع، متان فلنائي، والرفيق المخلص له منذ دخوله إلى عالم السياسة وزير الزراعة شالوم سمحون، والنائبتان الشابتان، عينات ويلف وأوريت نوكيد. وحرص باراك على التذكير بأنه ليس أول قائد سياسي في إسرائيل يترك حزبه، فهنالك ديفيد بن غوريون، وبعده شيمعون بيريس وأرييل شارون. وأما سمحون فاعتبر هذه الخطوة «ثورة داخلية على التطرف اليساري لحزب العمل، الذي كان يهدد بتدميره». وحدد موقع الحزب الجديد في الخريطة السياسية على أنه «حزب صهيوني وطني مركزي، ما بين الليكود يمينا وكديما يسارا».

واتضح أن هذه الخطوة تمت بالتنسيق الكامل بين باراك ورئيس الوزراء الليكودي، بنيامين نتنياهو. فعندما طرحت القضية على جدول أعمال لجنة الكنيست، أمس، بعد ساعة واحدة من إعلان باراك الانسحاب، صادقت اللجنة خلال دقائق معدودة على انفصال هذه الكتلة والاعتراف بها، مع العلم بأن مثل هذه الخطوة تحتاج عادة إلى إجراءات طويلة. وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في موقعها الإلكتروني أمس، أن نتنياهو أمر مساعده للشؤون الحزبية، نتان إيشل، بأن يقدم كل مساعدة ممكنة لضمان تنفيذ هذا الانسحاب بشكل سلس ومن دون عقبات برلمانية.

خصوم باراك اتهموه بأنه، بهذه الخطوة، يساعد نتنياهو على إفشال المفاوضات مع الفلسطينيين، فرد عليهم قائلا إن انسحابه من الحزب يشكل خطوة إيجابية في العملية السياسية مع الفلسطينيين، وأضاف: «هنالك أمور جارية في العملية السلمية، يرى رئيس الحكومة نتنياهو أن هذا ليس الوقت المناسب للإعلان عنها. واستمرارها يحتاج إلى هدوء سلمي داخل الحكومة. ولكنها جهود جدية لتحقيق السلام». ووعد باراك بأن يرى الجمهور نتائج هذه النشاطات في القريب.

وقال مصدر مقرب من نتنياهو إن خطوة باراك هذه ستعطي دفعة لعملية السلام. وذكر بأنه كان قد عبر عن ضيقه من أسلوب وزراء حزب العمل في التخريب على المفاوضات عدة مرات. وكان نتنياهو قد هاجم وزراء «العمل» في جلسة الحكومة، أول من أمس، عندما قال إن تهديدات وزراء حزب العمل بالاستقالة من الحكومة على خلفية ما يسمى بـ «الجمود السياسي» هي المسبب لعدم جاهزية الفلسطينيين للعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل.

وعلى أثر ذلك، وعندما تبين أنه وفق خطة باراك ونتنياهو، سيصدرالأخير قرارات لإقالة وزراء حزب العمل من حكومته ومنح اثنين من مناصبهم الوزارية إلى الحزب الجديد ومنصب ثالث إلى شخصية من حزب الليكود، سارع الوزراء بنيامين بن أليعازر (وزير البنى التحتية) وأبيشاي برافرمان (وزير الأقليات) ويتسحاق هيرتسوغ (وزير الرفاه) إلى تقديم استقالاتهم. ومع أنهم يعرفون أنهم تلقوا ضربة قاصمة في خطوة باراك هذه، فقد خرجوا بتصريحات تهدئ من روع أعضاء الحزب. فقال بن أليعازر إن حزب العمل شهد تطورات كهذه في الماضي وعرف دائما كيف ينهض ويتقدم. وقال هيرتسوغ إن الحزب تخلص من الانتهازيين وأصبح أقل حجما ولكن أكثر صحة. وقال برافرمان إن لديه خطة لإعادة ترميم الحزب، وتوجه إلى بن أليعازر لكي يتولى رئاسة الحزب فورا مكان باراك ويعمل على توحيد صفوف من تبقى فيه؛ «فهؤلاء يشكلون خيرة المخلصين في السياسة الإسرائيلية»، كما قال.

في حين اعتبر عدد من قادة حزب العمل الميدانيين توحيد الحزب مهمة مستحيلة. وأشاروا إلى أن هناك عددا من نوابه بدأوا اتصالات مع أحزاب أخرى للانضمام إليها. وقال النائب إيتان كابل، إن باراك ورفاقه دمروا حزب العمل نهائيا.