اليمن: شاب يضرم النار في جسده.. والسلطات تلوح بالعصا الأمنية في وجه المظاهرات

تفريق مظاهرات للحراك الجنوبي وطلاب جامعة صنعاء.. وانهيار مبنى فوق رأس ساكنيه بالعاصمة

رجال إنقاذ يمنيون ومدنيون يبحثون عن ناجين في الركام الذي نتج عن انهيار مبنى في العاصمة صنعاء أمس (أ.ب)
TT

انضم الشاب اليمني سليم العمراني، أمس، إلى قافلة الشباب العربي الذي يحرق نفسه بسبب الأوضاع المعيشية التي تمر بها بعض البلدان العربية، في الوقت الذي لوحت فيه السلطات اليمنية بالعصا الأمنية لمواجهة أي مظاهرات في البلاد.

وذكرت المصادر المحلية أن الشاب العمراني، والبالغ من العمر 25 عاما، أضرم النار أمام منزله في مدينة رداع بمحافظة البيضاء الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء. وأرجعت المصادر إقدام الشاب على هذا العمل إلى بطالته وظروفه المعيشية الصعبة. ويعد العمراني أول مواطني يمني يحرق نفسه بعد أن أحرق عدد من الشباب أنفسهم في الجزائر، ومصر، وموريتانيا، إضافة، طبعا، إلى تونس التي انطلقت منها شرارة هذه الظاهرة بإحراق الشاب محمد البوعزيزي نفسه، مما أشعل ثورة شعبية، كما توصف، أدت إلى الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي. وتقول مصادر يمنية إن العمراني نقل إلى المستشفى الجمهوري في صنعاء ولا يزال في «العناية المركزة»، نظرا لحالته الصحية الصعبة.

وشهدت صنعاء، أمس، ولليوم الرابع على التوالي، مظاهرات شعبية وأخرى طلابية بدعوة من منظمات المجتمع المدني، وذلك لتأييد التحرك الشعبي التونسي، ومرت جل المظاهرات بسلام باستثناء مظاهرة لطلاب جامعة صنعاء، كبرى الجامعات اليمنية الحكومية، تظاهر فيها مئات الطلاب، في حين تحول الحرم الجامعي إلى ثكنة عسكرية وأمنية. ونفس الحال واجهه متظاهرون في مديريات محافظات عدن، وهي المديريات التي تقع داخل المدينة وليس خارجها، حيث فرقت قوات الأمن هناك مظاهرة للمئات من أنصار الحراك الجنوبي، في وقت متأخر من مساء أمس وأول من أمس، واعتقلت أجهزة الأمن العشرات من المشاركين في المظاهرة.

في هذه الأثناء، حذرت وزارة الداخلية اليمنية من القيام بأي مسيرات أو مظاهرات «غير مرخصة»، وقال مصدر أمني في الوزارة إن حرية إقامة المظاهرات والمسيرات مكفولة في اليمن، حسب النظام والقانون، لكن «شريطة ألا تتعارض مع الدستور وأحكام قانون تنظيم المظاهرات والمسيرات والقوانين النافذة في الجمهورية اليمنية»، وأشار المصدر إلى أن «قانون تنظيم المظاهرات والمسيرات رقم 39، لسنة 2003 حدد الإجراءات الواجب اتباعها لتنظيم المظاهرات التي يقصد بها التعبير عن رأي أو التظاهر السلمي بما لا يتعارض مع الدستور والقوانين النافذة، وألزم الجهة الداعية للمظاهرة بضرورة الحصول على موافقة الجهة المختصة من خلال تقديم بلاغ قبل وقت لا يقل عن ثلاثة أيام من تاريخ بدء المظاهرة أو المسيرة، لتتولى الجهة المختصة حماية المظاهرة في حدود القوانين النافذة».

وقال المصدر الأمني في وزارة الداخلية اليمنية إن القانون اليمني منح الجهات الأمنية «صلاحيات فض المظاهرة أو المسيرة إذا خرجت عن الهدف المحدد، أو وقعت أعمال شغب، وإذا ألقيت في المظاهرة خطب أو هتافات تدعو إلى الفتنة، فضلا عن تحديده عقوبات تطبق في حال المخالفة سواء للداعين أو المشتركين في المظاهرة أو المسيرة، ومن تلك العقوبات الحبس أو الغرامة»، وأهابت الداخلية اليمنية بـ«جميع الإخوة المواطنين التعاون في تنفيذ القانون، وعدم الانخراط أو الاستجابة لأي دعوات توجه بهذا الشأن للمشاركة في أي مظاهرات أو مسيرات تنظم بصورة مخالفة للقانون»، محذرا، في الوقت ذاته، من أن أي إقامة أو تنظيم أي مظاهرة «دون اتباع الإجراءات القانونية، والحصول على الموافقات اللازمة، يعد محظورا بموجب القانون، وسيخضع المخالفون لذلك للمساءلة القانونية»، ومن أن الوزارة «لن تتهاون في الحفاظ على أرواح المواطنين وممتلكاتهم، وستقوم بالتعامل بحزم وباتخاذ الإجراءات القانونية المكفولة لها بموجب الدستور والقانون تجاه المخالفين أو المخلين بالأمن العام والسكينة العامة».

على صعيد آخر، تواصلت ولأكثر من أسبوع، حتى الآن، المواجهات في مدينة الحبيلين، مركز مديريات ردفان، بمحافظة لحج الجنوبية، بين قوات الجيش ومسلحين يعتقد أنهم ينتمون للحراك الجنوبي، وأصيب، أمس، ستة أشخاص من أسرة واحدة في قصف مدفعي للجيش على منطقة القشعة في لحج، وذلك بعد إصابة أكثر من 20 شخصا اليومين الماضيين في بعض المديريات، إضافة إلى سقوط قتلى وجرحى من النساء والأطفال.

ويواصل الجيش اليمني حصار مدينة الحبيلين وبعض المناطق في لحج، في ظل مواجهات ليلية بين المسلحين والقوات العسكرية المرابطة في أطراف المدن. وتقول السلطات اليمنية إن مسلحين من الحراك الجنوبي يتحصنون داخل المدن وهم «من الخارجين عن القانون» ومطلوبون لأجهزة الأمن.

في موضوع آخر، انهارت بناية سكنية في العاصمة صنعاء فوق رؤوس ساكنيها. وتتكون هذه البناية من 5 طوابق قديمة، وهي تعود إلى العميد طيار في القوات الجوية، عبد الله صالح الكميم، ويسكن فيها مع أبنائه وزوجاتهم وأطفالهم.

وتواصل وحدات الدفاع المدني، ومنذ الثالثة من صباح أمس، عمليات الإنقاذ لسكان البناية الذين يعتقد أن عددهم يتجاوز العشرة، وحتى مساء أمس تمكنت فرق الإنقاذ من انتشال 4 من السكان، قبل نقلهم إلى المستشفى، وهم صاحب المنزل وطفله وشخصان آخران، فيما تواصلت عمليات الإنقاذ. وحسب السلطات المختصة فإن سبب انهيار المبنى يرجع إلى قدمه إضافة إلى مساهمة محطتي تقوية لشركتي هاتف نقال فوق المبنى في ذلك.