تواصل الاحتجاجات على وزراء الحزب الحاكم.. و«التكتل الديمقراطي» ينسحب

القضاء التونسي يفتح تحقيقا ضد بن علي وزوجته وعائلتيهما على خلفية تهريب أموال.. والإفراج عن جميع السجناء السياسيين

الاف التونسيين عادوا الى الشارع امس في تونس العاصمة للاحتجاج على عودة وزراء من الحزب الحاكم التابع للرئيس السابق زين العابدين بن علي الى الحكومة الجديدة (إ.ب.أ)
TT

تواصلت أمس في تونس الاحتجاجات المطالبة بالتخلص من الوزراء السبعة المحسوبين على التجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم)، وتركزت المطالبة بالخصوص على زهير المظفر، الوزير لدى الوزير الأول المكلف بالتنمية الإدارية، ورفع المتظاهرون لافتات معادية له كتب عليها «زهير المظفر.. ترزي (خياط) دساتير بن علي».

وشارك في المسيرات السلمية التي ضمت المئات من المتظاهرين الذين انتشروا في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة التونسية، وبدت الأوضاع أنها لم تهدأ بعد، وأن المطالبة باستئصال وزراء الحكم السابق من الحكومة الجديدة، متواصلة في كامل تراب البلاد.

وكانت قوات الأمن، على غير ما وقع أول من أمس، حيث استعملت القنابل المسيلة للدموع، تراقب الوضع دون أن تسعى لتفريق المتظاهرين بالقوة، في حين لم يأبه بعض التونسيين لتلك المسيرات، وواصلوا اقتناء حاجياتهم من المواد الغذائية.

وفي سياق ذلك، أعلنت السلطات التونسية أمس تخفيف حظر التجول «بسبب تحسن الأوضاع الأمنية».

ونقلت وكالة الأنباء الحكومية عن مصدر مسؤول أنه «تقرر خفض مدة حظر التجول»، اعتبارا من اليوم (أمس).

وأضاف أن منع التجول أصبح يطبق «من الساعة 20:00 (19:00 بتوقيت غرينتش) مساء إلى الساعة 05:00 (04:00 بتوقيت غرينتش)».

وكان منع التجول قد فرض أولا في 12 يناير (كانون الثاني) الحالي من الساعة 20:00 (19:00 بتوقيت غرينتش) وحتى الساعة 5:30 (4:30 بتوقيت غرينتش) «بسبب الاضطرابات وأعمال النهب والاعتداءات على الأفراد والممتلكات».

وفي محاولة لطمأنة الناس، وللتدليل على مواصلة أجواء المصالحة الوطنية، أطلقت السلطات التونسية سراح 1800 سجين من سجناء الحق العام، الذين لا تتعدى مدة عقوبتهم ستة أشهر، وذلك بمختلف سجون الجمهورية.

إلى ذلك، تأجل الاجتماع الوزاري الأول للحكومة الانتقالية التونسية الذي كان من المقرر أن يعقد أمس، وذلك لاستمرار مطالبة المتظاهرين في عدة مدن بإبعاد أعضاء الإدارة السابقة عن السلطة. وقالت مصادر لوكالة الأنباء الألمانية إنه تم إرجاء الاجتماع إلى اليوم. ولم تذكر أي أسباب.

وحول استقالة الوزراء الثلاثة الممثلين للاتحاد العام التونسي للشغل (اتحاد عمالي)، قال عبد الجليل البدوي، الوزير لدى الوزير الأول في الحكومة الجديدة لـ«الشرق الأوسط»: إن الاتحاد العام قرر بصفة نهائية عدم الدخول إلى الحكومة الحالية، وأنه طالب رئيس الوزراء بتلبية مجموعة من المطالب، من بينها حل الشعب والجماعات المهنية بالمؤسسات الاقتصادية، وهي شعب وجماعات أقامها التجمع الدستوري الديمقراطي (الحاكم سابقا)، كما طالب بتجميد الأرصدة المالية للرئيس السابق، وضرورة الفصل بين الدولة والأحزاب السياسية، إلى جانب إشراك اتحاد الشغل في اللجان الثلاث التي تم الإعلان عنها.

وقال البدوي: إن الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد ستجتمع غدا الجمعة، للنظر في المطالب المقدمة لرئيس الحكومة، ومدى الاستجابة لها.

ومن جهته، تسلم أحمد نجيب الشابي، الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي أمس، مهامه على رأس وزارة التنمية الجهوية والمحلية، وسط جدل كبير في أوساط أعضاء الحزب حول جدوى مواصلته الانضمام لحكومة يشاركه فيها بعض ألد أعدائه. بينما أعلن حزب التكتل الديمقراطي للعمل والحريات المعارض أمس رسميا «انسحابه من الحكومة»، التي عين فيها أمينه العام مصطفى بن جعفر، وزيرا للصحة.

وقال خليل زاوية عضو المكتب السياسي للحزب، لوكالة الصحافة الفرنسية، إثر اجتماع قيادة الحزب: «قررنا الانسحاب من الحكومة الحالية وعدم المشاركة» فيها، و«نطالب بمفاوضات جديدة لتشكيل حكومة جديدة».

وفي غضون ذلك، تم الاعتراف في الأيام الثلاثة الأخيرة بثلاثة أحزاب معارضة تونسية، كانت محظورة في عهد الرئيس بن علي.

ومن جهته، قال الوزير الشابي لـ«رويترز»: إن تونس أطلقت سراح جميع السجناء السياسيين الباقين أمس، ومن بينهم أعضاء حركة النهضة الإسلامية المحظورة.

وقال الشابي: كل السجناء السياسيين أفرج عنهم اليوم (أمس). وسئل إن كان من بينهم أعضاء حركة النهضة الإسلامية المحظورة، فقال: «لم يعد هناك أي سجناء من النهضة في السجون».

وأفرجت تونس أمس أيضا عن الصحافي فاهم بوكدوس، 40 عاما، بعد أن ألغت حكما يقضي بسجنه مدة أربع سنوات نافذة، صدر بحقه في عهد الرئيس السابق بن علي.

وقال بوكدوس، في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية: «خرجت اليوم (أمس) من السجن وأنا آخر صحافي سجين في عهد الطاغية بن علي، أنا سجين رأي.. خرجت من السجن بفضل ثورة الشعب التي أطاحت بالطاغية».

وأضاف الصحافي، الذي كان يعمل مراسلا لقناة «الحوار التونسي» الفضائية (تبث من خارج تونس)، وموقع «البديل» الإلكتروني الناطق باسم حزب العمال الشيوعي التونسي، وهما وسيلتا إعلام معارضتان لنظام الرئيس المخلوع، أن سجنه «جاء انتقاما منه على نشاطه الصحافي» مع القناة والموقع المذكورين.

ويأتي الإفراج عن بوكدوس بعد أن أعلن الوزير الأول التونسي محمد الغنوشي، مؤخرا أن «حكومة الوحدة الوطنية»، التي تتولى مؤقتا تسيير شؤون البلاد ستفرج عن جميع المساجين السياسيين وسجناء الرأي في البلاد.

وكانت محكمة الاستئناف بمحافظة قفصة (450 كلم جنوب العاصمة تونس) قد أصدرت في السادس من يوليو (تموز) الماضي حكما قضائيا غيابيا بسجن بوكدوس أربع سنوات من أجل «نشر معلومات من شأنها تعكير صفو النظام العام»و «المشاركة في وفاق إجرامي»، وهي تهم وصفها الصحافي ومنظمات حقوقية تونسية ودولية بـ«الملفقة».

ونددت منظمات حقوقية دولية بإصدار حكم غيابي على بوكدوس، على الرغم من أنه كان مقيما بالمستشفى (في الفترة ما بين 2 و14 يوليو 2010) للتداوي من تعفن في الرئتين ونقص حاد في الأكسيجين بالدم.

وقال محامون إن إصدار حكم غيابي على شخص مريض ومقيم بالمستشفى يعد «خرقا» للقانون التونسي الذي ينص على وجوب تأخير النظر في قضية كل متهم تمنعه أسباب قاهرة، مثل المرض أو الإقامة بالمستشفى من حضور المحاكمة. واعتقلت السلطات التونسية الصحافي المريض فور مغادرته المستشفى يوم 15 يوليو 2010، وأودعته السجن تنفيذا للحكم القضائي الصادر بحقه.

وأكدت مصادر حقوقية لـ«الشرق الأوسط» أن السلطات أفرجت أمس عن عبد الرحمن التليلي، الأمين العام السابق للاتحاد الديمقراطي الوحدوي المعارض (حزب ذو توجه قومي عربي).

وكانت محكمة الاستئناف بتونس قد قضت بسجن التليلي مدة 9 سنوات، وأداء غرامة مالية قدرها 42.7 مليون دينار تونسي (نحو 27.773 مليون يورو)، ووجهت له تهمة استغلال النفوذ عندما كان مديرا عاما لديوان الطيران المدني (مؤسسة حكومية).

وقالت المصادر ذاتها إن عبد الله القلال، رئيس مجلس المستشارين، الذي طرده التجمع الدستوري الديمقراطي من عضويته أول من أمس، إلى جانب سبعة آخرين من الأعضاء، من بينهم الرئيس المخلوع، غادر تونس، وذكرت بعض الأنباء غير المؤكدة أنه توجه إلى قطر، في محاولة للإفلات من المطالبين بمحاكمته.

وأعلنت جمعية هيئة القضاة التونسيين أمس في بيان لها أنها استرجعت مقر الجمعية بقصر العدالة بتونس، وذلك عن طريق وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس، وبحضور رئيس المحكمة.

وأكدت الجمعية في بيان لها «أنها تعتبر استرجاع المقر خطوة مهمة في اتجاه استرجاع الثقة العامة في القضاء»، داعية أبناء الشعب التونسي إلى الذود عن مقرات المحاكم والمؤسسات القضائية، وحمايتها من أعمال العنف والتخريب للحيلولة دون إتلاف أدلة المحاسبة والمساءلة، وحفاظا على سلامة الأرواح البشرية وحجج المتقاضين وسنداتهم».

كما دعت الهيئة جميع القضاة إلى العودة لأداء وظائفهم لتأمين استمرارية الدولة وتحقيق العدالة، مؤكدة استعداد القضاة للعمل مع الهيئة الوطنية للمحامين على تحقيق استقلالية القضاء والمحاماة.

الى ذلك فتح القضاء التونسي أمس تحقيقا ضد الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي وعائلتيهما، لتهريبهما أموالا إلى الخارج، وفق ما ذكره مصدر رسمي لوكالة الأنباء التونسية، التي قالت: «علمنا من مصدر موثوق أنه تم الإذن في فتح بحث لدى قاضي التحقيق، لتتبع الجرائم المتعلقة باقتناء أشياء حسية منقولة وعقارية موجودة بالخارج ووضع تحت نظام آخر من العملات كانت قبل ذلك مرسمة بحساب مفتوح بالخارج، ومسك وتصدير عملة أجنبية بصفة غير قانونية» ضد كل من بن علي وزوجته وشقيقها بلحسن الطرابلسي، الذي يوصف بأنه الرمز الأول للفساد في العهد السابق، ومحمد صخر الماطري، صهر بن علي (زوج ابنته).

وأضافت الوكالة أن الملاحقة القضائية ستشمل أيضا «بقية أشقاء وأصهار ليلى الطرابلسي وأبناء وبنات أشقائها وشقيقاتها وكل من يثبت التحقيق ضلوعه في مثل هذه الجرائم». وكانت تقارير صحفية غربية ذكرت في وقت سابق أن الأموال التي تم تهريبها من تونس منذ وصول بن علي إلى الحكم سنة1987 وحتى سنة 2008، فاقت 13 مليار دولار، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية. وقدرت مجلة «فوربس» الثروة الشخصية للرئيس التونسي السابق بنحو 5 مليارات دولار. من جهة أخرى، قدم الهادي الجيلاني، صهر الرئيس التونسي المخلوع (ابنته متزوجة من أحد أقارب الرئيس) استقالته من رئاسة المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وذلك خلال اجتماع بتونس العاصمة، أمس. ويستعد المكتب التنفيذي للمنظمة لإعادة توزيع المسؤوليات.

أحزاب تونس بعد سقوط بن علي

* في ما يلي لائحة بأبرز القوى السياسية الحاضرة في تونس خلال المرحلة الانتقالية الديمقراطية التي انطلقت بعد سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 يناير (كانون الثاني) الحالي، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

* التجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم سابقا).

الأمين العام: زين العابدين بن علي (مقال).

الانتخابات الرئاسية 2009: 89.62 في المائة من الأصوات. فاز بـ161 مقعدا في مجلس النواب في الانتخابات التشريعية عام 2009.

المعارضة الموالية لبن علي

* حركة الديمقراطيين الاشتراكيين:

موالية للحكومة وذات توجه اجتماعي ديمقراطي.

الأمين العام للحزب: إسماعيل بولحية.

الانتخابات الرئاسية: لم يترشح. فاز بـ16 مقعدا خلال الانتخابات التشريعية عام 2009.

* حزب الوحدة الشعبية:

يتبنى النهج الاشتراكي.

الأمين العام: محمد بوشيحة.

الانتخابات الرئاسية 2009: 5 في المائة من الأصوات.

الانتخابات التشريعية 2009: 12 مقعدا.

* حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي:

(قومي - عربي).

الأمين العام: أحمد اينوبلي.

الانتخابات الرئاسية 2009: 3.8 في المائة من الأصوات.

الانتخابات التشريعية 2009: 9 مقاعد.

* الحزب الاجتماعي التحرري:

الأمين العام: منذر ثابت.

الانتخابات الرئاسية 2009: لم يترشح.

الانتخابات التشريعية 2009: 6 مقاعد.

* حزب الخضر للتقدم:

الرئيس الحالي: منجي الخماسي.

الانتخابات الرئاسية 2009: لم يترشح.

الانتخابات التشريعية 2009: 6 مقاعد.

المعارضة المناهضة للحكومة:

* الحزب الديمقراطي التقدمي: (يساري).

الأمينة العامة: مية الجريبي.

الانتخابات الرئاسية 2009: لم يترشح.

الانتخابات التشريعية 2009: 0

* التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات: (حقوقي).

الرئيس: مصطفى بن جعفر (وزير الصحة في الحكومة الانتقالية الجديدة الذي علق مشاركته.

الانتخابات الرئاسية 2009: لم يترشح.

الانتخابات التشريعية 2009: 0

* حركة التجديد:

(يسار - وسط).

الأمين العام: أحمد إبراهيم.

الانتخابات الرئاسية 2009: 1.57 %.

الانتخابات التشريعية: مقعدان.

المعارضة المحظورة في عهد بن علي

* النهضة (إسلامي).

الزعيم الحالي: راشد الغنوشي.

* المؤتمر من أجل الجمهورية: (يساري علماني).

الزعيم الحالي: منصف المرزوقي.

* حزب الشيوعي للعمال التونسيين:

(توجه شيوعي).

الزعيم الحالي: حمة الهمامي.

* حزب تونس الخضراء (تم الاعتراف به من طرف الحكومة الانتقالية).

(توجه بيئي).

رئيسه الحالي: عبد الرزاق الزيتوني.

* الحزب الاشتراكي اليساري (تم الاعتراف به من قبل الحكومة الانتقالية). (يساري).

الزعيم الحالي: محمد الكيلاني.

* حزب العمال الوطني الديمقراطي (اعترفت به الحكومة الانتقالية). (توجه وسط يسار).

الرئيس الحالي: عبد الرزاق الهمامي.