عميد المحامين التونسيين لـ«الشرق الأوسط»: خطر انهيار الدولة ما زال قائما

نقابته رفضت المشاركة في حفل تنصيب الحكومة

TT

رفض عميد المحامين التونسيين عبد الرزاق الكيلاني المشاركة في تنصيب الحكومة التونسية الجديدة أمس بعد التشاور مع نقابته التي أسهمت في الاحتجاجات الدامية الأخيرة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن استمرار رموز النظام السابق في هذه الحكومة يدفع البلاد للمجهول، محذرا من خطر انهيار الدولة، واشتعال الأحداث مجددا رغم مظاهر الهدوء التي يقول المراقبون إنها بدأت تعود للشارع التونسي عقب احتجاجات دامية استمرت نحو شهر وشاركت فيها نقابة المحامين بقوة، وانتهت بخروج الرئيس زين العابدين بن علي من البلاد يوم الجمعة الماضي.

وحذر الكيلاني، عقب اتصالات مع وزير العدل الجديد الذي كان عميدا للمحامين التونسيين في السابق، من خطر انهيار الدولة في الوقت الحالي، قائلا عبر الهاتف من العاصمة التونسية إن النقابة اعتذرت عن حضور حفل تنصيب هذه الحكومة.

وأضاف الكيلاني تعليقا على عدم الاستقرار السياسي في البلاد عقب الثورة التونسية التي أسقطت رئيس الدولة والحكومة يوم الجمعة الماضي: «الحكومة الانتقالية تضم وزراء غير مرغوب فيهم من العهد السابق، مطلبنا هو تشكيل حكومة إنقاذ وطني من أجل تسيير عمل مؤسسات الدولة».

وقال الكيلاني إنه تلقى صباح أمس اتصالا من وزير العدل دعاه فيه لحضور تنصيب الحكومة الجديدة، لكنه أوضح أنه بعد التشاور مع مجلس نقابة المحامين تقرر عدم المشاركة ومقاطعة حفل التنصيب احتجاجا على وجود وجوه قديمة في التشكيلة الجديدة للحكومة الانتقالية.

ودعا الكيلاني إلى «تشكيل حكومة إنقاذ وطني، واستشارة كل الطوائف التونسية الفاعلة، بما يمكن أن يؤدي إلى البناء الصحيح» من أجل تحقيق الاستقرار وتأمين المستقبل.

وعما إذا كانت مثل هذه الدعوات التي تطلقها عدة قوى تونسية كانت عمادا للثورة التي شهدتها تونس طول نحو شهر يمكن أن تتحقق، قال الكيلاني: «نأمل في تحقيق هذا من أجل عودة مؤسسات الدولة للعمل.. ونظرا للوضع الراهن، فإنني أحذر من أن خطر انهيار الدولة سيظل قائما، ويمكن أن يدخل البلاد في المجهول».

وأشار عميد المحاميين إلى أن الوضع الأمني في الشارع التونسي بدا خلال يوم أمس هادئا، وقال: «الوضع الأمني حاليا يسميه البعض وضعا هادئا، لكن المظاهرات متواصلة، وأخشى من تفاقم الأوضاع، إن لم تتشكل حكومة إنقاذ وطني»، معربا عن رفض المحامين التونسيين لاستمرار رموز الحزب الحاكم في الحكومة والوزارات السياسية.

وأضاف الكيلاني: «أداة الديكتاتورية، وهو الحزب الحاكم، ما زالت باقية. الديكتاتورية لم تذهب. رموز النظام السابق ممثلة بصفة كبيرة في هذه الحكومة. الشعب اليوم يلتزم الحذر، خاصة بعد انتكاسة الديمقراطية التي تعرض لها عام 1987»، في إشارة إلى ما يقول تونسيون إنها وعود لم تتحقق بالديمقراطية وحرية التعبير قدمها قبل نحو عقدين الرئيس بن علي عند خلافته للرئيس السابق الحبيب بورقيبة.

والتقى عبد الرزاق الكيلاني الوزير التونسي الأول محمد الغنوشي، قبل خروج بن علي من البلاد، وبعد خروجه منها نهاية الأسبوع الماضي. وقال الكيلاني إنه تحدث خلال تلك اللقاءات «عن حاجة البلاد اليوم للوحدة الوطنية التي لا يمكن أن تتحقق إلا إذا جلس كل الفرقاء التونسيين على طاولة واحدة.. هذا ما طالبت به الوزير الأول، لكن لم يتم استدعاء هؤلاء (الفرقاء)، وبالطبع هذا يشكل عائقا يحول دون أن تحظى الحكومة الجديدة بالرضا الوطني».

وأضاف الكيلاني فيما يتعلق بمخاوف بعض المراقبين من استغلال التيار الإسلامي السلفي للوضع الراهن، قائلا: «إن الثورة التونسية التي تجلت يوم الجمعة الماضي.. هي ثورة الشباب والشعب، ولا يمكن أن تحسب على أي جهة»، مشيرا إلى أن الشعب التونسي أصبح يتمتع بدرجة كبيرة من النضج، وقال: في اعتقادي غير صحيح بالمرة أن التيار الإسلامي يمكن أن يسيطر وحده على الأوضاع.

وزاد الكيلاني موضحا: «التيار الإسلامي موجود وهو واقع في تونس، لكن ليس هو الذي أحدث هذه الثورة.. صحيح أن التيار الإسلامي كان أحد التنظيمات السياسية التي تم قمعها طوال فترة حكم بن علي، لكن هم في اعتقادي أحد مكونات هذا الشعب الذين يجب التعامل معهم، وأن يدخلوا اللعبة الديمقراطية».

ومن المعروف أن المحامين كانوا أحد اللاعبين الأساسيين في استمرار الاحتجاجات بالشارع التونسي فيما أصبح يعرف باسم «ثورة الياسمين». وقال عميد المحامين التونسيين: «كنا بودنا ألا تسيل دماء أبرياء.. الثمن كان باهظا»، مشيرا إلى أن دور النقابة خلال الفترة الماضية يشهد على ما تقوم به من أجل الحرية والديمقراطية حتى في ظل نظام بن علي.. «نبهنا في السابق لخطورة المحاكمات السياسية التي تعرض لها السياسيون. وأوصلنا رسالة بأن البلاد تعيش تحت ظل نظام قمعي يفتقر لأبسط حقوق المواطنة العادلة».