محاولات الانتحار حرقا مستمرة في مصر والجزائر وتمتد إلى رومانيا

لأسباب بعضها طلب مساكن والنقل من الوظيفة.. ورومانيان يحرقان نفسيهما

TT

استمرت ظاهرة محاولة الانتحار حرقا تقليدا للشاب التونسي مشعل شرارة الاحتجاجات هناك، وتواصلت في الجزائر ومصر وامتدت حتى إلى رومانيا نتيجة مطالب معيشية.

وفي مصر التي شهدت نحو 5 حالات حرق نفس، حاول مواطن مصري بمدينة الإسماعيلية (شرق القاهرة) إحراق نفسه و14 فردا من أولاده وأحفاده الذين يسكنون معه، وقام بسكب الكيروسين بالفعل على بعض أفراد الأسرة، قبل أن يتمكن جيرانه من السيطرة عليه ومنعه بالقوة، وذلك احتجاجا على قرار أصدره محافظ الإسماعيلية يقضي بإخلاء نحو 120 أسرة بالقوة الجبرية من منازلهم ونقلهم إلى مساكن أخرى للإيواء؛ نظرا لسوء حالة المساكن. كما شهدت القاهرة محاولة أخرى للانتحار حرقا، أقدم عليها شاب أمام مبنى المحافظة، وذلك لعجزه عن توفير مسكن عقب زواجه مؤخرا.

وقال شهود عيان إن المواطن عبده خطاب (55 عاما)، شرع في سكب الكيروسين على نفسه وأولاده وأحفاده عقب تلقيه تعليمات من موظفي حي الشهداء بالإسماعيلية، بإخلاء مسكنه ضمن أربع عمارات بالحي، يقطنها نحو 120 أسرة.. ولكن جيران المواطن تمكنوا من الحيلولة بينه وبين ذلك بالقوة، حيث قاموا بإخفاء عبوات الكيروسين وعبوات الثقاب منه.

من جانبه، قال خطاب إنه وسكان العمارات أرسلوا عدة استغاثات للرئيس المصري وإلى لجنة السياسات بالحزب الوطني (الحاكم)، يطالبونهم فيها بالتدخل لمنع تنفيذ قرار المحافظ الذي يعصف بهم وبأولادهم. وأكد خطاب أن المحافظ يهدف من وراء قراره لإقامة حديقة وكافيتريات كمشروع استثماري بالمحافظة، بحسب قوله.

وأشار عبده إلى أنه وزوجته وأولاده وأحفاده يسكنون في شقة لا تزيد مساحتها عن 45 مترا، وأنه يتقاضى معاشا تقاعديا شهريا من الدولة تبلغ قيمته 140 جنيها (نحو 25 دولارا) فقط، وذلك بعد إصابته بعجز أقعده عن العمل كإسكافي.

وشهدت ذات الواقعة احتجاجا من الأهالي المضارين بالقرار، نحو 120 أسرة، اعتصموا بالطريق معلنين امتناعهم عن تنفيذه مهما كانت العواقب، منتقدين تراخي وتجاهل أعضاء البرلمان عن دائرتهم، والمنتمين إلى الحزب الوطني (الحاكم)، للمشكلة.

وأرجع المواطنون رفضهم الانتقال إلى مساكن بديلة لارتفاع إيجارها بما لا يتناسب مع إمكاناتهم المادية، وضيق مساحتها عن مساكنهم الحالية، إضافة إلى أنهم يمتلكون بالفعل المساكن التي صدر بشأنها القرار. ومن جهته، أكد اللواء عبد الجليل الفخراني محافظ الإسماعيلية، بجلسة المجلس المحلي لمحافظة الإسماعيلية الأخيرة، أن العمارات المذكورة آيلة للسقوط طبقا للتقارير الهندسية، وأن المحافظة وفرت وحدات سكنية بمدينة المستقبل لسكان العمارات بنفس مساحة الشقق التي يقطنونها وبذات القيمة الإيجارية، حرصا على عدم تحملهم أية أعباء مالية.. مضيفا أنه من المقرر أن تقام حديقة مفتوحة (محل المساكن المقرر إزالتها) لخدمة أهالي المنطقة.

وفي القاهرة، أقدم شاب حديث الزواج على الانتحار حرقا أمام مبنى محافظة القاهرة، وذلك عقب عجزه عن توفير مسكن مناسب للزوجية.

وأفادت مصادر أن شابا يدعى حازم عبد الفتاح (35 عاما)، حاول إضرام النار في جسده، وذلك بسكب زجاجة من البنزين على نفسه أمام مبنى محافظة القاهرة، إلا أن رجال الأمن المنوط بهم حراسة المبنى نجحوا في منعه من تنفيذ ما أراد.

وأشارت التحقيقات الأولية إلى أن الشاب كان قد تقدم بطلب إلى المحافظة للحصول على إحدى الشقق المخصصة للشباب بمشروعها الإسكاني، إلا أن طلبه قوبل بالرفض لعدم انطباق الشروط عليه، وهو ما دفعه لإتيان فعلته.

في الوقت ذاته أحالت شركة «مصر للطيران» موظفها الذي هدد بإحراق نفسه أمام مبنى نقابة الصحافيين، للشؤون القانونية.

وقال مصدر مسؤول داخل الشركة حسب وكالة الأنباء الألمانية إن الموظف، محمد عاشور، أحيل للشؤون القانونية لأنه «أساء للشركة» وحاول «استغلال الظروف التي يمر بها الوطن العربي مؤخرا للحصول على مزايا إضافية».

وأضاف المسؤول: «لقد اندهشنا من تصرف محمد عاشور، موظف الأمن بالشركة، لابتزاز المسؤولين بها، للتراجع عن قرار نقله لفرع آخر تنفيذا لقرارات تأديبية بعدما صدر منه من أخطاء تهدد سلامة الركاب، حيث فشل في أداء مهمته كضابط أمن مرافق لرحلات الشركة وكان آخرها رحلة قادمة من الكويت».

وأوضح المسؤول أن عاشور يتقاضى 4600 جنيه كراتب شهري، وأنه توجه لمقر عمله بالشركة بعد وقفة احتجاجية لـ«مساومة المسؤولين وإملاء شروطه».

من جانبه، قال الموظف: «إنني فعلت ذلك لشعوري بالظلم من رئيس الأمن بالشركة الذي نقلني أكثر من مرة من القطاعات التي كنت أعمل بها؛ حيث تم نقلي دون إبداء أسباب من قطاع المعلومات إلى قطاع الأمن، ثم أمن المنشآت وأخيرا أمن البضائع» وأضاف: «لم أحصل على دورات، أو تصريح بالعمل في هذا القطاع وأتوجه بنداء لوزير الطيران للتدخل وحل مشكلتي». كان عاشور هدد مساء الثلاثاء بحرق نفسه أمام مبنى نقابة الصحافيين بقلب القاهرة، غير أن شقيقه منعه من الإقدام على ذلك.

وفي الجزائر حاول أب لستة أبناء إضرام النار في نفسه أمس في مدينة الواد في أقصى الشرق الجزائري قرب الحدود مع تونس، كما أفاد صحافيون محليون، مما يرفع عدد محاولات الانتحار حرقا التي شهدها هذا البلد مؤخرا إلى ثمانية. وقالت المصادر حسب وكالة الصحافة الفرنسية إن عفيف حضري (37 عاما) وهو يعمل منذ ثلاث سنوات بائعا جوالا في السوق المركزية في المدينة دخل في مشادة مع شرطي أراد منعه من عرض بضاعته في السوق تنفيذا لأمر إداري بمكافحة التجارة غير المرخص بها. وعلى الأثر عمد البائع الجوال إلى صب البنزين على نفسه إلا أنه لم يتمكن من إشعال النيران لأن المحيطين به نجحوا في منعه من ذلك كما أفاد الصحافيون المحليون.

وهذه ثامن محاولة انتحار بالنار تشهدها الجزائر منذ السبت الماضي عندما أضرم الشاب بوترفيف محسن النار في نفسه أمام مقر بلدية بوخضرة في محافظة تبسة (630 كلم شرق العاصمة) على الحدود التونسية.

وفي رومانيا ذكرت وكالة «ميديا فاكس» للأنباء أمس أن رومانيين اثنين أقدما على الانتحار عن طريق إحراق نفسيهما بسبب ظروفهما السيئة.

وقد قام أب (31 عاما) لديه ثلاثة أطفال بسكب بنزين على نفسه وأشعل فيها النيران في قرية في منطقة فاسلوي بشرق البلاد. وقال الرجل إنه حاول الانتحار لأنه غير قادر على إطعام أطفاله.

وتمكن الجيران من إخماد النيران ولكن الرجل أصيب بحروق شديدة في أنحاء جسده. وقد أدخل للمستشفى ولم تعرف حالته على الفور. في حين قام رجل آخر مشرد بإضرام النيران في نفسه عندما منع من دخول ملجأ في زالاو. وتم إخماد الحريق بسرعة وأصيب الرجل بإصابات طفيفة.

وكان آلاف الرومانيين قد تظاهروا في سبتمبر (أيلول) الماضي احتجاجا على الإجراءات التقشفية الحكومية التي تضمنت تسريحا لعدد من الموظفين الحكوميين وزيادة قيمة الضريبة المضافة ورفع سن التقاعد.