البشير يطالب القمة بإلغاء الديون في إطار تحفيز السلام والعمران

علي صالح يدعو للإسراع في إنشاء السوق العربية المشتركة

الجلسة الافتتاحية لمؤتمر القمة الاقتصادية العربية في شرم الشيخ (رويترز)
TT

اختتمت القمة الاقتصادية العربية الثانية بمنتجع شرم الشيخ أمس، بتعهد القادة العرب بـ«التعامل بفكر جديد» لتحقيق الأمن الغذائي العربي والالتزام بالاستراتيجيات التنموية في كل المجالات وتأمين الموارد المائية.

وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الدعوة لقادة الدول العربية للمشاركة في القمة الاقتصادية الثالثة التي ستعقد في المملكة العربية السعودية في يناير (كانون الثاني) 2013، خلال كلمة ألقاها بالإنابة عنه الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية رئيس وفد المملكة، في القمة العربية الاقتصادية بشرم الشيخ أمس.

وقال الرئيس المصري حسني مبارك، رئيس القمة الاقتصادية: إن «السلام والتنمية العربية الشاملة آتيان لا محالة، على الرغم من التحديات والصعاب»، مشددا على أن قضية التشغيل في العالم العربي تعتبر على رأس الأولويات. وأضاف في كلمته أمام القمة: «إننا نصنع مستقبل الأمة بفكر الشباب العربي وسواعده»، داعيا إلى بلورة رؤية عربية مشتركة للتعامل مع الأزمات العالمية والتخفيف من تداعياتها على الشعوب العربية. وأشار الرئيس المصري إلى أن مشاريع البنى التحتية على المستوى العربي من شبكات الطرق والكهرباء والاتصالات متطلب رئيسي لتعزيز التعاون في ما بين الدول العربية وللتنمية الشاملة في هذه البلدان، قائلا: إنه «لا سبيل أمامنا سوى تشجيع القطاع الخاص ومنحه دورا رئيسيا في تنفيذ هذه المشاريع». وطالب الرئيس مبارك الأمين العام لجامعة الدول العربية بدعوة ممثلي هذه المؤسسات والصناديق لاجتماع حول الأسلوب الأمثل لتحقيق هذه المساهمة ولإرساء وتفعيل هذه الشراكة الضرورية «كي نرقى على أرض الواقع لمستوى طموحنا للمستقبل»، مؤكدا أن الشباب العربي «هم أغلى ما نمتلكه من ثروات وموارد، حيث يمثلون أكثر من 25 في المائة من سكان العالم العربي، وبفكرهم وسواعدهم سنصنع مستقبل أمتنا ونضع علاماته ونبني قواعده».

ويشارك في القمة الاقتصادية الثانية قادة عشر دول هي، إضافة إلى مصر، الجزائر والسودان والعراق واليمن والكويت وقطر وجيبوتي والصومال وجزر القمر، بينما تمثل بقية الدول بمستويات أقل. وقال أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي رأست بلاده القمة الاقتصادية العربية الأولى العام قبل الماضي: إن قمة الكويت وضعت اللبنة الأولى لتعاون اقتصادي تنموي فعال، داعيا إلى مواصلة الجهود والعمل سويا على تقويم الخلل وحل المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها الدول العربية والتركيز في الاجتماعات العربية المقبلة على تجسيد هذه الرؤية، التي قال إنها تعد علاجا ناجعا لكثير من المشكلات والاحتقانات التي يعاني منها عالمنا العربي اليوم. وأدان الشيخ صباح الأحمد الصباح، العملية الإجرامية التي قامت بها عناصر إرهابية بالاعتداء على إحدى الكنائس في مدينة الإسكندرية المصرية ليلة رأس السنة، وراح ضحيتها «عشرات القتلى والجرحى من الأبرياء، مستهدفة تماسك النسيج الاجتماعي للشعب المصري الشقيق، وبث روح الفرقة والشقاق بين أفراده».

وخيمت ظلال «ثورة الياسمين» التونسية على القمة، بتحذير أطلقه الأمين العام للجامعة عمرو موسى، من أن «المواطن العربي في حالة غضب وإحباط غير مسبوق». وقال موسى في كلمة: إنه يود أن «يشير إلى الهزات المجتمعية التي تتعرض لها المجتمعات العربية»، موضحا أن «ما يحدث في تونس من ثورة ليس أمرا بعيدا عن موضوع هذه القمة، أي التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودرجة توازنها وتصاعدها وشموليتها وحسن توزيعها».

وتابع «كما أنه ليس بعيدا عما يدور في أذهان الجميع من أن النفس العربية منكسرة بالفقر والبطالة والتراجع العام في المؤشرات الحقيقية للتنمية، التي تزخر بالإشارة إليها تقارير دولية وتقارير الأمم المتحدة بصفة خاصة». وأشار إلى أن كل ذلك «يضاف إلى المشكلات السياسية التي لم نستطع حل أغلبها ولم تتمكن القوى الكبرى من حسن إدارتها ولم تكن قد زادتها تعقيدا وأوردتها موارد الفشل، فأدخلت المواطن العربي في حالة غضب وإحباط غير مسبوقة». واعتبر موسى أن «ما نحتاج إليه بكل قوة هو أن نحدد عنوان المرحلة، ونحن على أبواب عقد جديد، والعنوان في رأيي هو كلمة النهضة».

وأدانت القمة الاقتصادية العربية بشرم الشيخ أمس محاولات «الترويع الإرهابي» التي شهدتها المنطقة العربية مؤخرا، تحت ذرائع طائفية أو مذهبية أو عرقية تتناقض مع التراث الأصيل للمنطقة العربية، وأعربت القمة في الوقت نفسه عن رفضها محاولات دول وأطراف خارجية التدخل في شؤون الدول العربية بدعوى حماية الأقليات في الشرق، «الأمر الذي يعكس غيابا مؤسفا لإدراك طبيعة الأعمال الإرهابية». وقال بيان أصدرته القمة التي شارك فيها عدد من الزعماء والقادة العرب بشأن مكافحة الإرهاب والتدخلات الخارجية: إن «الملوك والرؤساء العرب المجتمعين في القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، وبعد استعراضهم للوضع العربي العام والتطورات والتحديات المختلفة، التي تواجهها المجتمعات العربية داخليا وخارجيا، يعربون عن إدانتهم الكاملة لمحاولات الترويع الإرهابي التي شهدتها المنطقة العربية مؤخرا واتخذت لنفسها ذرائع طائفية أو مذهبية أو عرقية تتناقض مع التراث الأصيل للمنطقة العربية، التي كانت مهدا للحضارات ومهبطا لجميع الرسالات السماوية ورائدا لإرساء ثقافة التعايش بين أتباع الديانات السماوية لقرون طويلة».

من جانبه، دعا الرئيس العراقي جلال طالباني، القادة والزعماء العرب في شرم الشيخ أمس لحضور القمة العربية ببغداد المقرر لها الشهر بعد المقبل، مشددا على ضرورة صياغة استراتيجيات التنمية بمساعدة القطاع الخاص.

وأكد الرئيس العراقي أن القمة العربية الاقتصادية بشرم الشيخ و«بهذا المستوى الرفيع، إنما تدل على إدراك للدور المتعاظم للاقتصاد في عالمنا المعاصر الذي يشهد ترابط وتداخل عمليات التنمية بمختلف أنحاء العالم».

وأعرب الرئيس السوداني عمر البشير، في كلمته أمام القمة عن التزامه بنتائج استفتاء الجنوب، وأعلن ارتياحه لـ«استقرار الأوضاع في جنوب السودان وشماله»، وقال إن بلاده تتطلع لأن تقوم القمة العربية الاقتصادية بإلغاء الديون في إطار تحفيز السلام والعمران.

وأكد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح على أهمية الإسراع بإنشاء السوق العربية المشتركة وإنشاء صندوق عربي للتنمية الاقتصادية وإيجاد آليات فعالة تضمن انتقال العمالة العربية بين البلدان بعضها ببعض، داعيا في تصريح للصحافيين على هامش القمة العربية الاقتصادية، التي انطلقت أمس بشرم الشيخ، إلى ضرورة إقامة المشاريع الاقتصادية والاستثمارية المشتركة، ومنها مشاريع الطاقة والربط الكهربائي بين البلدان العربية ومشاريع الطرق والسكك الحديدية وغيرها من المشاريع التي تخلق مصالح حقيقية للشعوب العربية وتربطها ببعض.