فضيحة غالانت تعيد التوتر إلى قيادة الجيش الإسرائيلي

احتمال قوي لعرقلة تعيينه رئيسا لأركان الجيش بعد الكشف عن أنه سطا على أراض عامة وكذب في التحقيق

TT

عاد التوتر إلى قيادة الجيش الإسرائيلي عقب المعلومات التي كشف عنها في اليومين الأخيرين في فضيحة رئيس الأركان الجديد، يوآف غالانت. وذكرت مصادر موثوقة أن الجنرالات الذين كانوا قد عارضوا تعيين غالانت، لكنهم رضخوا لقرار الحكومة، يطلون برؤوسهم من جديد، مطالبين بإعادة النظر فيه وفحص إمكانية فتح باب التنافس على المنصب مرة أخرى. في غضون ذلك، حذرت مصادر مقربة من غالانت ونصيره، وزير الدفاع، إيهود باراك، من خطورة هذه التطورات على أمن إسرائيل قائلين، إن «هذه أفضل فرصة يمكن لأعداء إسرائيل استغلالها لضربها».

وكانت قضية غالانت قد وصلت إلى محكمة العدل العليا، بناء على طلب هيئة شعبية تسعى لضمان نزاهة الحكم في إسرائيل وعدم انتخاب مخالفين للقانون في مناصب مهمة. وتوجهت الهيئة المذكورة إلى المحكمة بطلب منع تنصيب غالانت رئيسا للأركان، لأنها اكتشفت أنه سيطر على قطع من الأراضي العامة بطرق غير شرعية:

أولا: قطعة أرض مساحتها 350 مترا مربعا مقابل بيته يستغلها كموقف سيارات له ولزواره، علما بأن مساحة الأرض التي يقوم عليها بيته تبلغ 5 آلاف متر مربع. ثم شق «طريق هرب» على حساب قطعة أرض أخرى من وراء البيت، لدوافع أمنية اضطرارية.

وثانيا: قطعة زراعية أخرى مساحتها 35 دونما منحت له رغم أنه يعمل في الجيش، وحتى هذه لم تكفه فضم إليها 28 دونما أخرى من دون إذن من أحد.

وثالثا: خلال التحقيق مع غالانت، لم يقل الحقيقة كاملة عن الموضوع. والجديد الذي وصل إلى النيابة هو الاشتباه بأنه كذب على لجنة التحقيق عندما سئل عن هذه المواضيع.

وكان غالانت قد برر هذا التصرف على أنه غير مقصود وأنه فعل مثل جيرانه، فسيطر على الأرض في المنطقة بدوافع بريئة وتعهد بإعادة القطعتين. فقرر المستشار القضائي للحكومة الدفاع عنه في المحكمة.

ولكن تطورا جديدا في الموضوع أبلغت عنه النيابة، قبل يومين، وطلبت أن تعطى مهلة 10 أيام للتدقيق فيه. وتبين أن وراء المعلومات الجديدة ومختلف عناصر هذه الفضيحة، يقف وزير معروف باستقامته، هو مخائيل إيتان (من حزب الليكود)، لذلك أخذت بجدية بالغة. وقد قررت المحكمة منح النيابة مهلة لفحص المعلومات والرجوع إليها بنتيجة الفحص في موعد لا يزيد على الأول من فبراير (شباط) المقبل، علما بأن المفترض أن يتسلم غالانت منصبه بعد ذلك بأسبوعين. ومع أن باراك اعتبر المسألة شكلية وقال إنه يعتقد أن غالانت سيمارس صلاحياته في المنصب من دون أي إشكالية لأنه بريء، فإن المدعين من هيئة نزاهة الحكم شككوا في ذلك وقالوا إن هناك شبهات قوية لتصرف مفسود لدى غالانت. وأعربوا عن أملهم في أن تستجيب المحكمة لدعواهم وتلغي تعيينه. ثم سارعوا إلى استصدار قرار رسمي من المحكمة بتجميد تعيينه، لكن المحكمة رفضت وقالت إن هناك متسعا من الوقت لبحث القضية ولا حاجة للتجميد.

وتثير هذه القضية توترا في قيادة الجيش الإسرائيلي، حيث إن هناك إمكانية واقعية لعرقلة تسلم رئيس الأركان منصبه. وفي هذه الحالة سيكون من الطبيعي أن يبقى غابي أشكنازي رئيسا للأركان، إلى حين يبت في المعضلة. لكن باراك يرفض هذه الإمكانية بقوة. ويطرح بديلا آخر هو أن يتولى نائب رئيس الأركان الجديد، يائير نافيه، المنصب بشكل مؤقت أو يتولاه نائب رئيس الأركان الحالي، بيني غينتس، المفترض أن ينهي مهامه سوية مع أشكنازي. وفي كل الأحوال، فإن هذه الحلول المؤقتة تتسبب في إرباك شديد للجيش والحكومة وهم يخشون من تدهور مفاجئ في الأوضاع الأمنية في غياب رئيس للأركان بكامل الصلاحيات. ولكن هناك من يخشى من تدهور معاكس، كأن يبادر باراك إلى تدهور عسكري في المنطقة «يحرق» أوراق كل معارضي غالانت ويؤدي إلى تسلمه منصبه بعملية مغلفة بالضرورات الأمنية.

ومن الواضح أن باراك ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يبذلان جهودا خارقة لضمان الإبقاء على غالانت، ليس فقط لأنه مرشحهما المفضل وحسب، بل لأنه يشاطرهما الرأي في الموضوع الإيراني. فهو واحد من مجموعة قليلة العدد من جنرالات الجيش الذين يشاطرونهما الرأي بضرورة تهديد إيران بالضربات العسكرية إذا ما واصلت نشاطها النووي.

يذكر أن باراك سارع في التخلص من أشكنازي، لأنه يختلف معه في الرأي حول إيران. واختار غالانت بالذات على هذه الخلفية.